بدأ وفد من الحوثيين المسيطرين على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في اليمن، الخميس، زيارة نادرة إلى السعودية، في خطوة تظهر نجاح الوساطة العمانية في التقريب بين الطرفين.
وجاءت هذه الزيارة بعد أيام قليلة من اللقاء الذي جمع في مسقط السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. واعتبر مراقبون أن اللقاء يحمل إشارة سعودية على دعم جهود عمان في تحريك مسار التسوية في اليمن.
وقال مسؤول في الحكومة اليمنية مطّلع على فحوى المحادثات بين السعودية والحوثيين «هناك تحضيرات لتحرك وفد حوثي إلى الرياض خلال الساعات الـ72 المقبلة».
وأضاف أنّ الغاية من الزيارة «عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي».
وتابع أنّ المحادثات تتركّز على مسألة تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا عن طريق السلطة، وهي نقطة شائكة، وتدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظل مغلقا لسنوات قبل أن يسمح التحالف العام الماضي بفتح أجوائه للطائرات إلى الأردن ومصر.
ويقول مراقبون إن السعودية لا تخفي لمختلف الوسطاء الإقليميين والدوليين رغبتها في التوصل إلى تسوية نهائية، وأنها لا تهتم بالتفاصيل، مشيرين إلى أن قضية الرواتب والمطار مسائل إجرائية صغيرة من السهل تجاوزها. وحتى لو اعترضت على ذلك الحكومة المدعومة من السعودية فإن الرياض تعمل على إقناع حلفائها بأن الحل يجيب أن يكون عاجلا وعلى الجميع تقديم التنازلات.
وكان لافتا لليمنيين أنّ زيارة ولي العهد السعودي إلى عمان بدأت بعد ساعات من لقاء أجراه وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي وطغى عليه بشكل لافت موضوع التسوية السياسية في اليمن.
وقال الأمير خالد عبر منصة “إكس”، “استعرضنا العلاقات الأخوية بين بلدينا وبحثنا مستجدات الأوضاع في اليمن”، مؤكدا استمرار المملكة في “دعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني، وحرصها الدائم على دعم كافة الجهود للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية”.
وكتب عضو المكتب السياسي علي القحوم، أعلى سلطة سياسية لدى الحوثيين، على منصة “إكس” أن الوفد الحوثي سيغادر صنعاء “على متن طائرة عمانية إلى المملكة العربية السعودية لاستكمال اللقاءات السابقة التي تمت في مسقط لأكثر من مرة مع الوفد السعودي”.
وأضاف “التفاؤل قائم ولا يزال في نجاح الوساطة والجهود العمانية لتحقيق السلام في اليمن”.
وتؤدي عمان دور الوسيط في النزاع. وأفادت وكالة الأنباء “سبأ” المتحدّثة باسم الحوثيين مساء الخميس بوصول وفد عماني إلى صنعاء يرافقهم المتحدث الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام المقيم في السلطنة.
وأنعشت زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء في أبريل، والتقارب الأخير بين الرياض وطهران، الآمال بالتوصل إلى حل سياسي للنزاع الدامي في اليمن.
وقال ماجد المذحجي رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية إن زيارة الوفد الحوثي إلى السعودية “أشبه بنقل العلاقة بين الحوثيين والسعودية من الغرف الخلفية إلى صالة المنزل، أي شرعنة هذه العلاقة ومنحها دفعا إضافيا”.
وتابع “على الصعيد السياسي، هي خطوة متقدمة لإنهاء الدور المباشر للسعودية في اليمن وإقرار الحوثيين بدورها كوسيط” إلى جانب كونها أحد أطراف النزاع.
وقد تراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في أبريل 2022، ولا يزال قائما إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مفاعيل الاتفاق في أكتوب 2022.
لكن الأزمة الإنسانية في البلد الفقير لا تزال تتفاقم، مع تراجع المساعدات الإنسانية بسبب نقص التمويل.
والخميس، طالبت 98 جهة دولية ومحلية بينها منظمات تابعة للأمم المتحدة في بيان بزيادة التمويل لمواصلة مساعدة “أكثر من 21.6 مليون شخص، أي 75 في المئة من سكان اليمن”.
وأشارت هذه الجهات إلى أنّ “17 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي” في اليمن، وهذا العدد يشمل 6.1 مليون شخص دخلوا بالفعل “مرحلة خطيرة في نقص الغذاء وسوء التغذية الحاد”.