دق تقرير يمني حكومي، اليوم الخميس، ناقوس الخطر إثر حرب مليشيات الحوثي الإرهابية والتي تسببت بفقدان 5 مليار دولار سنوياً من إيرادات عامة وتدفقات نقدية.
التقرير الحكومي الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، وموقع وزارة الخارجية اليمنية، قال إن البلاد "تواجه أزمة اقتصادية عميقة وتحديات مالية ونقدية تعيق جهود الحكومة المعترف بها دوليا، وتحركاتها في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي التي تقوم بتنفيذها حالياً".
وأبرز التقرير 7 تحديات تمثلت بـ"انكماش الناتج المحلي الإجمالي، وتوقف جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية، وتوقف البرامج الاستثمارية الحكومية، وانحسار كبير في الاستثمارات الخاصة، بالإضافة إلى انسحاب أغلب المستثمرين الأجانب، وخروج رأس المال المحلي إلى الخارج بحثاً عن بيئة آمنة، وتعليق العديد من برامج المنح والقروض الخارجية".
وذكر التقرير أن أبرز الأسباب تتمثل بـ"سياسات وممارسات مليشيات الحوثي الإرهابية والتي أدت إلى تدهور الاقتصاد الوطني، ابتداء باستنزاف احتياطي النقد الأجنبي ثم استحواذها على معظم موارد الدولة ورفضها صرف مرتبات موظفي القطاع العام وصولاً إلى اتخاذها سياسة الانقسام النقدي الذي حول اليمن إلى منطقتين نقديتين واقتصادين".
كما عمدت "مليشيات الحوثي إلى إصدار تشريعات مالية مكنتها من السيطرة ووضع يدها على فوائد أموال المودعين في البنوك الواقعة بمناطق سيطرتها".
وبحسب التقرير فإن مليشيات الحوثي قضت واستولت على الاقتصاد اليمني الذي يعتمد على الصادرات النفطية والزراعة والسياحة وعائدات القطاع الصناعي وإيرادات الضرائب والجمارك وحركة الموانئ لتمويل أهدافها الطائفية وحربها على الشعب اليمني ودول الجوار.
استنزاف الاحتياطي
وأوضح التقرير أن "الميليشيات الحوثية تسببت خلال عام واحد فقط من انقلابها باستنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي الذي انخفض إلى 1.3 مليار دولار في مارس/آذار 2016 بدلاً من 4.2 مليار دولار في مارس/آذار 2015".
كما قامت الميليشيات الحوثية "بسحب 300 مليار ريال يمني (1.2 مليار دولار) لتمويل عملياتها العسكرية، الأمر الذي دفع بالسلطة الشرعية إلى اتخاذ قرار في سبتمبر/أيلول 2016 بنقل مقر البنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن".
عقب ذلك، طبقا للتقرير، بدأت "الحكومة الشرعية بدعم من السعودية في تنفيذ سلسلة إجراءات لتحقيق تعافي ملموس في الاقتصاد الوطني، واستطاعت وفق تقرير صادر عن البنك الدولي تحقيق نمو بسيط خلال العامين 2018 و2019، مستفيدة من الوديعة المالية السعودية والبالغة ملياري دولار لدعم الاقتصاد واستقرار العملة المحلية".
وأشار إلى "أن الاقتصاد اليمني عاد للانكماش عامي 2020 و2021، بسبب التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا والحرب الأوكرانية التي دفعت أسعار الغذاء العالمية إلى مستويات قياسية".
أما في العام 2022، فقد "شرعت قيادة البنك المركزي اليمني بتنفيذ العديد من الإجراءات والإصلاحات المختلفة التي ساهمت في ثبات أسعار الصرف بالرغم من مستوياتها العالية التي تعكس حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي للبلد حيث تراوحت ما بين 1150 و1250 ريالا للدولار الواحد".
وذكر أن البنك المركزي اليمني هدف من خلال تلك الإجراءات والإصلاحات "تحقيق استقرار في المعدل العام للأسعار والحد من التضخم الذي سجل ارتفاعاً قدره 12.8% بالمتوسط العام بين المحافظات المحررة وغير المحررة، في حين كان المركزي يستهدف تسجيل تضخم بين 15 – 20 بالمائة".
وأشار إلى أن "إجراءات البنك المركزي اليمني نجحت في التأثير على حجم العرض النقدي الذي تراجع في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022 بمقدار 24.4 مليار ريال ليبلغ 7253.5 مليار ريال وبنسبة زيادة 0.33 بالمائة عن العام 2021م الذي سجل خلاله ارتفاعاً بنسبة 7 بالمائة عن العام الذي قبله".
فقدان 5 مليار دولار سنوياً
وفيما يتعلق بميزان المدفوعات، كشف التقرير أن "تحويلات القوى العاملة في الخارج سجلت 4.3 و4.5 مليار دولار في عامي 2021 و2022 مقارنة بـ3.3 مليار دولار في العام 2014 -عام الانقلاب الحوثي على الشرعية".
وأكد أن "الصادرات النفطية سجلت البلاد فيها فقدان 5 مليار دولار إيرادات عامة وتدفقات نقدية بالعملة الاجنبية كل عام، حيث تراجعت قيمة الصادرات بسبب الحرب الحوثية من 6.4 مليار دولار في العام 2014 إلى 994 مليون دولار و1.7 مليار دولار في عامي 2021 و2022".
ولفت إلى إن "التصعيد العسكري للميليشيات الحوثية أواخر العام 2022، باستهدافها الموانئ النفطية في حضرموت وشبوة، وحربها الاقتصادية على الواردات من المناطق المحررة، خلف ركوداً في صادرات النفط وانخفاض العائدات الجمركية بسبب تراجع حركة الملاحية الدولية في ميناء عدن لصالح ميناء الحديدة، الأمر الذي تسبب في تدهور متسارع للأوضاع الاقتصادية وفرض مزيداً من التحديات على الحكومة الشرعية التي حاولت تجاوزها بتقليل أوجه الإنفاق".
وقال إنه "مع حلول العام 2023، تصاعدت حدة الحرب الاقتصادية الحوثية على الحكومة الشرعية، مستفيدة من تخفيف القيود على ميناء الحديدة في إطار الجهود الدولية لإحلال السلام، ما فاقم من الصعوبات المالية للحكومة التي باتت عاجزة عن الإيفاء بأبسط التزاماتها المتمثلة في دفع مرتبات موظفي القطاع العام، قبل أن تتدخل المملكة العربية السعودية وتقدم لها دعماً مالياً بـ 1.2 مليار دولار لتغطية عجز الموازنة ودفع مرتبات الموظفين".
وكان أحدث تقييم للبنك الدولي أظهر أن الاقتصاد اليمني حقق في العام 2022 نمواً حقيقياً بلغ 1.5%، بعد ركود استمر عامين، كما أظهرت البيانات البنكية ارتفاع الإيرادات العامة للدولة حتى ديسمبر 2022 بمقدار 817.6 مليار ريال، قبل أن تنسف مليشيات الحوثي ذلك بقصف موانئ النفط.