أكد المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، أن حل الأزمة اليمنية بأيدي اليمنيين أنفسهم، ودور المجتمع الدولي هو دعم جهود التسوية، لافتا إلى أن ما يشتغل عليه حاليا، هو الانتقال من الهدنة إلى خطوات حقيقية نحو تسوية سياسية. وأكد أن الحوارات مع الأطراف اليمنية مازالت مفتوحة وبناءة، مشيرا إلى أن مسألة المرتبات مازال متعثرة عند كيفية تسليمها.
وقال “إن اليمنيين قادرون على حل هذا النزاع سلميًا. وأنا أؤمن أيضًا أن السلام يمكن أن يكون عادلاً”.
وتابع “على هذا الأساس وبهذا الأمل وبهذا الإيمان الراسخ، أنا ومكتبي نعمل مع اليمنيين للدفع من أجل هدف واحد، ألا وهو استئناف عملية سياسية يمكن أن تؤدي إلى تسوية مستدامة للنزاع”.
وأشار المبعوث الأممي، في مقابلة مع قناة “اليمن اليوم” الثلاثاء، إلى ما حققته الهدنة، لكنه اعتبرها (الهدنة) وسيلة نحو إيجاد حل للنزاع وصولا إلى تسوية سياسية شاملة.
وقال: “كانت الهدنة في هذا السياق نقطة تحول في النزاع. دعونا لا نقلل من أنه، حتى يومنا هذا، هذه أطول فترة من الهدوء النسبي شهدها اليمن منذ بداية النزاع، كما أعطتنا الهدنة فرصة لتحقيق انفراجات في مختلف القضايا الخلافية التي تعذر إحراز التقدم بشأنها لفترة طويلة للغاية”.
وأضاف: الهدنة أعطتنا فرصة الدخول في مناقشات لم يكن بوسعنا إجراؤها من قبل. كما أنها أتاحت إمكانية تقديم حلول معينة وتنفيذها كإعادة فتح منافذ دخول إلى اليمن، وهو ما كان في صالح معظم اليمنيين.
غروندبرغ: الهدنة أعطتنا فرصة الدخول في مناقشات لم يكن بوسعنا إجراؤها من قبل. كما أنها أتاحت إمكانية تقديم حلول معينة وتنفيذها كإعادة فتح منافذ دخول إلى اليمن، وهو ما كان في صالح معظم اليمنيين
واستدرك: إن الهدنة في حد ذاتها ليست كافية. إنها ليست الهدف النهائي، بل هي وسيلة للوصول إلى الغاية ومدخل لتسوية النزاع. فالهدنة في حد ذاتها لن تحقق ما يحتاجه اليمن بكامله. إذا لم نبن على الهدنة فإن كل القضايا التي لا تزال بحاجة للوصول إلى تسوية طويلة الأمد للنزاع ستبقى أيضا هشة وعصية على الحل.
وأكد أن “الهدف والتحدي الحقيقي الذي أواجهه أنا ومكتبي وجميع اليمنيين الآن هو ضمان اتخاذ الخطوات اللازمة للانتقال من الوضع الحالي، من الهدنة، إلى خطوات حقيقية نحو تسوية سياسية وكذلك تنفيذ وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني. وهذا العمل مستمر في هذه المرحلة”.
واستطرد “نعمل في المكتب وأيضًا بالتنسيق والتعاون مع الشركاء الإقليميين والمجتمع الدولي ككل من أجل معالجة بعض القضايا الخلافية التي لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأنها، لكي نصل إلى حيث يمكن أن يُعرض مقترح من الأمم المتحدة على الأطراف يؤدي إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف العملية السياسية”.
وقال: إن قنوات الاتصال مع الأطراف اليمنية مفتوحة وبناءة. والمناقشات التي نجريها تركز على الحلول. وهذا يعني أنني مازلت متفائلًا بأنه يمكن التوصل إلى تسوية.
وأشار إلى أهم نقطة ضمن تداعيات الحرب والمتمثلة في فقدان الثقة بين الأطراف. وقال: “أعتقد أن أول شيء يجب إدراكه هو أن مستوى الثقة بعد ثماني سنوات من الحرب لا يزال موردا نادرا في اليمن. لا يمكن أن نرى عودة الثقة للظهور بطريقة سحرية بعد النزاع الذي شهدناه. لذا، إحدى القضايا هنا هي أننا نعمل تدريجيًا على الاهتمام بهذا الأمر واستعادة قدر معين من الثقة بطريقة تدريجية وحريصة. وقد رأينا في الفترة السابقة اتفاقيات بين الأطراف تم تنفيذها. وهذا يؤدي إلى زيادة تدريجية في مستوى الثقة ليس فقط في إمكانية التوصل إلى اتفاقيات، ولكن أيضًا في إمكانية تنفيذ هذه الاتفاقات. وهذا أمر جيد”.
وأضاف: ما نحتاج إليه هو التزام واضح من جميع الأطراف بشأن الحاجة إلى الدخول في مفاوضات سياسية بشأن تسوية أطول أجلاً للنزاع. ولكي يحدث ذلك، أعتقد أن نتحاور أولاً مع الأطراف على الأساس الحالي وهو محاولة الحصول على التزام الأطراف بالعناصر الثلاثة التي نريد العمل معهم عليها: التأكد أن لدينا التزامًا بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد وتنفيذ وقف إطلاق النار هذا، والانخراط أيضًا في القضايا المتعلقة بالاقتصاد، والأهم من ذلك، التأكد من أن نشهد استئنافًا للعملية السياسية. هذه المناقشات مستمرة، وسأكرر ما ذكرته بأننا لم نتوصل إلى اتفاق بهذا الصدد بعد، لكن المناقشات مستمرة ونحن ندفع الأطراف في هذا الاتجاه.
وأشار إلى تفهم جيران اليمن والمجتمع الدولي لأهمية أن ينتهي النزاع في اليمن من خلال عملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بمرتبات الموظفين العموميين المنقطعة منذ أكثر من سبع سنوات في مناطق سيطرة الحوثيين، قال إن “الجميع يوافقون، الجميع، بغض النظر عن مكان تواجدك في اليمن وأيضا على المستوى الدولي، الجميع متفقون على ضرورة دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية”.
واستدرك: “لكن بمجرد الدخول في كيفية تسليم هذه الرواتب، فإنك تدخل في أسئلة شديدة التعقيد عندما يتعلق الأمر بالميزانية وعندما يتعلق الأمر بالإيرادات. وهذه هي الأسئلة التي يجب تسويتها من خلال المفاوضات بين اليمنيين. لذا، فإن التحدي الذي نجابهه الآن هو إيجاد حل يسمح بدفع الرواتب، ولكن أيضًا يُمَكِن اليمنيين أنفسهم، بينما يتم دفع الرواتب، الدخول في مفاوضات على المدى الطويل والوصول إلى تسوية مستدامة بشأن صرف هذه الرواتب مستقبلاً. وهذه المناقشات مستمرة”.
على صعيد القضية الجنوبية، أكد المبعوث الأممي، في مقابلة مع تلفزيون اليمن اليوم، أهمية حلها ضمن تسوية يمنية بشأن مستقبل البلاد. وقال “أعتقد أن المسألة الجنوبية بحاجة إلى معالجة. لكن يجب معالجتها في سياق تسوية تفاوضية بشأن مستقبل اليمن. ويجب معالجتها بطريقة سلمية، وبين اليمنيين حيث يُسمح بسماع مختلف أصوات الجنوب، ولكن يُسمح أيضًا بسماع أصوات أخرى”.
غروندبرغ: المسألة الجنوبية بحاجة إلى معالجة. لكن يجب معالجتها في سياق تسوية تفاوضية بشأن مستقبل اليمن
واختتم غروندبرغ زيارة إلى الإمارات التقى خلالها بعدد من كبار المسؤولين ومجموعة من الفاعلين اليمنيين.
وقال بيان لمكتبه، الأربعاء، إن “الزيارة تأتي كجزء من جهود المبعوث الأممي المبذولة لتعزيز الحوار البنّاء مع الجهات اليمنية والإقليمية الفاعلة لاستئناف عملية سياسية جامعة بقيادة يمنية وبرعاية الأمم المتحدة”.
والتقى غروندبرغ في أبوظبي، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية خليفة شاهين، والمستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش. كما تضمنت الزيارة لقاءات مع محافظ شبوة عوض بن الوزير ومسؤولين يمنيين بارزين.
وشدد المبعوث خلال المناقشات على “أهمية التوصل إلى اتفاق بشأن تدابير من شأنها تحسين الظروف المعيشية في اليمن، وتنفيذ وقف إطلاق للنار على الصعيد الوطني، وبدء عملية سياسية للتوصل إلى تسوية سلمية وشاملة للنزاع”، وفقا للبيان.