تصاعد رسوم التأمين على الواردات اليمنية

كثّفت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من حملة الضغط طوال اليومين الماضيَين، لدفع الحوثيين إلى وقف هجماتهم في البحر الأحمر، التي تصاعدت بطريقة أقلقت الأسواق العالمية والمجتمع الدولي، بعد تسبب هذه الهجمات بغرق سفينتَين تجاريتَين في تطور غير مسبوق منذ بدء جماعة الحوثي هجماتهم قبل أكثر من عام ونصف العام.
يوضح الباحث الاقتصادي اليمني بلال أحمد، الخبير بمجال التأمين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، جوانب كثيرة مهمة في علاقة الاضطراب الحاصل في البحر الأحمر ورسوم التأمين، وكيف يتحمل التاجر والمستورد ثلاثة أنواع من الرسوم والتكاليف الإضافية، والفوارق في التأمين في حال جرى الاستيراد عن طريق ميناء عدن بدلاً من ميناء الحديدة.
يشرح أحمد، بدايةً، أنّ أسعار التأمين كانت ترتفع باستمرار طوال سنوات الحرب في اليمن، وتجري هذه العملية بطريقتَين: أسعار تغطية الحرب للشحنات، وأسعار تغطية الحرب للبواخر، كلا النوعين أو الطريقتين ارتفعت فيهما رسوم التأمين. يضيف أنّ الباخرة الآن عندما تُشحَن إلى اليمن يتطلب الأمر أن تدفع رسوم تأمين وتُصبح هذه الرسوم عبارة عن كلفة إضافية، ناهيك عن أنه في الفترة الأخيرة التي كثف فيها الحوثيون من هجماتهم في البحر الأحمر، انعكس ذلك مباشرةً على كلفة التأمين، الذي شهد زيادة مطردة بالتزامن مع الهجمات.
كما أنّ هناك أيضاً رسوماً أخرى لتغطية تكاليف المخاطر بالنظر إلى وضع اليمن، لذا فإنّ المستورد إلى اليمن أصبح مضطراً إلى دفع تكاليف مضاعفة، وأجور شحن أعلى، لأنّ قسط التأمين على مالك الشحن ارتفع هو الآخر، كما أنه سيدفع رسوماً أخرى مرتفعة تتعلق بالقسط الخاص بمخاطر الحرب.
في السياق، يقول الخبير اليمني في التجارة الدولية وسلاسل الإمداد عبد الملك الحداد، في تصريح لـ"العربي الجديد": يواجه البحر الأحمر اليوم تحديات غير مسبوقة تهدّد استقراره ودوره الحيوي في حركة التجارة العالمية، فهذا الممر البحري الاستراتيجي، الذي تمر عبره نسبة كبيرة من التجارة الدولية، تحوّل إلى ساحة مضطربة نتيجة تصاعد التهديدات الأمنية، ما أدى إلى اضطراب واسع في حركة السفن وتنامي حالة عدم اليقين بشأن سلامة وأمان خطوط الملاحة البحرية.
ويتابع الحداد، وهو رجل أعمال يمني مقيم في الصين: هذا الوضع تسبب في زيادة ملحوظة في تكاليف عبور السفن عبر البحر الأحمر، كما ارتفعت أسعار التأمين على الشحنات نتيجة المخاطر الأمنية العالية. يأتي ذلك مع ارتفاع رسوم التأمين على السفن في البحر الأحمر بعد عودة هجمات الحوثيين، إذ أصبحت السفن، بحسب تقارير وكالات أنباء دولية، تدفع الآن نحو 1% من قيمتها مقابل التأمين عليها حال عبورها للبحر الأحمر.
ويضيف الحداد: "في النهاية، هذه الزيادات يتحملها التجار والمستوردون، وهو ما ينعكس على السوق المحلية من خلال ارتفاع أسعار السلع. ومع ارتفاع تكلفة الاستيراد، تصبح المعاناة أكبر على المواطن العادي، بخاصة في دول مثل اليمن التي تعتمد كثيراً على الاستيراد لتلبية احتياجاتها الأساسية".
في حين يشير أحمد إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، تتعلق بخطوط الشحن التجاري بين عدن والحديدة، مع الحديث المتزايد حول وضعية ميناء الحديدة، وتحويل جزء كبير من الشحن التجاري إلى ميناء عدن، موضحاً أنّ ميناء عدن وميناء الحديدة يقعان على خط ملاحي واحد عبر الممر المضطرب في البحر الأحمر، لذا فإنّ رسوم التأمين قد لا تختلف، إلّا في حال كان التأمين من الهند إلى عدن عبر ممر آخر. في هذا الخصوص، تحدث المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في الإحاطة الشهرية التي قدمها لمجلس الأمن في التاسع من يوليو/تموز، مشيراً إلى أن ما تبقى من أموال في حوزة اليمنيين إما يفقد قيمته، أو يتآكل فعلياً.
ويتصاعد القلق بين المواطنين والقطاع الخاص إزاء التدهور الحاد في الاقتصاد على مستوى البلاد. وتتواصل الضغوط الدولية لإجبار الحوثيين على وقف هجماتهم في البحر الأحمر، فقد دعا الاتحاد الأوروبي الحوثيين إلى عدم عرقلة عمليات الإنقاذ والمساعدة للسفن المنكوبة، وينبغي على جميع الدول المشاطئة تقديم كل المساعدة الممكنة في هذا الأمر، مشيراً إلى أنّ هذه الهجمات تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وتهدد مباشرةً التجارة العالمية وحرية الملاحة، وتؤثر على الوضع الإنساني المتردي أساساً في اليمن، ويجب أن تتوقف. ويرى الحداد أنه في حال استمرار هذه التحديات، فإنّ الوضع الاقتصادي في اليمن قد يزداد سوءاً، وقد يؤدي إلى ارتفاع أكبر في الأسعار، ويزيد من الضغوط على القطاع الخاص والمستهلك النهائي على حد سواء.