«تجريد الحوثي من مخالبه الاقتصادية»، هكذا لخص خبراء يمنيون قرارات الحكومة اليمنية مؤخراً بنقل مؤسسات مدرة للإيرادات من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.
بعد القرارات المصرفية والمالية المباشرة التي اتخذها المركز الرئيسي للبنك المركزي اليمني في عدن، بدأت مؤسسات حكومية كوزارة الاتصالات، بالتحرك لفرض قرار نقل مقرات شركات الهاتف المحمول من صنعاء إلى عدن، تلاه قرار بنقل وكالات السفر وشركة طيران اليمنية.
وكانت قرارات نقل البنوك التجارية، ومنع تداول العملة المالية القديمة المطبوعة ما قبل عام 2016، بداية لانفراط عقد القرارات المصيرية لخنق مليشيات الحوثي في أهم مواردها التي تمدها بالحياة والاستمرار في حرب اليمنيين.
وكان قرار وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في الحكومة اليمنية بإلزام نقل مقرات شركات الهاتف المحمول المعتمدة من صنعاء إلى عدن، أحد فصول تلك القرارات المصيرية، التي تسبق معركة باتت على الأبواب، وفق خبراء.
ودعا المجلس الانتقالي الجنوبي، الثلاثاء، مجلس القيادة الرئاسي والحكومة إلى سرعة إنفاذ قرارات البنك المركزي عدن، والقرارات الوزارية الأخيرة في الجانب الاقتصادي، واستكمال نقل مؤسسات وأجهزة الدولة إلى العاصمة عدن.
وأكد الانتقالي في بيان أن "التأخر في خوض المعركة الاقتصادية ضد مليشيات الحوثي الإرهابية، لن يكون مرفوضًا فقط، بل سيمثل ضربة حقيقية للشراكة القائمة".
تجريد الحوثي من مخالبه
يقول الخبير اليمني بالشؤون الاقتصادية، ماجد الداعري إن "هذه القرارات ونقل مقرات شركات الاتصالات ماليا وفنيا وإداريا إلى عدن، وقبلها قرارات البنك المركزي، جميعا تأتي في إطار توجه حكومي بضوء أخضر من المجتمع الدولي ودول التحالف لتجريد الحوثي من كل مخالبه الاقتصادية".
وأضاف الداعري في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن "القرارات تسعى لوقف الموارد الحكومية التي كانت تذهب إلى مليشيات الحوثي، وتمول حروبه العبثية على الشعب اليمني ودول الجوار، وتشكل خطرا على البحر الأحمر والسفن وما يتعلق بالهجمات على حركة الملاحة الدولية".
ويرى الخبير اليمني أن "القرارات تملك بعداً آخر يكمن في إعادة إحياء الشرعية من الناحية الاقتصادية؛ لأن أكبر مشكلة تواجه الشرعية حالياً هي الأزمة الاقتصادية الخانقة وانهيار الاقتصاد في المناطق المحررة".
وبالتالي، فالشرعية بحاجة ماسة لإيجاد موارد وإعادة تعويضها عن النفط والغاز المتوقف عن التصدير إثر هجمات الحوثي من خلال تحسين مواردها من المؤسسات الإيرادية كالضرائب والجمارك والاتصالات والانترنت ومؤسسات وزارة النقل، بحسب الداعري.
وأشار إلى أن "كلها موارد كبيرة جدا، يمكن للحكومة الشرعية استثمارها وتوظيف حسن تحصيلها وإيداعها في حسابات آمنة، وتوزيعها على الضروريات والاحتياجات الأساسية وبنود المرتبات وغيرها من الخدمات".
وأكد أن الغاية من القرارات واحدة، والهدف هو خنق المليشيات اقتصاديا، على اعتبار أن المعركة الاقتصادية أولوية، وعلى اعتبار أنها مقدمة لهزيمة الحوثي في معركة عسكرية مقبلة لا محالة، بل قد بدأ التلويح بها وبدأت بوادرها الأولى.
تجفيف الموارد
من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة "الثوري" اليمنية سابقاً خالد سلمان، إن توالي القرارات الشرعية يستهدف "تصحيح الوضع المختل منذ الانقلاب، والداعية إلى نقل مقرات المؤسسات الإيرادية إلى عدن، حيث مركز الحكومة".
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن هناك قرارات مصيرية أعقبت قرار البنك المركزي بعدن، كالتعميم الصادر عن وزير الاتصالات الذي ألزم شركات الهاتف بالانتقال إلى عدن، وتوفيق أوضاعها القانونية، وتوريد المبالغ المحصلة للوزارة، وقبل كل ذلك كان قرار نقل المنظمات الدولية من صنعاء إلى عدن.
ويرى سلمان أن قرارات الحكومة اليمنية عملت في "ضبط المواجهة وإعطائها الصفة الشمولية، حيث يتضافر فيها الميدان العسكري الذي بحاجة إلى شد وتقويم، مع إجراءات تجفيف موارد الحوثي، ومصادر إدارة الحكم وتمويل آلته الحربية"، مؤكدا أن "الحوثي لم يجد طوال سنوات الحرب نفسه في حال أسوأ مما هو عليه الآن".
خنق الحوثي
ويعتقد سلمان أنه في حال تمكنت الحكومة اليمنية من تصحيح وضع ميناء عدن، وألزمت حركة السفن بالاتجاه إليه، عبر تسهيل الإجراءات وإزالة العقبات الإدارية المالية أمام الحركة التجارية؛ ستكون بذلك قد أكملت الطوق حول عنق الحوثي، ودفعته بعيدا صوب حافة الهاوية.
واعتبر أن ما يجري "معركة متكاملة"، وإذا كانت الشرعية اليمنية قد نجحت في إدارة الشق الاقتصادي، فينبغي لها أن تصحح وضعها العسكري الميداني.
ودعا الكاتب اليمني إلى "إعادة ترتيب أوراق الشرعية، وبناء تحالفات حقيقية صلبة مع الأطراف العسكرية الداخلية المناهضة للحوثي، والاستعداد للخطوة التالية المتمثلة في الهروب إلى الحرب، كونها باتت خيارا للجميع، فكل حرب أساسها اقتصادي، وهو شأن حرب الأيام أو الأشهر المقبلة، ولا معنى لقرارات صحيحة للشرعية لا تحميها البندقية".
وكانت القرارات قد لاقت دعما محليا ودوليا واسعا وقضت بنقل البنوك التجارية من صنعاء إلى عدن وسحب العملة القديمة وفرض عقوبات على 6 من أكبر البنوك إثر تعاملها مع مليشيات الحوثي، تبعه قرار للنقل اليمنية بنقل شركة الطيران ووكالات السفر إلى عدن، وامتدت لنقل وتصحيح وضع شركات الاتصالات أكبر مصدر لتمويل الحوثي.