قالت مصادر غربية، إن مليشيا الحوثي تستغل الغموض في موقف المجتمع الدولي لتمويل آلة الحرب الخاصة بها، مشددة على ضرورة اتخاذ تدابير صارمة لتعطيل تلك الإيرادات.
وقالت منظمة "سي إي بي" الأمريكية إن الحوثيين يواصلون السيطرة على الموارد المالية والاقتصادية الرئيسية في اليمن، والتي يستخدمونها لدعم عملياتهم العسكرية والحفاظ على حكمهم في المناطق التي يسيطرون عليها.
وحذرت من استمرار سيطرة الحوثيين على البنوك في صنعاء، مؤكدة أن ذلك يمكنهم من مواصلة إجراء المعاملات المالية وجمع الأموال وربما غسل الأموال.
وكان معهد أمريكي أكد في وقت سابق بأن تراجع المجلس الرئاسي عن قرارات البنك المركزي بضغوط سعودية يخفف الضغوط الاقتصادية على الحوثيين ويعزز قدرتهم على إظهار القوة العسكرية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.
وأوضح تقرير لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، أن اتفاق التراجع الذي توسطت فيه الأمم المتحدة يخاطر بتقويض السلام والأمن في الأمد البعيد.
وأشار إلى أن التكهنات المستمرة بأن المجتمع الدولي يسارع إلى دفع اليمن نحو تسوية سياسية لإنهاء الصراع، أمر إشكالي للغاية بالنظر إلى القدرة العسكرية للحوثيين ونفوذهم الإقليمي الذي يمكن أن يشوه مثل هذه المفاوضات لصالحهم.
وبينت أنه ينبغي لأي مفاوضات أن تجبر الحوثيين على كبح أنشطتهم المسلحة والالتزام بتدابير بناء السلام الحقيقية، محذرة من أنه في حال غياب تلك الأحكام فإن أي اتفاق سيكون مقيدًا باحتمالات عدم الاستقرار في الأمد الأطول.
وقال تقرير صادر عن مركز صنعاء للدراسات، إن السفير السعودي إلى اليمن محمد آل جابر بذل قصارى جهده لإجبار الحكومة اليمنية والبنك المركزي اليمني التابع لها على التراجع عن القرارات التي كانت ترمي إلى عزل جماعة الحوثيين عن النظام المصرفي الدولي.
وبحسب تقرير الوحدة الاقتصادية بمركز صنعاء والباحث نيد والي، فإن قرار البنك المركزي اليمني بعزل البنوك وتقييد التحويلات المالية في مناطق سيطرة الحوثيين شكل تهديدا حقيقيا قد يتسبب بشلل الاقتصاد وإرخاء قبضة الجماعة وحكمها.
وقال إن تلج الإجراءات كانت أيضا، ورقة الضغط الأخيرة للحكومة في مساعيها للتفاوض على انفراجة في الحرب الاقتصادية واستئناف صادرات النفط، أو التأثير على ميزان القوى المختل أساسا قبل الدخول في محادثات السلام المرتقبة.
غير أن السعودية مارست ضغطا هائلا، ونقل التقرير عن مصادر، فضلت عدم الكشف عن هويتها، قولها إن آل جابر لم يفلح في تغيير موقف محافظ البنك المركزي اليمني بعدن أحمد غالب، الذي ظل صامدا رغم التهديدات والإغراءات، ليلجأ إلى استدعاء أعضاء مجلس القيادة الرئاسي إلى اجتماع وهدّد بقطع التمويل تماما عن الحكومة ما لم يتم التراجع عن إجراءات البنك.
كما ألمح السفير السعودي إلى أن الحكومة ستواجه مصيرها بمفردها في حال لجأ الحوثيون للانتقام عسكريا.
وطبقا للتقرير فإن آل جابر قال لمجلس القيادة الرئاسي إن قرار البنك يمثل إعلان حرب وإن الجميع ليسوا على استعداد لذلك.
منذ تصاعد الحرب الاقتصادية بدت الرياض وكأنها راضية بالبقاء على الهامش، لكنها تحركت بسرعة بمجرد أن أصبحت مصالحها الخاصة على المحك، بعد أن هدد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي باستئناف الهجمات على السعودية إذا لم تتدخل الرياض في الأزمة، بحسب تقرير مركز صنعاء.
وكان السفير السعودي إلى اليمن محمد آل جابر قد قاد محادثات السلام بين المملكة وجماعة الحوثيين، وقدمت السعودية سلسلة من التنازلات لاسترضاء الجماعة تحت إشرافه.
وبحسب التقرير فإن أزمة البنك المركزي اليمني تكشف عن هيمنة سعودية شبه كاملة على السياسة اليمنية، في حين تعمدت الرياض تقويض مجلس القيادة الرئاسي وإبقائه ضعيفا وغير قادر على ممارسة ضغوط ملموسة على جماعة الحوثيين.
وقال "حين لوّحت الحكومة بآخر ورقة ضغط كانت تمتلكها –أي الاعتراف الدولي بسلطتها على النظام المالي –شرعت السعودية إلى تقويض هذا أيضا عبر تهديدها بقطع دعمها للحكومة، والذي كان سيتبعه حالة من الانهيار والفوضى لا محالة".
وأشار إلى أن إذعان الحكومة للهيمنة السعودية خطوة مدمرة واستسلام مأساوي.
وبحسب التقرير فإن التراجع عن القرار قوض استقلالية البنك المركزي اليمني كسلطة نقدية معترف بها دوليا؛ كما أن صورته كمؤسسة مالية ذات مصداقية قدد تتزعزع، في حين قد تتضاءل سلطته التنظيمية، الأمر الذي قد يشجع منتفعي الحرب وأمراء السوق السوداء.
وقال "خارجيا، قد تتسبب الخطوة في تقويض -وبشكل نهائي -الاعتراف الدولي به كبنك مركزي لليمن".