عاد من جديد تنظيم "القاعدة" الإرهابي (المحظور في روسيا) إلى واجهة الأحداث بعد العملية التي قام بها ضد اللواء الثالث دعم وإسناد والتابع للقوات الجنوبية والمتمركز في مديرية مودية التابعة لمحافظة أبين شرق عدن والذي أسفر عن قتل وجرح أكثر من 30 جنديا.
يرى مراقبون أن عملية التفجير التي تبناها التنظيم وتوقيتها بالتزامن مع الأحداث في المنطقة يضع الكثير من علامات الاستفهام حول الرسائل التي يريد التنظيم إرسالها ولصالح من ومن المستفيد منها، علاوة على أن الملفت للنظر والذي يستدعي الانتباه أن تلك التنظيمات وعلى رأسها (داعش والقاعدة) لم نسمع أنها قامت بعمليات ضد كيانات يدعون معاداتها، بل إن قاعدة جنوب اليمن لم تنفذ عملية واحدة سوى ضد القوات الجنوبية، لذا فإن الأمور تبدو أكثر وضوحا خاصة في الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة.
"القاعدة" تطل برأسها من جديد في جنوب اليمن… ما السيناريوهات القادمة بعد عمليتها الأخيرة في أبين والتي راح ضحيتها أكثر من 30 عسكري بين قتيل وجريح؟
بداية، يؤكد الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني، العميد ثابت حسين، أن "ما يسمى تنظيم القاعدة في اليمن وجزيرة العرب، لم نسمع منذ إعلانه عن نفسه أنه يقوم بعمليات سوى استهداف القيادات والوحدات الجنوبية وهذا ما يجب دراسته جيدا".
ما وراء القاعدة
وقال في تصريح لـ"سبوتنيك": "العمليات التي يقوم بها هذا التنظيم لا تتم إلا في مواجهة القوات الجنوبية وهذا هو بيت القصيد، والذي يؤكد أن هذا التنظيم يصطف مع القوى التي حاربت الجنوب منذ حرب 1994م وما زالت حتى الآن، وينشط في إطار الحرب الشاملة لإثناء الجنوبيين عن المطالبة والعمل على استعادة حقهم في السيطرة والسيادة على أرضهم".
وأشار حسين إلى "أنه هناك نوع من الترابط والصلة الوثيقة بين تهدئة جبهة الحوثيين (أنصار الله) على البحر الأحمر وتأجيل أو إلغاء الرد على الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وبين إطلالة تنظيم القاعدة في الجبهة من خلال هجوم انتحاري دموي بشع ضد القوات الجنوبية في محافظة أبين".
ويتوقع الخبير الاستراتيجي أن "تواصل القوات الجنوبية حربها لاستئصال أوكار وجذور تنظيم القاعدة وكشف داعميه".
المرحلة القادمة
من جانبه، يقول القيادي في الحراك الجنوبي، عبد العزيز قاسم: "إن تلك الجريمة الإرهابية التي ارتكبها تنظيم القاعدة الإرهابي في أحد معسكرات القوات الجنوبية في أبين بجنوب اليمن تفرض على جميع القوى الوقوف بكل حزم لمجابهة الإرهاب واستئصال شأفته".
وأضاف في تصريح لـ"سبوتنيك": "بطبيعة الحال السيناريوهات خطيرة وتشير إلى أن المرحلة القادمة قد تشهد احتمالات وتوقعات عديدة بأن يكون هناك المزيد من الهجمات الإرهابية، لكننا نتسائل أو تُفرض علينا أسئلة ملحة بحاجة إلى إجابة شافية لكل هذه الأوجاع، فالتوقيت وكذلك المستهدف ومن المستفيد وكلها شفرات بحاجة إلى أخذها بعين الاعتبار".
وتابع قاسم: "لعل التباينات وحالة الصراع التي تبرز وتختفي من وقت إلى آخر بين هذه القوى، شكلت مناخا ملائما وبيئة خصبة لتنامي العمليات الإرهابية وتجدد نشاط الإرهاب بصورة أكثر وحشية ودموية في ظل حالة من غياب التنسيق والتخطيط الاستراتيجي لمختلف الوحدات العسكرية والأمنية، ناهيك عن تدهور الأوضاع الاقتصادية وعدم ايجاد الحلول السريعة والدائمة شكلت عوامل إضافية لمزيد من العمليات الإرهابية، ولكن علينا النظر إلى المستهدف والدلائل والرسائل التي ترغب العناصر الإرهابية في إيصالها ولمن ولمصلحة من".
مخطط طويل
وقال القيادي الجنوبي: "بلا شك المخطط طويل ويحاول إغراق البلد والمنطقة برمتها بالفوضى وعدم الاستقرار، ولابد من الإشارة إلى ذلك باعتبار الأمن والاستقرار لا يخدم مصالح بعض القوى سواء الداخلية أو الإقليمية والدولية، إذ أن بعض القوى تشعر بعدم تحقيق مكاسب خاصة ولا يصب السلام والاستقرار لصالح مشروعها الخاص، فتشعر بحاجتها إلى خلق وإنتاج بؤر ملتهبة لفرض وتحسين مزيد من شروطها".
وأكد قاسم: "أن الإرهاب مرفوض ومُدان من الجميع ولا يمكن قبوله أو التسليم به كقدر حتمي، لكننا نحتاج إلى مزيد من الإجراءات سواء الأمنية أو الاقتصادية والسياسية والإعلامية، تسهم في مواجهة الإرهاب وتحد من توغله والذي أصبح في العمق الأمني وفي مختلف المؤسسات العسكرية وغيرها بصور واشكال مختلفة ومتنوعة".
أكدت السلطات في اليمن مقتل 16 جنديا من عناصرها وإصابة 18 آخرون في تفجير انتحاري بثكنة عسكرية في محافظة أبين بجنوب البلاد صباح الجمعة الماضية والذي تبناه تنظيم القاعدة، وقال المتحدث العسكري باسم المنطقة العسكرية الرابعة العقيد محمد النقيب بحسب صحف يمنية إن "حصيلة الهجوم الذي استهدف ثكنة عسكرية تابعة للقوات المحسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة أبين في جنوب اليمن بلغت 16 شهيدًا و18 جريحًا".
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عندما توصلت الحكومة اليمنية وجماعة "ًأنصار الله"، إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر.
وتسيطر "أنصار الله" منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 من مارس/آذار 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.