لم تصل الصواريخ التي أطلقها الحوثيون إلى إسرائيل، لكن خبراء يعتبرونها خطوة "رمزية" ويحذرون من اتساع الصراع إقليميًا، ما يزعزع استقرار الشرق الأوسط. ويبقى السؤال: ماذا لدى الحوثيين من أسلحة أخرى يمكنها تهديد أمن المنطقة؟.
من الناحية العسكرية، لم تصل أيًّا من الصواريخ والمسيرات التي أطلقها الحوثيون في اليمن إلى إسرائيل، ما يعني أنها باءت بالفشل، فقد اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية تلك الصواريخ والطائرات المسيرة قبل أن تصل إلى مدينة إيلات جنوب إسرائيل.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن نجاح الهجمات الحوثية من عدمه لا يشكل أهمية كبيرة لجماعة الحوثي التي تعد جزءًا مما يسمى بـ"محور المقاومة" المدعوم من إيران والمناهض لإسرائيل والولايات المتحدة.
وفي مقابلة مع وكالة "دويتشيه فيلة" الألمانية، قال ماثيو هيدجز، خبير في الشأن اليمني وشؤون الشرق الأوسط، إن هجمات الحوثيين الأخيرة "لا تحمل في طياتها سوى تهديد رمزي أو بياني لإسرائيل".
ويتفق في هذا الرأي فارع المسلمي، زميل في مركز "تشاتام هاوس" البحثي ومقره لندن، قائلًا: "تعد هذه الحرب فرصة ذهبية لجماعة الحوثي لإظهار موقفها المؤيد للفلسطينيين والمناهض لإسرائيل والولايات المتحدة أمام الشعب اليمني". وأشار المسلمي إلى أن هجمات الحوثيين ذات مستوى منخفض من التهديد، مضيفًا أنه "من غير المرجح أن ترد إسرائيل (على هجمات الحوثيين) بفتح جبهة جديدة".
ويقول المراقبون إن اليمن سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا ليس في حالة جيدة تؤهله لخوض حرب جديدة، إذ مازالت البلاد تئن تحت وطأة حرب أهلية منذ إطاحة الحوثيين بالحكومة المعترف بها دوليًا والسيطرة على صنعاء عام 2014. وقد أدى ذلك إلى انقسام اليمن وتدمير بنيتها التحتية فيما أضحى الصراع هناك بمثابة حرب وكالة بين السعودية وإيران، ما تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وفي سياق متصل، قال هيدجز إنه في الوقت الذي تهدف فيه جماعة الحوثي من وراء مهاجمة إسرائيل "إلى توحيد الشعب اليمني من أجل قضية التحرير الفلسطينية على المستوى المحلي، فإن الأمر يبعث أيضا إشارات إقليمية تنذر بزعزعة الاستقرار والأمن في جميع أنحاء المنطقة".
وعلى الرغم من تسليح إيران للحوثيين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة منذ عام 2015، إلا أن هيدجز أكد أن الحوثيين "لا يمتلكون نفس التسليح الذي بحوزة وكلاء إيران الآخرين مثل حزب الله في لبنان ما يعني أن قدرتهم محدودة". ومع ذلك، لا يزال الباحث قلقًا إزاء إمكانيات الحوثيين، العسكرية قائلا: "لقد بدأوا في استخدام الصواريخ الباليستية بعيدة المدى غير المأهولة ما يعني احتمالية زيادة حجم التهديدات المحتملة ضد إسرائيل وضد الدول الغربية".
من جانبه، أشار الباحث العسكري فابيان هينز في مقال نشره "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" إلى أنه رصد "أنواع عدة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز من أصل إيراني لم يسبق عرضها من قبل" خلال إحياء الحوثيين الذكرى التاسعة لاستيلائهم على صنعاء في سبتمبر الماضي. وأضاف "تمكن الحوثيون بمساعدة إيران من بناء مجموعة من الصواريخ ذات التوجيه الدقيق، إضافة إلى الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز لشن هجمات أرضية وأخرى مضادة للسفن في فترة زمنية قصيرة للغاية".
وأضاف أن هذه المجموعة تتضمن صواريخ مضادة للسفن لم تُعرض من قبل من منظومة صواريخ "تنكيل"، مشيرًا إلى أنه "في حالة إطلاق صواريخ تنكيل المضادة للسفن وصواريخ "آصف" التي تم الكشف عنها مسبقا - وهي صواريخ مضادة للسفن من منظومة الفاتح التي يبلغ مداها 400 كيلومتر - فإن الحوثيين سوف يتمكنون من استهداف (سفن) الشحن في البحر الأحمر وفي أجزاء من خليج عدن".
وعلى الرغم من ذلك، أشار الباحث إلى أن الغموض مازال يكتنف مدى جاهزية مثل هذه الصواريخ، مشيرًا إلى أن اتفاق التطبيع، الذي أبرم بين السعودية وإيران بوساطة صينية في مارس الماضي، نص على وقف تزويد الحوثيين بالأسلحة. وفي ذلك، قال هينز إنه "من غير المعروف ما إذا كانت هذه الأسلحة جرى تسليمها للحوثيين بعد الاتفاق السعودي- الإيراني أم لا؟".