يستغلال الحوثي للأحداث في غزة لم يقتصر على جمع الأموال وإنما دخل منعطفا خطيرا، بعدما فتحت المليشيات ما سمّته "باب الجهاد".
مصادر أمنية وإعلامية يمنية كشفت لـ"العين الإخبارية"، عن أن مليشيات الحوثي بدأت بالفعل حملات تجنيد واسعة في مناطق سيطرتها أبرزها صنعاء لاستقطاب الشباب والأطفال بزعم إرسالهم إلى فلسطين للمشاركة في الحرب ضد إسرائيل.
وأوضحت المصادر أن مليشيات الحوثي أبلغت قياداتها في المربعات والأحياء وعقال الحارات (المشرفون) بأنها فتحت باب التجنيد لكل الراغبين في القتال في فلسطين، وذلك جنبا إلى جنب مع حملة واسعة لجمع الأموال والمدخرات من المواطنين تحت غطاء "تحرير القدس".
معسكرات مغلقة
وبحسب المصادر ذاتها، فإن مليشيات الحوثي شيدت العديد من المعسكرات في مناطق سيطرتها لاستقبال وتجنيد الراغبين في الانخراط في ما تسميه "الجهاد في فلسطين"، ومن بينها معسكران شيدتهما بالفعل في العاصمة المختطفة صنعاء.
وذكرت المصادر أن مليشيات الحوثي تعهدت للمنخرطين بمشاركتهم في عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حماس ضد إسرائيل، وقد حرصت على رفع صور دعائية عن الدمار والضحايا في غزة وذلك داخل معسكراتها التدريبية.
وعن أماكن تلك المعسكرات المغلقة، أشارت المصادر إلى أن مليشيات الحوثي شيدت إحداها في بلدة "الحصن" بالقرب من بيت بوس في الجنوب الشرقي من صنعاء وهو عبارة عن معسكر تدريبي محصن بحراسة مشددة.
أما المعسكر الآخر، لفتت المصادر إلى أنه يقع في الجهة الجنوبية في العاصمة صنعاء وهو معسكر تدريبي آخر تمنع مليشيات الحوثي الاقتراب منه، وتٌخضع من تم استدراجهم إلى هذه المعسكرات المغلقة لإجراءات منها منعهم من الخروج والتواصل مع أسرهم وأقربائهم واستخدام الهاتف.
وتُخضع مليشيات الحوثي، الشباب والأطفال الذي تم استدراجهم وتجنيدهم لدورات طائفية مكثفة جنبا إلى جنب مع تدريبات قتالية على حرب الشوارع والمدن وعلى الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وفقا للمصادر.
وأكدت المصادر أن مليشيات الحوثي استقطبت العشرات منهم أطفالا من حواري وأحياء صنعاء منها بلدة "حزيز"، وذلك تحت إشراف مباشر من القيادي الحوثي خالد المداني الحاكم الفعلي في صنعاء والقيادي حمود عباد المعيَّن من قبلها في منصب أمين العاصمة.
وكانت مصادر إعلامية تحدثت عن حملة تجنيد حوثية بصفوف المهمشين في محافظة إب، مشيرة إلى أن المليشيات شكلت لجان تحشيد وتعبئة ميدانية جديدة تضاف إلى اللجان السابقة من أجل تولي مهام النزول الميداني لاستقطاب المنتمين إلى تلك الفئة الأشد فقراً.
تعزيز صفوفها
ويرى سياسيون يمنيون أن مليشيات الحوثي تسعى إلى استغلال أحداث غزة لتعويض النقص في أعداد عناصرها، بعد أن فقدت العديد في المعارك في عدة جبهات خصوصا بعد اتساع رقعة الرفض لحملات التجنيد بصفوفها لاسيما من قبل القبائل.
وقال المحلل السياسي اليمني عبدالملك اليوسفي إن "مليشيات الحوثي الإرهابية تعودت على توظيف الشعارات والمواقف في استغلال سياسي رخيص، إلا أنه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية هناك استغلال سياسي ومادي".
وأضاف اليوسفي لـ"العين الإخبارية"، أن الاستغلال المادي "يتمثل بحشد المقاتلين تحت راية فلسطين وهم يفعلون ذلك منذ بداية الحرب".
وتابع قائلا، "من يراجع خطابات الحوثيين في حشد المقاتلين يجد أنهم يشحنونهم لقتال إسرائيل بينما يذهب المسلح في النهاية ليحارب في تعز ومأرب.. هكذا تعودنا مع مليشيات الموت الإرهابية".
واستدرك "إلا أنه بعد أحداث غزة، ظهرت ظاهرة أخرى وهي الاستغلال المادي، من خلال ابتزاز التجار والمواطنين باسم القضية الفلسطينية، بينما تسرق المليشيات هذه الأموال".
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي التي صادرت 250 مليون ريال يمني من حساب جمعية الأقصى التي كان قد تبرع بها اليمنيون لتذهب إلى فلسطين في عام 2014، لا يمكن لها أن تجمع تبرعات لفلسطين.
ولفت إلى أن الجميع معتاد على ممارسات المليشيات في توظيف الشعارات لتحقيق مآرب دنيئة بما فيها تجنيد الأطفال والشباب للقتال في فلسطين.
في السياق ذاته، قال وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني، إن مليشيات الحوثي الإرهابية، تواصل منذ نشأتها، المزايدة والمتاجرة بمآسي الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، واستغلالها كغطاء لتجييش وحشد المقاتلين وجمع الأموال لتمويل ما يسمى بـ"المجهود الحربي" لإدامة مشروعها الانقلابي.
وأضاف أن "مليشيات الحوثي اليوم تحاول استغلال حالة الغضب الشعبي جراء التطورات الأخيرة، للمتاجرة بمعاناة الشعب العربي الفلسطيني في غزة ورام الله والأراضي المحتلة، عبر تدشين حملات للتجنيد وجمع التبرعات ونهب أموال ومدخرات الشعب اليمني".
ودعا الوزير اليمني "أبناء الشعب اليمني إلى عدم الانجرار خلف هذه الممارسات الوقحة، والاستغلال الهمجي من مليشيات الحوثي لمأساة الشعب الفلسطيني ومعاناته الإنسانية، التي لا تقل عن معاناة الشعب اليمني إثر الحرب التي فجرتها المليشيات، وتوظيفها كأداة لاستغلال عواطف اليمنيين".
وكانت مليشيات الحوثي قد ركبت موجة الأحداث الساخنة في المنطقة مبكرا، خصوصا الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل لخدمة أجندتها ومصالحها المشبوهة، مستغلة عواطف اليمنيين ومشاعرهم تجاه القضية الفلسطينية.
وأطلقت مليشيات الحوثي حملة تعبئة واسعة بما ذلك جبايات أموال بالقوة من التجار بزعم دعم "المقاومة الفلسطينية" قبل أن يطل زعيم المتمردين متوعدا بتوسيع رقعة الحرب على مستوى المنطقة حال تدخلت أمريكا إلى جانب إسرائيل.