عين إيمانويل ماكرون وزير التعليم غابرييل أتال البالغ من العمر أربعة وثلاثين عاما رئيسا جديدا للوزراء اليوم الثلاثاء، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الفرنسي إلى بث حياة جديدة في ولايته الثانية قبل انتخابات البرلمان الأوروبي.
ولن تؤدي هذه الخطوة بالضرورة إلى أي تحول سياسي كبير، لكنها تشير إلى رغبة ماكرون في محاولة تجاوز إصلاحات التقاعد والهجرة التي لم تحظ بشعبية العام الماضي وتحسين فرص حزبه الوسطي في انتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو.
وسيحل أتال، وهو حليف مقرب لماكرون، وأصبح اسما مألوفا كمتحدث باسم الحكومة خلال جائحة كوفيد-19، محل رئيسة الوزراء المستقيلة إليزابيث بورن.
ويعد أتال أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد في استطلاعات الرأي الأخيرة، وقد صنع لنفسه اسما كوزير ذكي، ومتحدث فطن في البرامج الإذاعية وفي البرلمان.
وقال ماكرون، الذي قال نهاية العام الماضي إنه سيعلن عن مبادرات سياسية جديدة "عزيزي غابرييل أتال، أعلم أنني أستطيع الاعتماد على طاقتك والتزامك بتنفيذ مشروع التنشيط والتجديد الذي أعلنته".
وسيكون أتال أصغر رئيس وزراء لفرنسا وأول رئيس للوزراء يعلن عن مثليته الجنسية في ديسمبر 2018، بعد أن دخل في عقد مدني مع النائب الأوروبي ستيفان سيجورني.
وسارع زعماء المعارضة إلى القول بأنهم لا يتوقعون الكثير من وراء التغيير في منصب رئيس الوزراء، حيث يتولى ماكرون نفسه الكثير من عملية صنع القرار.
وقال أوليفييه فور زعيم الحزب الاشتراكي لراديو فرانس إنتر "إليزابيث بورن أو غابرييل أتال أو أي شخص آخر، لا يهمني، ستكون نفس السياسات".
وولد غابرييل نيسيم أتال، سنة 1989 ضاحية كلامرات الباريسية وينحدر من أسرة سينمائية ذات أصول يهودية تونسية، حيث عمل والده منتج أفلام سينمائية، فيما كانت تعمل والدته ماري دي كوريس في شركة إنتاج. وهي مسيحية أرثوذكسية ذات أصول يونانية من سكان مدينة أوديسا في أوكرانيا.
وفي وقت مبكر جداً، عرف أتال بشغفه بالسياسة، ومنذ سنوات دراسته الثانوية، قاد حملة ضد مبادرة الحكومة لتعديل قانون العمل آنذاك.
وأصبح أتال عضواً في الحزب الاشتراكي في عام 2006، وشارك في ترشيح سيجولين رويال لانتخابات 2007 الرئاسية، أثناء دراسته في معهد الدراسات السياسية في باريس، الذي حصل منه عام 2012 على درجة الماجستير في الشؤون العامة.
كان غابرييل أتال من أوائل الاشتراكيين الذين اقتنعوا بفكرة إيمانويل ماكرون، أثناء إنشاء حركته، والذي عينه وزيراً مفوضاً للحسابات العامة في ربيع عام 2022.
ومنذ دخوله الحكومة قبل أربع سنوات، صنع لنفسه اسماً في الرأي العام بفضل قدرته على التعامل مع وسائل الإعلام.
ويثني أنصاره على "قدرته على العمل المستمر" و"حسه السياسي الكبير"، لكن تعيينه في التربية الوطنية أثار انتقادات متعددة "كجهله" بنظام التعليم الحكومي ومشاكله، لكونه درس في مدارس خاصة.
وتلقى غابرييل دراسته الابتدائية والثانوية في المدرسة الألزاسية، وهي مدرسة خاصة للنخبة الباريسية في الدائرة السادسة بباريس، وكان رفيقه في مقاعد الدراسة آنذاك المغني حالياً جويس جوناثان، حيث سكنا معاً لعامين.
بين عامي 2008 و2010، درس في جامعة بانتيون الثانية، وحصل منها على شهادة الإجازة (البكالوريوس) في القانون. ثم حصل على الماجستير في الشؤون العامة بمعهد الدراسات السياسية في باريس بين عامي 2007 و2013.
ومنذ صعود نجم غابرييل أتال في السياسة، واجه انتقادات بسبب صغر سنه، الأمر الذي لاحقه منذ توليه مناصب مهمة في الحكومة.
ورداً على ذلك قال "نعم، أنا شاب، لكن يمكن أن يكون عمرك 34 عاماً وتتحمل مسؤوليات جسيمة"، وذكر أن "واحداً من كل 3 معلمين سنه أقل من 40 عاماً".
وقبيل بدء العام الدراسي الجديد، أعلن غابرييل أتال حظر ارتداء العباءة في المدارس" بفرنسا، وشدد على سعيه لوضع" قواعد واضحة على المستوى الوطني لمديري المدارس.
ولدى سؤال الوزير عن المسألة التي تثير جدلاً منذ أشهر على خلفية حوادث على صلة بارتداء هذا اللباس، كشف أتال في تصريح لقناة "تي إف 1" أنه يسعى إلى لقاء مسؤولي المدارس لمساعدتهم في تطبيق هذا الحظر.
وأضاف أنه "عندما تدخل فصلاً دراسياً، ينبغي ألا يكون بوسعك التعرف إلى ديانة الطلاب بمجرد النظر إليهم".