المدرس ح. ع. ش. (52 سنة)، يعمل في مدرسة الروضة، مديرية كتاف، بمحافظة صعدة، وهو من أبرز المدرسين على مستوى المحافظة.
عُرف حسين بتفانيه وحبه لعمله، لكنه قبل خمس سنوات، أصيب باليأس بفعل انقطاع الرواتب، فقرر العمل على متن حافلة (باص) لنقل الركاب من مركز المحافظة إلى المديرية والعكس، وبالرغم من دماثة أخلاقه، قضى على يد ابنه هائل (24 سنة)، المُجند السابق لدى جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وكان هائل قد عاد من الحرب، لكنه لم يعد بالمعنى المعنوي للكلمة، إذ أصبح شابًّا بلا روح، فكل يوم يدخل في خلاف مع أسرته. وذات مرة قبل شهر تقريبًا، نام ثم أتاه كابوس بأن الطيران الحربي قصف منزله، فهرب في نومه متجهًا نحو النافذة ليسقط من الدور الثاني على صخرة، ويصاب بكسور في رجليه.
عرف والده أن حالته غير مستقرة، وأنه لم يعد "هائل" الذي عرفه، لقد تغيرت طباعه، فقرر أن يُلحقه ببرامج العلاج النفسي، فكان يجلب لابنه المهدئات النفسية من مرشدين نفسيين، ويوهمه بأنها علاجات من أطباء الباطنية، وفي يوم الأحد 20 أغسطس/ آب 2023، نشب خلاف بين هائل وأبيه، على مشكلة صغيرة.
لم يكن المدرس، يدرك أنّ ابنه يتربص به، ولم يكن حتى ليخطر على باله أن يتجرأ عليه، مع ذلك، كان لديه إحساس بأن ابنه يجب ألا يكون قريبًا من السلاح، فتم إبعاده عنه، لكن لم يحسب أحد حسابًا لوجود أدوات قتل أخرى غير البندقية.
في عزاء أحد الجيران، دعا هائل والده من بين الجموع، وأخذه في طرف من مخيم العزاء. اقترب من والده، وعلى شفتيه ابتسامة شرّ، فشعر الأب بالريبة؛ فقد كان على خلاف معه منذ الصباح الباكر.
هنا، قام هائل بقطع أفكار والده، وأخذه في حضنه، لكن والده حاول التملص منه، لكن دون جدوى، إذ شاهد في جيب ابنه قنبلة موقوتة، ولم يفق من الدهشة إلا على صوت انفجارها السريع، فتحول الاثنان إلى كومة من اللحم الممزق. أصيب أيضًا الحفيد حسن (9 سنوات)، بجروح طفيفة.
تحول العزاء، إلى عزاء آخر، كيف حصل كل هذا في لحظات، لماذا لم ينتبه أحد للكارثة؟!
لكنّ ما حدث فتح العيون مجددًا على كارثة العائدين من الجبهات، وأمراض ما بعد الصدمة التي يصابون بها، والتي تحولها إلى قنابل موقوتة، في مجتمع حزين ومكلوم.