تتزايد المخاوف مع استمرار هطل الأمطار في عدد من المدن اليمنية في ظل بنية تحتية هشة تأثرت بسنوات الحرب في البلاد، وضعف الخدمات الأساسية.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الخميس الماضي، ارتفاع عدد الوفيات من جراء السيول إلى 98، فضلاً عن إصابة 600 آخرين، في حين ذكرت كتلة المأوى التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الفيضانات أثرت على أكثر من 294 ألف شخص، وأنه جرى تقديم مساعدات منقذة للحياة إلى 67500 ألفاً فقط، ما يبرز وجود فجوة تمويلية بقيمة 25 مليون دولار يجب سدها عاجلاً لتلبية احتياجات المتضررين.
وكشف مدير مديرية حيس بمحافظة الحديدة، مطهر القاضي، أن "السيول اجتاحت 13 قرية، بما في ذلك مخيمات للنازحين، وسبّبت تضرر مساكن 1527 أسرة، وخسائر كبيرة بين المواشي، إضافة إلى تدمير الأراضي الزراعية. جرى العثور على جثمان شخص واحد من بين مفقودين".
بدورها، أعلنت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب، الأحد الماضي، أن عدد الأسر المتضررة من السيول في المحافظة تجاوز 12 ألف أسرة، من بينها 3 آلاف و673 أسرة تضررت منازلها كلياً، و8 آلاف و689 أسرة تضررت منازلها جزئياً، كما سبّبت السيول تدمير سبع مدارس كلياً، وتضرر 15 مدرسة جزئياً، فضلاً عن تضرر ثلاثة مرافق صحية، ووفاة ثمانية نازحين، وإصابة 34 آخرين.
وأضافت الوحدة التنفيذية أن السيول والعواصف خلفت تأثيرات واسعة علـى مساكن النازحين في 111 مخيماً في مديريات المدينة، والوادي، وحريب، ورغوان، وتضررت 3673 أسرة في تلك المخيمات، كما تضررت 22 مدرسة، سبع منها دمرت كلياً، وثلاثة مرافق صحية، وأن الكارثة ضاعفت من معاناة جميع الأسر النازحة في تلك المخيمات، في حين لم تتجاوز التدخلات الإنسانية في مأرب كلها 12% من إجمالي الاحتياجات، ما يفاقم الوضع الإنساني المعقد الذي يعيشه النازحون.
وبرز تزايد أعداد الضحايا والمنكوبين من جراء السيول والفيضانات نتيجة الضعف الشديد في البنية التحتية، وهشاشة الخدمات الأساسية، وغياب فرق الطوارئ المتخصصة، ما يحول دون تصريف السيول التي أغرقت المناطق السكنية، وجرفت المساكن، وأحدثت دماراً كبيراً في الممتلكات.
يقول المهندس المدني محمد الكبس، لـ"العربي الجديد": "لا يمتلك اليمن بنية تحتية حقيقية، ما يزيد أعداد الضحايا في حال حصول كوارث طبيعية مثل السيول والفيضانات والأعاصير، ومعظم المدن تكاد تكون خالية من مجاري تصريف السيول، وغالبيتها غير مخططة، ويبرز فيها البناء العشوائي، لذا يؤدي هطل الأمطار الغزيرة إلى بقاء المياه لساعات وربما لأيام في الشوارع. معظم مجاري السيول أغلقتها الأتربة أو القمامة، ومن ثم تغرق الشوارع الرئيسية في ظل غياب أي دور للجهات الحكومية مثل وزارة الأشغال والبلديات".
وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوع على بدء كارثة السيول والفيضانات، ما زالت جهود الإغاثة ضعيفة، ولا تقارن بأعداد المنكوبين المقدر بنحو 300 ألف نسمة. وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الكويتي تقديم مساعدات إغاثية طارئة لنحو 1200 أسرة متضررة من الأمطار والسيول في محافظتي مأرب والحديدة، تشمل توزيع حقائب إيواء ومساعدات غذائية، إضافة إلى توزيع وجبات جاهزة على 3 آلاف أسرة ضمن مشروع المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، و500 حقيبة نظافة شخصية.
وبدأت السلطات المحلية في محافظة الحديدة، الأحد الماضي، توزيع ما يقارب 13 ألف سلة غذائية على الأسر المتضررة من السيول في المديريات. وبحسب مكتب الإعلام في المحافظة، يجري تجهيز تلك المساعدات بدعم من برنامج الغذاء العالمي، وتنفذ التوزيع المؤسسة الطبية الميدانية، والتي أوضح رئيسها؛ مهيب عباد، أن عملية التوزيع تشمل 9,968 سلة غذائية في مديريتي الخوخة والتحيتا، و2,825 في مديرية حيس، وسيتم توزيعها على مرحلتين.
ويقول عبد الله سيف، وهو أحد المنكوبين من السيول في مأرب، لـ"العربي الجديد": "تدفقت السيول إلى المساكن، وجرفت عدداً منها، وأحدثت دماراً هائلاً، في حين لم يتم الالتفات إلينا من قبل الدولة أو منظمات الإغاثة، وتم تقديم بعض السلال الإغاثية لعدد محدود من الأسر المنكوبة".
وتوقع المركز الوطني للأرصاد استمرار هطل أمطار رعدية غزيرة إلى غزيرة جداً على عدد من المحافظات، من بينها المهرة، وحضرموت، وشبوة، وأبين، ولحج، وتعز، وإب، والضالع، والحديدة، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وحجة، وعمران، وصعدة، وسهل، وكذا مرتفعات تهامة وسواحلها، وحذر المركز المواطنين من الوجود في ممرات السيول أثناء وبعد هطل الأمطار.