كانت شهد أبو عمر (20 عاما) في سنتها الجامعية الثالثة في دراسة علوم الكمبيوتر بجامعة الأزهر في غزة التي حولتها الحملة العسكرية الإسرائيلية في القطاع الفلسطيني إلى أنقاض.
وأصبحت شهد الآن واحدة من بين 90 ألف طالب جامعي تقطعت بهم السبل في حرب لا تبدو لها نهاية في الأفق دمرت جميع مؤسسات التعليم العالي الاثنتي عشرة في قطاع غزة، وفقا لبيانات رسمية فلسطينية.
لكن عزم شهد على مواصلة الدراسة لا يلين، فهي تقطع رحلة يومية محفوفة بالمخاطر للحصول على اتصال مستقر بالإنترنت يسمح لها بالتعلم عبر الإنترنت.
وقالت “يعني المفروض مخلصة تالتة وطالعة رابعة لكن بسبب الظروف اللي صارت فأنا مضطرة أبدأ تالتة من أول وجديد. يعني سنة كاملة راحت علينا يعني مش أنا وبس (وحدي)، أنا وكتير من طلاب قطاع غزة طبعا. جامعة الأزهر اتدمرت كل فروعها اتدمرت، كل شيء اتدمر”
ووسط أنقاض منزل مدمر، تجلس شهد لتتعلم على هاتفها المحمول. وقالت والدتها حنين سرور إنهم وصلوا إلى المنطقة للحصول على اتصال بالإنترنت. وأضافت أن الاتصال الذي يعد ضروريا لتنزيل المحاضرات المسجلة والتواصل مع الأساتذة، ما زال ضعيفا.
وأضافت الأم “إحنا عشان نقدر نتواصل ع الإنترنت طبعا مع الناس اللي بدنا إياها، وننزل محاضرات ونتواصل مع الجامعة ومع الدكاترة، بنضطر نيجي (نأتي) للمكان هذا اللي أنتم شايفينه (ترونه)، طبعا بيت مقصوف وكله محفوف بالمخاطر، وبنفس الوقت بطاقة الإنترنت ضعيفة كتير، يعني بصعوبة كبيرة أما ننزل محاضرة أو ننزل فيديو أو نقدر نتواصل مع أي حدا (شخص) فكل خطوة محفوفة بالمخاطر وصعبة كتير
وتستعد شهد لامتحاناتها النهائية التي تحل بعد أسبوعين فقط. وتخشى ما هو أسوأ.
وقالت “الصعوبات اللي واجهتها الأسبوع اللي فات، كان عندي كويز (امتحان) في مادة معينة، كنت فايتة (أعمل على أن) أقدم في الكويز، فجأة لقيت حالي نازحة في الشارع، إشي إكتير صعب جدا، ودكاترتنا (المعلمون) بيعانوا نفس المعاناة. الدكاترة أغلبهم في القطاع ما هم عارفين يتابعوا معنا ولا هم موجودين في كل وقت إحنا محتاجينهم فيه، ولا عارفين يحملوا كل المحاضرات لإلنا (لنا) والفاينال (الامتحان النهائي) على الأبواب تقريبا، أقل من أسبوعين ويبدأ الفاينال، فالإشي (الأمر) كتير صعب”.
وتحلم شهد بالعودة إلى الجامعة لتجلس في قاعة الدراسة والالتقاء بالأساتذة والأصدقاء.
ومضت تقول “أبسط أحلامنا أن ترجع حياتنا طبيعية نعيش زي الباقيين يعني أبسط حقوقنا الآن أنه التعليم هذا حق يعني المفروض أنه يكون حق مكتسب لدى الجميع لكن هذا الآن بالنسبة إلنا إشي كبير حلم، إنك ترجع جامعتك، تقعد في قاعتك، تشوف دكتورك، تحضر محاضراتك تشوف زملاءك، تشوف صحباتك. لأنه تقريبا أنت مش عارف ولا أي إشي عن أي حدا، لا عارف تروح جامعتك ولا أنت عارف تدرس حتى وانت بعيد عنها”
وأدت الحرب التي دخلت الآن شهرها الحادي عشر إلى حجب العلم عن نحو 625 ألف طفل في سن الدراسة في غزة لم يعد بوسعهم الحضور في الفصول الدراسية.
ومن المرجح أن تظل شهد والطلاب في مختلف أنحاء الجيب الساحلي الصغير في حالة من التوجس وعدم اليقين إلى حين. وقالت إنه حتى بعد انتهاء الحرب، يخشى الطلاب أن تظل أبواب الجامعات مغلقة.
ومضت تقول “يعني حلمك طموحك جامعتك، يعني أنت الآن مش عارف تحقق حلمك ولا تحقق طموحك ولا موجود في جامعتك. كل إشي بيروح من إيدك وأنت مش عارف إيش تعمل، أنت مش بايدك تعمل أي إشي. فالإشي كتير صعب بصراحة، حتى أما تخلص الحرب، إحنا مش عارفين متى هترجع الجامعة، يعني غير السنة اللي راحت أنا متأكده أن فيه سنين جاية هتروح برضه، فالإشي كتير صعب بصراحة”
ورغم كل الصعوبات، ستواصل أبو عمر الدراسة على أمل ألا تضيع سنة دراسية كاملة.
وقالت “لا فيه نفسية منيحة (جيدة) تخليكي تركزي أساسا وتتبع تدرس إمنيح. ما في طاقة أساسا، كل شوية أنت في مكان أنت الآن قاعد وموجود في مكان، مش عارف كمان شوية وين هتروح، فالإشي كتير صعب بصراحة، بس إحنا مكملين، رغم كل إشي، بس الأمل أن الوقت أن كل السنة راحت على الطالب، فبندور أن شوية نكون حصلنا إشي منيح في السنة اللي راحت”.