انتهت مغامرة القراصنة الذين حاولوا اختطاف الناقلة الدولية «سنترال بارك» من خليج عدن، بوقوعهم في قبضة «المارينز» الأميركي، حيث يجري التحقيق معهم، فيما اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بالوقوف وراء العملية الفاشلة التي رافقها إطلاق صاروخين باليستيين لاستهداف مدمرة الإنقاذ الأميركية.
ولاذت الجماعة الحوثية بالصمت إزاء عملية القرصنة الفاشلة، كما نفت إيران مسؤوليتها عنها، في حين استنكرت الحكومة اليمنية العملية واتهمت الجماعة بالوقوف خلفها تنفيذا لأجندة طهران. وقالت الحكومة اليمنية في بيان لخارجيتها إنها تستنكر أعمال القرصنة البحرية التي تنفذها ميليشيات الحوثي الإرهابية بدعم من النظام الإيراني، والتي كان آخرها حادث اختطاف سفينة النفط «سنترال بارك» في المياه الإقليمية اليمنية، الذي يأتي امتداداً لأعمال التخريب والتهديدات الحوثية للملاحة الدولية منذ سيطرة هذه الميليشيات على مقدرات الدولة اليمنية؛ وفق ما ذكره البيان.
وأشار البيان إلى أن الحكومة اليمنية حذرت مرارا من «خطورة الميليشيا الحوثية الإرهابية وأجندتها المرتبطة بمصالح ومشاريع التخريب الإيرانية في المنطقة». وأكد أن هذه الأعمال «لا تمت بأي صلة للقضية الفلسطينية، ولا تخدم نضالات الشعب الفلسطيني، إذ إن الجماعة التي أوغلت في قتل وتعذيب الشعب اليمني لا يمكن أن تكون نصيرا للقضايا العادلة».
صاروخان حوثيان
وكان الجيش الأميركي أعلن أن صاروخين باليستيين انطلقا من المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن في اتجاه المدمرة الأميركية «يو إس إس مايسون» في خليج عدن، على أثر استجابة البحرية الأميركية لنداء استغاثة من السفينة التجارية «سنترال بارك» التي استولى عليها مسلحون.
وربط المسؤولون الأميركيون بين هذا الحادث والاعتداءات التي نفذها الحوثيون ضد إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، في ظل مخاوف في المنطقة من احتمال اتساع نطاق الحرب بين إسرائيل و«حماس». وأعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيان أن الناقلة التجارية كانت تحمل شحنة من حامض الفوسفوريك عندما طلب طاقمها المساعدة إثر «التعرض لهجوم من جهة مجهولة».
واستجابت المدمرة التي تحمل صواريخ موجهة والسفن المرافقة لها من قوة عمل مكافحة القرصنة التي تعمل في خليج عدن وقبالة سواحل الصومال، لنداء المساعدة و«طالبت بإطلاق السفينة». وأضافت أنه مع وصول البحرية الأميركية «نزل خمسة مسلحين من السفينة وحاولوا الفرار عبر قاربهم الصغير»، موضحة أن المدمرة الأميركية «طاردت المهاجمين مما أدى إلى استسلامهم في نهاية المطاف».
ولم تحدد البحرية الأميركية هوية المهاجمين. ولفتت إلى أنه بعد ساعات، (في الساعة 1:41 فجر الاثنين بالتوقيت المحلي)، وفيما كانت «يو إس إس مايسون» تنجز مهمة إنقاذ «سنترال بارك»، انطلق صاروخان باليستيان من مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن «في اتجاه الموقع العام» للمدمرة الأميركية وكذلك السفينة التجارية. وأضاف بيان القيادة المركزية أن «الصاروخين سقطا في خليج عدن على بعد نحو عشرة أميال بحرية من السفينتين»، وأنه لم تقع أضرار أو إصابات في السفينتين.
وأفاد بيان أصدرته شركة «زودياك ماريتايم»، التي تدير «سنترال بارك» بأن الناقلة التي ترفع العلم الليبيري «آمنة»، مضيفة أن «جميع أفراد الطاقم والسفينة والبضائع لم يصابوا بأذى». ونقلت وسائل إعلام أميركية أن الناقلة لها روابط بشركة يملكها إسرائيليون، مدرجة «زودياك ماريتايم» بصفتها تابعة لشركة «عوفير غلوبال» الخاصة بالملياردير الإسرائيلي إيال عوفر، رغم تأكيد الناطقة باسم «زودياك ماريتايم» جاني جارفينن أن «زودياك ليست مملوكة لشركة عوفير غلوبال».
أمن الممرات البحرية
وقال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال إريك كوريلا الأحد إن أمن المجال البحري «ضروري للاستقرار الإقليمي»، مضيفاً «سنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء لضمان سلامة وأمن ممرات الشحن الدولية». و«مايسون» جزء من المجموعة الهجومية التابعة لحاملة الطائرات «دوايت دي أيزنهاور» التي أمر الرئيس بايدن بإرسالها إلى المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكانت القيادة المركزية أفادت عبر منصة «أكس» أيضاً بأن مجموعة حاملة الطائرات هذه أكملت في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) عبور مضيق هرمز لدخول مياه الخليج العربي، بينما تواصل المجموعة الهجومية دعم مهمات القيادة المركزية. وأضافت أنه «أثناء وجودها في الخليج العربي، تقوم المجموعة بدوريات لضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية الرئيسية مع دعم متطلبات القيادة المركزية الأميركية في كل أنحاء المنطقة».
ويرافق حاملة الطائرات طراد الصواريخ الموجهة «يو إس إس بحر الفلبين» ومدمرتا الصواريخ الموجهة «يو إس إس غرافلي» و«يو إس إس ستيثيم» والفرقاطة الفرنسية «لانغدوك». ولم تعلن القوات الأميركية عن هوية المهاجمين الخمسة الذين تم اعتقالهم، كما أن الجماعة الحوثية لم تعلق رسمياً على محاولة القرصنة الأخيرة وإطلاق الصواريخ باتجاه المدمرة الأميركية، إلا أن أحد المتحدثين باسمها وصف في حديث لقناة فرنسية ناطقة بالعربية، ما حدث بـ«أنه مسرحية أميركية». ويعتقد أن الجماعة الحوثية دبّرت للهجوم على الناقلة، حيث كانت تطمح إلى اقتيادها عنوة إلى ميناء الحديدة، وأنها قامت بمساندة الخاطفين أثناء ملاحقتهم من القوات الأميركية بإطلاق الصواريخ الباليستية.
ونفت طهران على لسان المتحدث باسم خارجيتها ناصر كنعاني، أن يكون لها أي دور في الهجمات الأخيرة على السفن المرتبطة بإسرائيل، بما في ذلك الهجوم على الناقلة «سنترال بارك». ورأت إيران على لسان كنعاني نفسه، أن هذه الهجمات «رد فعل طبيعي على الوجود الأميركي في المنطقة»، وهو ما يفهم منه تشجيع الجماعات المرتبطة بها لتنفيذ مزيد من العمليات.