لفت الإخوان في اليمن الممثَّلون في حزب التجمع اليمني للإصلاح الذراع المحلية للجماعة، نظر الملاحظين بمشاركتهم المبالغ فيها لحزب المؤتمر الشعبي العام احتفاءه بالذكرى الثانية والأربعين لتأسيسه.
وهنّأت قيادة حزب الإصلاح بحرارة حزب المؤتمر وأثنت على “أدواره الوطنية المشهودة”، بينما وفرت له في منطقة نفوذها الرئيسية محافظة مأرب شرقي اليمن ظروف الاحتفال الآمن بالمناسبة المذكورة.
ولا يخلو ذلك بحسب متابعين للشأن اليمني من مخالفة لمنطق العلاقة التي يفترض أن تكون قائمة بين الحزبين في ضوء ما شهده اليمن من أحداث منذ مطلع العشرية الماضية، عندما وقفت جماعة الإخوان بما في ذلك ذراعها المحلية وراء الأحداث التي تفجّرت في وجه نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح مؤسس حزب المؤتمر وزعيمه، وأفضت إلى انتزاع السلطة منه وانتهت بمقتله لاحقا على يد جماعة الحوثي التي كان الإخوان قد دفعوه دفعا إلى التحالف معها، كما أدّت إلى انقسام حزبه إلى فرع ينشط من صنعاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة، وآخر ينشط في مناطق السلطة اليمنية المعترف بها دوليا وهو الفرع المرحّب به من قبل حزب الإصلاح.
عبدالوهاب الآنسي: حزب المؤتمر أرسى الديمقراطية في اليمن بالتعاون مع باقي القوى
ويجمع بين الإصلاح والمؤتمر المختلفين فكريا وأيديولوجيا وجودهما في الوقت الحالي تحت سقف الشرعية اليمنية، لكنّ ما يجعل من الأول حريصا على التقرّب من الثاني والحفاظ على علاقة متينة بقياداته هو رغبته في الحفاظ على وضعه الحالي الذي أصبح بمقتضاه صاحب نفوذ في عدد من المناطق أهمّها على الإطلاق محافظة مأرب الغنية بالنفط والتي تحوّلت إلى ما يشبه منطقة “حكم ذاتي” له بقيادة عضوه البارز المحافظ سلطان العرادة.
كما لا يزال حزب الإصلاح ينظر إلى محافظات مثل أبين وشبوة وحضرموت باعتبارها مجالا حيويا وما يزال يطمح إلى التمركز فيها أو تدعيم حضوره داخلها كما هي الحال بالنسبة لمحافظة حضرموت.
لكن ما يصطدم به الحزب في المحافظات الثلاث أنّ أغلب مناطقها تشكّل موطنا لنفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعتبرها جزءا لا يتجزّأ من دولة الجنوب المستقلّة التي يسعى لاستعادتها.
وعلى هذه الخلفية يجد حزب الإصلاح في حزب المؤتمر أفضل نصير له في مواجهة النوازع الاستقلالية للانتقالي الجنوبي على اعتبار أنّ الحزب الذي أسسه صالح مايزال متمسّكا بالجمهورية اليمنية الموحّدة التي يُعتبر من أبرز بُناتها.
وإلى جانب محافظة مأرب، احتضنت محافظة تعز الواقعة بجنوب غرب اليمن والتي تعتبر أيضا منطقة نفوذ قوي لجماعة الإخوان المسلمين أبرز التظاهرات السياسية والشعبية احتفالا بذكرى تأسيس حزب المؤتمر.
واعتبر أحمد عبيد بن دغر الذي يحتفظ بصفة “النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر الشعبي العام” احتضان محافظة مأرب للاحتفال المركزي بذكرى تأسيس الحزب بأنه “تقدير لمحافظة الجبهة التي تدافع عن نصف اليمن، ولتضحيات أهلها”.
كما توجّه بالشكر للقيادة المحلية لمأرب واصفا محافظها الإخواني سلطان العرادة بالـ“رمز الوطني” قائلا إنّه “قاد باقتدار وحكمة نهضتها التنموية التي تثير الدهشة والإعجاب كحالة مميزة ومتفردة”.
وهاجم بن دغر جماعة الحوثي واصفا ما قامت به عناصرها في خريف سنة 2014 بأنّه انقلاب على الدولة، لكنّه قفز على أصل الأحداث التي أفضت إلى ذلك الوضع والتي أطلقت شرارتها جماعة الإخوان ضدّ الرئيس السابق ومؤسس حزب المؤتمر علي عبدالله صالح.
ووجّه عبدالوهاب الآنسي أمين عام التجمع اليمني للإصلاح رسالة تهنئة إلى قيادة المؤتمر الشعبي العام وصف فيه الأخير بأنّه “أحد روافع العمل السياسي في الساحة اليمنية”.
أمين عام التجمع اليمني للإصلاح يوجه رسالة تهنئة إلى قيادة المؤتمر الشعبي العام وصف فيه الأخير بأنّه "أحد روافع العمل السياسي في الساحة اليمنية"
وذهب حدّ القول بأنّ له “أدوارا وطنية مشهودة مع القوى السياسية في ترسيخ مداميك العمل الديمقراطي والتعددية السياسية”، وهي مبالغة واضحة تقترب من مرتبة النفاق السياسي، حيث لا يمكن الحديث عن ديمقراطية في اليمن مع وجود برلمان بعهدة نيابية عمرها أكثر من عقدين من الزمن إذ أجريت آخر انتخابات برلمانية في سنة 2003.
وعمليا أصبح دور البرلمان اليمني شكليا إلى أبعد حدّ وقد انقسم على غرار حزب المؤتمر إلى قسمين أحدهما في صنعاء برئاسة يحيى الراعي والثاني في مناطق الشرعية برئاسة سلطان البركاني.
وتمنى الآنسي في رسالته أن تكون ذكرى تأسيس حزب المؤتمر “فرصة للأحزاب والقوى الوطنية لتستحضر المسؤولية الملقاة على عاتقها في توحيد الجهود ونبذ الخلافات، والتوجه نحو تحقيق الهدف الكبير المتمثل باستعادة الدولة”.
وأضاف أمين عام الإصلاح في رسالته متوجّها لقادة المؤتمر وأعضائه “كلنا ثقة بأن حزبكم سيواصل السير قدما مع بقية الأحزاب والمكونات السياسية للعمل بكل السبل والوسائل المتاحة لتحقيق الأهداف العريضة، وعلى رأسها الحفاظ على التعددية السياسية التي باتت تواجه مخاطر حقيقية من قبل ميليشيات مسلحة تؤمن بالخرافة، وترفض مبدأ التداول السلمي للسلطة، مستقوية بالسلاح المنهوب عند انقلابها والسطو على المؤسسات الشرعية المدنية والعسكرية، متجاهلة أن الشعب اليمني بجميع قواه وشرائحه الاجتماعية يرفض عنصريتها وأفكارها المنبوذة جملة وتفصيلا”.
ولا تختلف جماعة الإخوان في نظر الكثير من اليمنيين بما في ذلك أعضاء في حزب المؤتمر وشخصيات سياسية وإعلامية وفكرية مقربة منه عن جماعة الحوثي في استغلال الدين لأغراض سياسية وفي نشرها التشدّد الذي يمثّل أرضية للإرهاب في البلد.