يستقبل بحر صيرة يومياً عشرات الألاف من المترات المكعبة من مياه الصرف الصحي وعلى مدى عقد كامل، بسبب توقف استقبال احواض معالجة مياه الصرف الصحي في محطة العريش في خورمكسر ، حيث احدث هذا التصريف الجائر للمياه العادمة الى تلويث لا تخطئه العين ولا الأنف وتلمسه عند زيارتك لساحل الخشب في جزيرة صيرة .
تحدث فنيون عاملون في محطة استقبال مياه الصرف الصحي في مديرية صيرة بإن الضخ الى احواض المعالجة في العريش قد توقفت عن إستقبال مياه الصرف الصحي القادمة من مديريات صيره وخورمكسر والتواهي والمعلا ، وتقوم تلك المديريات ومنها مديرية صيرة بتوجيه مياه الصرف الصحي الى البحر مباشرة دون معالجة .
وتحدث احد مهندسي محطة استقبال محطة مياه الصرف في مديرية صيرة حيث قال في حديثه مع موقع "سكوب 24 الإخباري": إن مياه الصرف تستقبلها المحطة انسابيا من مناطق المدينة القديمة (كريتر) وتتجه مباشرة عبر شبكة الصرف الى البحر الواقع خلف مستشفى عدن العام متسببه أكبر عملية تلوث لبحر صيرة .
وأكد تقرير سابق ان كمية مياه الصرف الصحي والتي تضخ الى البحر من مديريات خورمكسر وصيره والمعلا والتواهي تتجاوز 80,000 متر مكعب باليوم نصيب مديرية صيرة فقط تتجاوز 12360 متر مكعب باليوم وهي كمية كبيرة هذا اذا علمنا ان تلك الكميات تتدفق الى البحر دون معالجة متسببة باكبر عملية تلوث للبيئة البحرية.
وقد ظهر العديد من تلك الاثار اهمها ابيضاض الشعب المرجانية وفقدانها لالوانها واختفاء اشجار المنجروف الشاطئية المؤل الاول للأحياء البحرية .
البناء العشوائي خلف محطة التصريف
تحدث عاملون في محطة تصريف مياه الصرف الصحي مديرية عن البناء العشوائي الذي نشأ خلف المحطة والذي ينذر بكارثة اكبر حيث قام البعض بالبناء فوق انبوب التصريف الرئيسي والذي بمتد بطول 250 متر طولي ، كما افاد فنيون أن الأنبوب الرئيس لتصريف المياه العادمة انفصل من ناحية الرأس مما تسبب في قصر مسافة التصريف الى أقل من مئتين متر طولي من الساحل وتسبب في بقاء مياه الصرف الصحي على مقربة من الشاطئ ويرى بالعين المجردة ولاتخطئها أنف .
*محطات رفع مياه الصرف الصحي
تعمل في مديرية صيرة وتحديداً في المدينة القديمة ( عدن) اربع مضخات رافعة تقوم بضخ مياه الصرف الصحي الى الشبكة لتتخذ، مياه الصرف الصحي مسارات انسيابية دون ضخ، وصولا الى محطة الاستقبال في جزيرة صيرة ومنها انسيابيا الى البحر دون ادني معالجة.
وتتموقع تلك المضخات الرافعة في منطقة البوميس ومنطقة معاشق وجزيرة صيرة وحي العيدروس ومهمتها تنحصر في رفع مياه الصرف الصحي من تلك المناطق والاحياء الى شبكة الصرف الصحي لتتجه انسيابيا دون ضخ الى محطة الاستقبال في صيرة ومنها تتدفق انسيابيا الى البحر خلف المحطة .
بيان تحذيري لهيئة العامة لحماية البيئة
وحذر القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة المهندس فيصل الثعلبي من أن استمرار تدفق مياه الصرف الصحي الملوثة وغير المعالجة إلى البحار المحيطة بمدينة عدن سيؤدي إلى إصابة البيئة البحرية بمقتل وذلك بسبب توقف محطتي كابوتا والعريش عن العمل ، معرباً عن تخوفه من أن تتحول هاتان المحطتان البالغ مساحتهما 200 هكتار في حال استمرار التوقف إلى أرض بيضاء تعرضها لناهبي الأراضي وسماسرتهم . وناشد في( بيان سابق ) اثناء تولية مهام إدارة الهيئة العامة لحماية البيئة في العاصمة عدن بهذا الشأن السلطة المحلية في عدن والحكومة والمنظمات البيئية الإقليمية والعربية والدولية وكل الجهات المهتمة بالبيئة إلى الالتفات إلى هذا الأمر باهتمام بالغ كونه من أهم قضايا الخدمات المجتمعية الأساسية اليومية .
وقال : لقد طفح الكيل من هذا الأمر الذي لم يلق استجابة حتى الآن وتعبنا من المراسلات المحذرة التي تتعلق بخطورة تلويث البيئة البحرية المحيطة بمدينة عدن بسبب مياه الصرف الصحي الملوثة وغير المعالجة وكيفية معالجتها ولهذا توجهنا لوسائل الإعلام لايضاح القضية للرأي العام ولفت أنظار جهات الاختصاص .
وأوضح أن كمية المياه الناجمة عن الصرف الصحي في عدن تبلغ في المتوسط 50 ألف متر مكعب في اليوم كانت محطة كابوتا للمعاجة في المنصورة التي تأسست عام 1973 م تستقبل من هذه الكمية 20 ألف متر مكعب ، بينما تستقبل محطة العريش التي أسستها ألمانيا عام 2003 م بقية الكميات البالغة 30 ألف متر مكعب ، والمحطتان كانتا في الماضي تستقبلان مياه الصرف الصحي لمناطق الشيخ عثمان ودار سعد والمنصورة والبساتين والشعب والحسوة وكريتر والتواهي وخورمكسر والمعلا .
وأفاد أن محطتي المعالجة متوقفتان حالياً عن العمل ومهجورتان وأصبحت المياه الملوثة المحتوية على ملايين المستعمرات البكتيرية والعديد من العناصر الثقيلة الخطرة وعلى المخلفات الخطرة للمستشفيات والمعامل والمصانع ترمى وتضخ إلى البحر دون معالجة .
وأشار إلى أن مياه الصرف الصحي الملوثة لمديريات الشيخ عثمان والمنصورة ودارسعد تمر مرور الكرام في محطة كابوتا عند ساعات عمل الكهرباء فقط دون معالجة وتمر بمحمية الحسوة حيث تستخدم هذه المياه لشرب الأغنام والأبقار وزراعة (الأعلاف) مما ينتج عنه أضرار صحية لهذه المواشي وألبانها وماتبقى من مياه ملوثة يذهب إلى البحر مسبباً أيضاً ضرراً بالغاً بالبيئة البحرية واختناق وموت الكائنات البحرية المتواجدة وبالتالي تصبح بحارنا ميتة بيئياً ، كما أن جزءاً من المياه الملوثة للمديريات الثلاث تصرف أيضاً في البحر أمام المملاح وتنتقل بسمومها إلى خزانات المملاح وتؤثرعلى سلامة الملح البحري الذي يدخل كل بيت ، مضيفاً : وبالنسبة لبقية المناطق فإن المياه الملوثة لمديرية خورمكسر تصرف في ساحل أبين أمام مبنى إدارة جامعة عدن أما مديرية صيرة فتصرف مياه الصرف الصحي الملوثة أمام ساحل صيرة خلف مستشفى عدن العام بينما مياه المعلا والتواهي تصرف في ميناء المعلا والجزء الآخر في ساحل حجيف . ولخص المهندس فيصل الثعلبي الحل بالقول : الآن أصبحت البيئة البحرية تستنجد ومحطات المعالجة التي تشمل أحواض المعالجة بطريقة طبيعية متوقفة ، لسنا بحاجة ملحة للمعالجة في هذه المحطات إلّا لأشعة الشمس وهبوب الهواء فتتم المعالجة ببكتيريا الأكسدة الهوائية واللاهوائية ، لكننا نحتاج في الأساس إلى عودة الكوادر المتخصصة الموجودة بالعشرات في المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي لتعمل في هذه المحطات المهجورة وإلى أجهزة فحص يمكن توفيرها لو طلبت رسمياً من المنظمات البيئية علماً أن عدن من أفضل المحافظات حظاً بملكيتها لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي
دراسات بحثية تُحذر
تشير العديد من الدراسات البحثية في مجال التلوث والبيئة، إلى أن تدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى البحر يترتب عليها آثار كارثية تلحقها في البيئة البحرية وما يحيطها.
في إحدى الدراسات تطرقت الباحثة الأكاديمية الكويتية، نورة الجندل، أشارت إليها صحيفة “النبأ” الكويتية في 12مايو2012م، من تأثيرات مياه الصرف الصحي على الأحياء البحرية.
وحذرت الجندل من استمرار تدفق مياه الصرف الصحي إلى مياه البحر، مشيرة إلى أن المكونات الكيميائية التي تحتويها هذه المياه تحدث تغيراً فسيولوجياً على الأسماك بمختلف أنواعها.
وأوضحت، أن المكونات الكيميائية التي تحتويها مياه الصرف الصحي تغير من جنس الأسماك، وتجعلها غير قادرة على التكاثر، وأن هذه الآثار تظهر على المديين القريب والبعيد بشكل خاص، وتهدد الثروة السمكية، وتصل تأثيراتها إلى الإنسان.
وزادت الجندل، أن نحو 70% من الأسماك تغير جنسها من خلال تأثرها بالملوثات الكيميائية بمياه الصرف الصحي، مضيفة أن هذا التغيير بجنس السمك يحدث نتيجة المواد الأستروجينية الناتجة عن الملوثات الطبية بمياه الصرف الصحي.
ولفتت إلى أن مياه الصرف الصحي قاتل خفي للبيئة البحرية، من خلال تغيير جنس الأحياء في البحر، وخاصة الأسماك، مما يهدد وجودها على المدى البعيد.
وقالت، إن “هناك مؤثرات أخرى للمواد الكيميائية التي تحتويها مياه الصرف الصحي، فهذه المكونات تقلل من المناعة، وتغير سلوك الأسماك، وغيرها من الأحياء البحرية، كما أن هذه المواد الكيماوية ذات تراكيز منخفضة قد تساهم في تغيّر فيسولوجيا الأسماك بشكل خاص”.
وأضافت الجندل، أن “دراسة علمية قامت بها المملكة المتحدة والكويت، أثبتت وجود تلوث، “إيثانول أسترا ديل” الكيماوية في مياه الصرف الصحي ومادة “بيسفينول A” الكيماوية المستخدمة في صناعة لدائن البلاستيك والمواد الاستهلاكية، ما يتسبب في تعطيل الغدد الصماء المسؤولة عن عمليات النمو والمواصفات الجنسية للكائنات الحية، ما أدى إلى تغيّر جنس بعض الأسماك التي حملت الصفات الذكرية والأنثوية معاً، وذلك نتيجة خلل هرموني”.
وبيّنت أن “تأثيرات هذه المواد تختلف حدة نتائجها من مكان إلى آخر، سواء كانت بالمختبر لإجراء التجارب العلمية أو الأنهار أو البحر، مع وضع عامل التخفيف للتركيز بعين الاعتبار، إضافة إلى نوع الأسماك وحجمها؛ حيث تتميز الكبيرة منها بحمل نسب تراكيز أكبر من المواد الكيماوية، في حين تتميز صغيراتها بحساسيتها”.
وعدّدت الجندل الأسباب العلمية المختلفة التي يمكن أن تسبب ظاهرة نفوق الأسماك، في الكويت، وبشكل عام، في كل بحار العالم، حيث تتمحور حول نقص الأكسجين المذاب في المياه، وتغيّر في درجات الحرارة، وارتفاع نسبة الطحالب والمغذيات في البحر، التي بدروها تستهلك نسباً كبيرة من الأكسجين.