في غمرة الحرب وجنون العشوائية صمتنا قليلا وحاولنا الوقوف والاصطفاف كمعلمين مُنهكين من وقع كل هذا الاستهداف.. وإذا بنا نرى ابناءنا ( الفشلة) يقودون الدفة ! ولم يكن لنا أن ننبس ببنت شفه !
كنا في زمن الخير نهملهم كتلاميذ صغار مقصرين يجلسون في آخر صفوف قاعة ! ...نيأس من عدم تجاوبهم سريعا.. نهملهم .. مرت سنين على هذا الحال.. والكل لهم غير آبه.. وفجأة تغيرت الأحوال وأتى القراصنة واختاروهم كجثث مرقمة تصلح كوقود لحروبهم العبثية..استجاب هؤلاء الشباب الصغار ..فلقد وجدوا من يأبه بهم..من يثمن وجودهم..من يسمعهم أنهم : ابطال..وأن وجودهم ذو جدوى..مات المئات منهم ..وعاد الباقون معاقين أو بالكاد سليم نوعا ما..
تقادمت سنين العشوائية علينا جميعا واستمر استثمار هذا النوع من أبنائنا ..شبّ على الإهمال واللوم بأنه مقصر..وعلى انعدام النظام..فكان لزاما الالتحاق بكتائب الموت هنا وهناك..
كانوا قلة يجلسون اخيرا ..واليوم غدوا هم الأكثرية..بنوا لأنفسهم دولة ..ونظام..وقانون..( قانون الغاب ) ؟!
وليكن..
فهذا ليس بزمن المعلمين اطلاقا..
الاقلام جفّ مدادها.. فهؤلاء كتبوا الحاضر بنزقهم..
سادة..قادة..غارقون في الملذات..البطش والتنكيل من امتع هواياتهم..
ألهذه الدرجة كنا معهم قُساة كمعلمين وأُسر ومجتمع ..
ألهذا الحد لم نكن نلحظ حنقهم من اهمالنا وتأنيبنا..
هي إذا دائرة مغلقة واحدة..ورحىً يطحن بعضها بعضا..لا احد سيفلت من عقاب الإهمال..
ماذا عن الغد ؟!.. عندما يستمر ابناؤنا القادة في الصمم عن اصوات بطون معلميهم الجائعة..هل سيكونون بمأمن ..؟!
اعتقد لا..فالجميع سيصبحون ( فاشلون ) بل ومتسربون..لن ينتظروا حتى يأتي قراصنة جدد..بل سيكبرون ثوارا على كل شيء..نعم كل شيء..
لن يولّوا وجوههم شطر إحدى الجهات الأربع ! بل صوب كل شيء ينبض بالحياة..
هكذا الضباع يفعلون بفريسة الذئب الممزقة بعد أن يفتكوا بها مجتمعين..
حينها لن يبقى شيء..
ربما ندفع ثمن اهمالنا كمعلمين..وغدا سيدفعون ثمن اهمالهم كفشلة !