أعادت حملة شعبية إلكترونية ملف الكهرباء في تعز اليمنية إلى واجهة المشهد باعتبارها أحد أوجه فساد "الإخوان" المستشري في مختلف القطاعات والمؤسسات.
تحت وسم "تعز طافي" نشر ناشطون آلاف الفوتير التي تعود لاستخدام مواطنون الكهرباء التجارية بتعرفة خيالية وذلك إثر انقطاع التيار الكهربائي الحكومي منذ 9 أعوام في المدينة الخاضع لحكم الإخوان والتي يحاصرها الحوثيون منذ 2015.
محطات تجارية
ويبرز فساد الإخوان في تعز من خلال تشيد قيادات التنظيم محطات تجارية خاصة لتوليد الكهرباء، واستغلال أصول مؤسسة الكهرباء العامة في المتاجرة وتربح ملايين الريالات.
وقال مصدر في مؤسسة الكهرباء بتعز اليمنية لـ"العين الإخبارية"، إن الإخوان شيدوا أكثر من 14 شركة لتوفير الكهرباء بالسعر التجاري وذلك بواسطة أكثر من 54 مولدا كهربائيا تنتشر في أحياء تعز السكنية وفي استغلال فاضح لانقطاع الكهرباء الحكومية.
وأبرز تلك الشركات وفقاً للمصدر هي "يمن كو"، "الأخوين"، "الأنوار"، "الدبعي"، "يمن باور"، "المتحدون"، "أنوار المدينة"، "النهضة"، "الضبوعة"، "الحرمين"، "الوفاء"، "النورس"، "محطة تعز"، "الحياة لايت".
وأشار المصدر إلى أن هذه الشركات يملكها تجار موالين للإخوان وقيادات إخوانية نافذة تستغل انعدام الكهرباء الحكومي والتي يبلغ سعرها 25 ريال للكيلوواط في تقديم خدمة الكهرباء بتعرفة خيالية.
ووصل سعر قيمة التعرفة الكهربائية المقدمة من الشركات التابعة للإخوان لمنازل المواطنين إلى 1100 ريال يمني للكيلو واط الواحد، فيما يبلغ سعر قيمة التعرفة للمحلات التجارية 1400 ريال يمني، (10 دولار أمريكي)، وفقا للمصدر.
وكان ناشطون يمنيون حملوا سلطات تعز الخاضعة للإخوان المسؤولية في إبرام عقود مع مالكي محطات الكهرباء التجارية والسماح لهذه الشركات باستخدام شبكات وخطوط الدولة، وعدم مراقبتها، ما يعد مخالفة صريحة للقانون اليمني.
وأشاروا إلى أن عدم إلزام المحطات التجارية بتوفير سعر محدد ويتناسب مع وضع المواطن المعيشي وبما يتفق مع القانون اليمني ذات الشأن، يعد مخالفة صريحة للقانون ومشاركة الجهات الحكومية الخاضعة للإخوان في ذلك الفساد.
خسائر تجارية
في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، شكا عدد من المواطنين في مدينة تعز، من انعدام الكهرباء الحكومية، والدعم الحكومي، المتمثل في إعادة تأهيل وإصلاح محطة عصيفرة شرقي المدينة، وهي محطة توليد كهرباء حكومية.
وفيما حمل المواطنين الإخوان الحاكمين لتعز المسؤولية، أشاروا إلى أن الحكومة المعترف بها دوليا تركتهم فريسة سهلة لجشع مالكي محطات الكهرباء التجارية، التي تقوم برفع قيمة التعرفة الكهربائية بشكل مستمر.
كما تفرض مبلغ 2000 ريال كرسوم اشتراك غير رسمي، ومبلغ 70 ألف كاشتراك أولي للحصول على خدمة الكهرباء التجارية.
أحد هولاء المواطنين، كان محمد الشرعبي (56 عاما)، وهو صاحب محل لبيع الآيسكريم في بلدة "بيرباشا" وسط المدينة، والذي تحدث عن أن فواتير الكهرباء ارهقته كثيراً بسبب ارتفاع سعرها وعدم قدرته على تحمل المزيد من الارتفاع بعد أن وصل سعر الكيلو واط الواحد إلى 1400 ريال يمني.
ويضيف الشرعبي لـ"العين الإخبارية"، أنه لم يعد يجد أي ربح من هذا العمل -عمله في بيع الايسكريم- حيث أن أكثر من نصف مكسبه يذهب لدفع هذه الفواتير تجنبا لقطع الكهرباء عن محله وتلف بضاعته.
وبالرغم من ذلك مازال الشرعبي غير قادر على سداد كافة المبالغ المتراكمة عليه لدى شركة الكهرباء التجارية وهو مهدد دائما بقطع الخدمة عن محله.
ويشير إلى أنه في كثير من المرات تكبد خسارة كافة بضاعته بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة مما يؤدي إلى تلفها، لأنها تعتمد على التبريد، وأن شركة الكهرباء تقوم باطفاءها بشكل مزاجي تصل إلى 8 ساعات يومياً.
ويؤكد أن مبلغ الفاتورة يصل إلى أكثر من 260 ألف ريال يمني (220 دولار أمريكي) شهرياً، وهو ما يضاعف معاناته في عمله ومصادرة ربحه.
ضغط شعبي
مؤخرا بعد الضغط الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي بدأت السلطات في تعز بالتحرك في مسعى لإعادة التيار الحكومي وهو ما يستبشر به أكثر من 5 ملايين نسمة يقطنون في هذه المدينة المصنفة عاصمة ثقافية للبلاد.
ويقول الناشط اليمني طاهر بشير لـ"العين الإخبارية"، إن ملف الكهرباء بمدينة تعز يعد عجز لا مبرر له على الإطلاق مهما كان وضع الملفات الأخرى شائكة.
ويضيف، أنه منذ أن شنت مليشيات الحوثي حربها الظالمة بحق اليمنيين منذ 9 أعوام، والوضع في مدينة تعز وباقي المدن اليمنية في تفاقم مُزري، حيث إن الوضع المعيشي والإنساني والاقتصادي يتدهور أكثر فأكثر، وما ضاعف ذلك هو عدم توفير أبسط الخدمات.
ويؤكد طاهر أن الخدمات الأساسية وتوفيرها للمواطنين هو في صلب المعركة الرئيسية، وهي استعادة المؤسسات واعادة الحياة للمُدن، وأن التقليل من أهمية هذه الخدمات وعدم توفيرها للمواطنين في تعز خاصة ومدن الشرعية عامة، إحدى مبررات المليشيات الحوثية في انقلابها على الدولة، كما أنه يعطيها المبرر لممارسة سطوتها شمال اليمن.
وبحسب طاهر فأن الكهرباء ومشروع المياه ورقابة مكتب الصناعة والتجارة وفرض الأمن، تعد ليس مجرد خدمات وانما بمثابة الأُعمدة التي ستتحمل ثُقل الدولة واستقرار بنائها على المدى الطويل.