معاناة سكان عدن: بين التحشد المليوني وواقع الحياة

عانى سكان عدن اليوم من التحشد المليوني الذي دعت إليه نقابات عمال الجنوب صباح اليوم ٢٤ فبراير ٢٠٢٥م في ساحة العروض بالخورمكسر. هذا التجمع الكبير، الذي أُغلقت خلاله مداخل الساحل من كافة الجهات، أدى إلى تكدس مروري هائل، مما اضطر العديد من المواطنين إلى السير على الأقدام للوصول إلى أعمالهم. إن مثل هذه المظاهرات تثير الكثير من التساؤلات حول نتائجها وتأثيرها الفعلي على حياة الناس اليومية.
إن المخرجات التي خرجت بها هذه المليونية كانت متوقعة إلى حد كبير. فبينما كان الهدف من التجمع هو إيصال مطالب العمال والمواطنين إلى الجهات المعنية، إلا أن الأثر المباشر على حياة الناس كان سلبياً. توقفت حركة المرور، وازدادت معاناة المواطنين الذين يواجهون بالفعل صعوبات اقتصادية خانقة. وقد شهدت عدن، خلال السنوات الأخيرة، تداعيات الأزمة الاقتصادية، مما جعل الحياة اليومية للمواطنين أكثر صعوبة.
من المهم أن نتساءل: ما هي الثمار العائدة للمواطن على الواقع من مثل هذه المليونات؟ هل تحققت مطالبهم؟ هل تم الالتفات إلى معاناتهم؟ للأسف، يبدو أن الإجابة عن هذه الأسئلة ليست مشجعة. فقيادات النقابات، التي تشدد على ضرورة الاحتجاج والتظاهر، قد تكون بعيدة عن الواقع الذي يعيشه المواطن. فعدم تقديرهم لصعوبة الوضع يجعل من الصعب عليهم أن يكونوا صوتاً للمواطنين الذين بلغ بهم اليأس حده.
إننا لا نحتاج إلى مزيد من المليونات، فقد عشنا زمن المليونات لأكثر من عقدين من الزمن، خاصة خلال الثورة السلمية للحراك. كانت تلك المظاهرات تهدف إلى تحقيق حقوق مشروعة، ولكن يبدو أن الطريق الذي نسلكه الآن لا يؤتي ثماره. إن الناس بحاجة إلى حلول فعلية، إلى خطوات ملموسة تسهم في تحسين جودة حياتهم، وليس إلى مزيد من الشعارات والخطابات.
علينا أن نتوقف ونفكر في كيفية تحقيق التغيير. ربما يجب على نقابات العمال أن تعيد تقييم استراتيجياتها، وأن تبحث عن طرق أكثر فعالية للتعبير عن مطالب العمال والمواطنين. من المهم أن تكون هناك قنوات حوار مباشرة مع الحكومة والجهات المعنية، بدلاً من الاعتماد على المظاهرات التي قد تؤدي إلى مزيد من التوتر.
في النهاية، نحن بحاجة إلى أن نكون صوتاً للمواطنين، وأن نعمل معاً لإيجاد حلول حقيقية لمشاكلهم. يجب أن نتجاوز الشعارات والمظاهرات، وأن نبحث عن طرق فعالة لتحقيق مطالب الناس وتحسين حياتهم. إن التغيير يتطلب العمل الجاد والتفاني، وليس مجرد تجمعات قد تؤدي إلى مزيد من المعاناة. علينا أن نتذكر أن المواطن هو محور كل الجهود، وأن معاناته يجب أن تكون في صميم أي خطة أو استراتيجية نضعها للمستقبل.