ساعات بعد اقتحامهم قاعدة "سديه تيمان" العسكرية في جنوبي إسرائيل اقتحم يمينيون إسرائيليون مركز للشرطة العسكرية في وسط البلاد.
اليمينيون، الذين يتلقون الدعم من وزراء ونواب، اقتحموا الأبواب الحديدية واشتبكوا مع الشرطة العسكرية والجيش، في مشهد أبرز الانقسام الإسرائيلي.
وفيما كان الشعب الإسرائيلي منشغل بانتظار إمكانية اندلاع حرب في لبنان فإنه وجد نفسه أمام ما يشبه الحرب الأهلية.
فالمئات من اليمينيين الإسرائيليين ظهروا في عشرات مقاطع الفيديو وهم يقتحمون قاعدة "سديه تيمان" قبل أن يظهروا في مشاهد أشد عنفا في "بيت ليد، وسط إسرائيل.
ولم تشفع دعوات الجيش الإسرائيلي لليمينين بالهدوء إذ زادوا من احتجاجاتهم مع تصاعد لهجة اليمين ضد الجيش بعد توقيف 9 جنود لتعذيبهم أسير فلسطيني من غزة ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة بما فيها الاعتداء الجنسي العنيف.
وصاح اليمينيون الإسرائيليون" أطلقوا سراح الجنود" وهزوا البوابات الحديدية في قاعدة بيت ليد بقوة واشتبكوا بالأيدي مع الجنود الذين حاولوا منعهم من الاقتحام.
وشق اليمينيون طريقهم من البوابات الخارجية إلى القاعدة الخارجية وقد بدت عليهم علامات التمرد التي لربما أخفوها لسنوات.
واعتبر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل ما يجري في إسرائيل بأنه "محاولة من اليمين المتطرف لإثارة التمرد في الجيش".
وقال في تحليل تابعته "العين الإخبارية": "لقد حاول اليمين المتطرف في إسرائيل فرض مجموعة من القيم على الجيش الإسرائيلي، وانتظر الفرصة للقيام بذلك منذ بداية الحرب في غزة، والآن ربما حانت الفرصة".
وصب اليمينيون جام غضبهم على المدعية العامة العسكرية، اللواء يفعات تومر يروشالمي، بعد أن أرسلت الشرطة العسكرية لاحتجاز واستجواب تسعة جنود احتياط يخدمون في مركز احتجاز سديه تيمان لارتكابهم اعتداءات جنسية خطيرة على فلسطيني اعتقل في قطاع غزة.
ووجدت المدعية العامة العسكرية ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي والجيش نفسه في مواجهات اتهامات اليمين المتطرف من "الليكود"، الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وحزب "القوة اليهودية" الذي يقوده وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وحزب "الصهيونية الدينية" الذي يقوده بتسلئيل سموتريتش.
وفيما كان قادة من المعارضة يدعون إلى وقف الفوضى فإن وزراء ونواب اليمين المتطرف كانوا يصبون الزيت على النار.
وقال هارئيل: "بدا هذا الحادث وكأنه يمثل علامة فارقة أخرى في تفكك المجتمع الإسرائيلي".
وأضاف: "لقد شجع المتطرفون في الحكومة والائتلاف أكثر من مرة أعمال العنف والإساءة والتدمير في حين يغض رئيس الوزراء وزملاؤه في الحكومة الطرف عن ذلك وتظهر قيادة الجيش الإسرائيلي عدم كفاية القوة والشجاعة للوقوف على أرضها في وجه ما يحدث على الأرض".
وتابع: "إن ما حدث في سدي تيمان ليس حادثة معزولة وقعت بينما كانت القيادة العليا مشغولة بالقتال. كانت هناك أيضًا حوادث خطيرة على الجبهة - إطلاق النار على المدنيين بالقرب من قوات جيش الدفاع الإسرائيلي، والاستخدام الواسع النطاق للفلسطينيين كدروع بشرية وإحراق المنازل بشكل منهجي، وغالبًا ما يتم ذلك دون مبرر عملي".
وأستذكر هارئيل إنه "كان معظم القادة الميدانيين، مثل كبار الضباط، خائفين من معالجة المشكلة. كانوا يعرفون ما ينتظرهم: شكاوى الجنود من الإهمال والفشل في توفير الدعم، فضلاً عن الهجوم المنهجي لآلة السم على الشبكات الاجتماعية".
وقال: "إن ما نشهده في سديه تيمان هو محاولة لقيادة تمرد مليشياوي. وكان اليمين المتطرف ينتظر مثل هذه الفرصة منذ بداية الحرب. والآن ربما حانت الفرصة".
وأضاف: "هذه ليست حالة من التماهي العاطفي مع الجنود الذين وقعوا في مشاكل. إن اليمين المتطرف يحاول فرض مجموعة مختلفة من القيم على الجيش الإسرائيلي".
وحذر هارئيل من "إن تسليم الجيش الإسرائيلي لهم الآن من شأنه أن يدمر الجيش من الداخل".
وقال: "لقد استيقظ رئيس الأركان والمدعية العامة العسكرية متأخرين على التهديد، ولكن الآن ليس لديهما خيار سوى مواجهته. ولا يمكنهم أن يتوقعوا الحصول على أي مساعدة من نتنياهو".
لابيد: محاولة انقلاب
واعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلي ورئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد ما يجري بأنه محاولة انقلاب.
وقال لابيد على منصة "إكس": "طلب رئيس الوزراء (نتنياهو) منذ ساعتين تهدئة النفوس. ومنذ ذلك الحين، تعرض الصحفيون للضرب، وتم التلويح بلافتات "المدعية العامة العسكرية إلى السجن"، ويتظاهر أشخاص ملثمون يرتدون الزي العسكري ويحملون أسلحة أمام قاعدة للجيش الإسرائيلي في بيت ليد".
وأضاف: "هذه ليست أعمال شغب، إنها محاولة انقلاب من قبل مليشيات مسلحة ضد رئيس وزراء ضعيف غير قادر على السيطرة على حكومته".
غولان: تجهيز لتمرد في الجيش
واعتبر زعيم حزب "العمل" الإسرائيلي المعارض والنائب الأسبق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي يائير غولان بأن بن غفير يجهز لتمرد في الجيش.
وقال على منصة "إكس": "إن الغياب المتعمد للشرطة عن مدخل قاعدة بيت اللد ومركز المحاكم العسكرية القريبة ليس من قبيل الصدفة".
وأضاف: "حكومة بن غفير تجهز لتمرد في الجيش وفوضى في خدمة وزير مجرم".
وتابع غولان: "أدعو شرطة إسرائيل إلى العودة إلى رشدها وتطبيق القانون والتذكر أنهم قوة شرطة لها دولة ولا تنتمي إلى أي حزب قومي فاشي يقوده وزير مجرم يشجع على الانقلاب على حكم القانون ويعرض البلاد ومواطنيها وأمنها للخطر".
بن كسبيت: تخريب الانتخابات
ومن جهته اعتبر المعلق البارز في صحيفة "معاريف" بن كسبيت بأن ما يجري "مشهد بائس".
وقال: " هذا ما تبدو عليه الفوضى. لا توجد شرطة. لا أعتقد أن هناك رقيبًا واحدًا شجاعًا في طاقم قيادة الشرطة بأكمله قادر على تجميع نفسه وما تبقى من عموده الفقري وإيقاف هذا الشيء".
وأضاف: " ما نراه الليلة هو اختبار لأدوات بن غفير وشبان التلال استعدادا للانتخابات إذا وصلنا إليها".
وتابع في إشارة إلى تكليف بن غفير بالمسؤولية عن الشرطة: "إن تحول الشرطة إلى سياسة هو بداية نهاية ديمقراطيتنا".