محافظة لحج، كغيرها من المحافظات الجنوبية، تعيش ظروفًا معيشية صعبة تفاقمت مع مرور السنوات سيّما بعد حرب صيف 2015م. التدهور المستمر في الخدمات الأساسية من غلاء مياه، كهرباء، صحة، وتعليم، نضافة، جعل حياة الناس في المحافظة شبه مستحيلة. ومع ذلك، نجد أن بعض الأصوات، سواء كانت من داخل السلطة أو ممن لديهم مصالح شخصية، تمتدح سلطة حاضرة غائبة وتصف إنجازاتها بالرائعة، في حين أن الواقع اليومي الذي يعيشه المواطنون يُظهر صورة مغايرة تمامًا.
في لحج أصبح واضحًا للجميع. غياب السلطة المحلية في معالجة أزمة الغلاء ولو بالمتاح، بات ارتفاع الأسعار تمثل أحد التحديات الأكبر التي يواجهها المواطنون. فقد أدى غياب الرقابة وضعف الإجراءات التنظيمية إلى تفاقم مشكلة الأسعار، ما جعل الكثير من الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية، أسواق لحج المحلية تشهد هذه الايام ارفاعاً غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والخضار، حيثُ تجاوزت أغلب السلع حدود المعقول، مما زاد من معاناة المواطنين، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية وانخفاض الدخل لدى معظم العائلات. العديد من التجار باتوا يتلاعبون بالأسعار في غياب تام للسلطة المركزية في المحافظة، ما خلق حالة من الفوضى في السوق، وجعل المواطنين يشعرون بأنهم في مواجهة مفتوحة مع ارتفاع الأسعار دون حسيب أو رقيب.
مشكلة المياه لا يقل أهمية عن الغلاء. المواطنون في لحج يعانون من عدم توفر المياه النظيفة بشكل منتظم في بعض المناطق . يضطر بعضهم إلى شراء المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة، وهو ما يمثل عبئًا إضافيًا على الأسر التي تعيش بالفعل في ظل ظروف اقتصادية صعبة. هذه الأزمة تثير تساؤلات حول الجهود المبذولة لتحسين البنية التحتية للمياه.
الوضع الصحي في لحج يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. مستشفى ابن خلدون الذي يعتبر شريان الحياة الصحي للمحافظة في تقديم الخدمات الطبية وبأسعار معقولة، أصبح عنواناً لدفع مبالغ مالية كبيرة للحصول على الخدمات الأساسية، مما يزيد من معاناة المواطنين، وخاصة الفقراء الذين لا يملكون القدرة على تحمل هذه التكاليف.
مع كل هذه التحديات، يستغرب الناس من الأصوات التي تروج لإنجازات سلطة لحج وتصفها بالناجحة. الحقيقة على الأرض تقول غير ذلك. ما الذي تم تحقيقه في الواقع؟ هل هناك تحسينات ملموسة في الخدمات اليومية؟ الجواب، للأسف، يأتي بالنفي. في حين أن هناك جهودًا قد تكون بذلت على الورق أو في وسائل الإعلام، فإن المواطن العادي في لحج لا يرى أي تغيير حقيقي ينعكس على حياته اليومية.
الترويج لإنجازات غير موجودة يعكس حالة من الانفصال بين المسؤولين والمواطنين. البعض قد يمتدح سلطة المحافظة لأسباب شخصية أو سياسية، لكن الحقيقة تبقى واضحة للجميع: الأزمات ما زالت تتفاقم، والخدمات ما زالت تنهار. الشعب يحتاج إلى أفعال حقيقية، وليس إلى تصريحات أو حملات دعائية لا تتجاوز وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي.
المواطن في لحج لا يحتاج إلى مدح زائف أو إنجازات وهمية. ما يحتاجه هو تحسن ملموس في حياته اليومية: كهرباء تعمل، مياه نظيفة تصل إلى المنازل، خدمات صحية وتعليمية تليق بالكرامة الإنسانيةونضافة. أي محاولة لتلميع صورة المسؤولين دون معالجة هذه القضايا الجوهرية هي هروب من الواقع، ولن تؤدي إلا إلى زيادة الشعور بالإحباط والخذلان لدى الناس.