رغم كثرة المبادرات والدعوات إلى التهدئة بين أطراف الصراع المحتدم في اليمن، إلا أن بوادر الانفراج والتهدئة المستدامة لا تزال غير واضحة، وجاءت دعوة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، لأطراف الصراع، بالتهدئة وعدم التصعيد، لتؤكد أن "حالة اللا سلم واللا حرب قد تستمر لفترة أكبر".
ما مدى استجابة أطراف الصراع في اليمن إلى دعوة المبعوث الأممي بعدم التصعيد والاحتكام إلى لغة الحوار بعد أن تدهورت كل مناحي الحياة؟
بداية، يقول مدير مركز "جهود للدراسات" باليمن، الدكتور عبد الستار الشميري: "أعتقد أن القضية اليمنية أصبحت قضية معلقة أشبه بالقضية الكردية والقضية الفلسطينية، من القضايا التي سوف تثير نزاعا إقليميا طويلا ولن تصل في القريب العاجل".
صعوبات حقيقة
وأضاف الشميري في حديثه لـ"سبوتنيك": "هناك صعوبات حقيقية وتداخلات إقليمية ومحلية والمستجدات الأخيرة في البحر الأحمر عقدت أي مجال للتفاهم، كما أن ميليشيات الحوثي (أنصار الله)، تُصر على أن تبقى على وضعها وسلاحها وليست ذاهبة في أي حوار نحو بناء دولة أو حصرالسلاح لجيش محدد. كل المتغيرات السابقة ستفتح الباب لصراع طويل الأمد في اليمن".
وأشار الشميري إلى أن "المرجعيات الدولية نظرية ومن الصعوبة تطبيقها، وإذا ما تم حلحلة القضية اليمنية في قادم السنوات، فأعتقد أنها ستأخذ رؤية جديدة وفق مراجع وآليات وتفاهمات جديدة بين كل المكونات، وهذا أفضل الاحتمالات لكن كل ذلك ليس في القريب العاجل".
صراع طويل
وأكد مدير مركز "جهود"، أنه "لا زال هناك ما يشبه الصراع الطويل الذي سيأخذ أحيانا صور تصعيد وأحيانا تفاهمات جزئية حول ملفات جزئية إنسانية، كتسليم أسرى وفتح معابر وغيرها، أما الوصول الشامل إلى اتفاق سياسي وإيقاف نزيف الحرب، فهو غير محتمل وغير وارد على الأقل في هذا العام والعام القادم".
خفض التصعيد
من جانبه، يقول القيادي بـ"الحراك الجنوبي" في اليمن عبد العزيز قاسم:"بالنسبة لدعوة المبعوث الأممي(هانس غروندبرغ) لعدم التصعيد بين أطراف الصراع في اليمن، هى دعوة ليست جديدة ولا جديد فيها، ربما في أقصى التوقعات بوجود حسابات جديدة فرضها الواقع، جعلت المبعوث الأممي يدعو الأطراف للحوار وهي خطوة لا تعدو أكثر من كونها للاستهلاك الإعلامي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أما ما يتعلق بأطراف الصراع فيمكن الحديث عن استجابة القوى المنضوية في إطار التحالف، أعني هنا قوى ما يسمى بالشرعية اليمنية، لكنها استجابة ليست وفق قناعة وقرار مستقل بذاته أو بعيدا عن رغبة دول التحالف، بل هي استجابة محكومة وفق علاقة التابع والمتبوع، باعتبار أن قوى الشرعية لا تمتلك القرار المستقل سواء بالتصعيد أو عدمه أو بالعودة إلى الحوار".
وتابع قاسم: "أما الجانب المقابل والمتمثل بـ"أنصار الله" فلهم حساباتهم ولا يتحركون إلا وفق أهدافهم ومتى ما كان التصعيد أو عدم التصعيد وحتى الحوار يصب لصالح أهدافهم، بالتأكيد ستكون هناك استجابة من جانبهم لدعوة عدم التصعيد من جانب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ".
القوى المتحكمة
وأشار القيادي بالحراك الجنوبي إلى أن "دعوة المبعوث الأممي (هانس غروندبرغ)، للاحتكام إلى لغة الحوار عبارة مفردة غير ملزمة ولا تشير إلى الصفة الإلزامية، بل هي لغة استجداء ومحاولة للبحث عن مخرج أو إزاحة الحرج عن الدور الأممي الهزيل، وبالتأكيد أن دعوة كهذه لها أبعادها وحساباتها لدى القوى المتحكمة في المشهد اليمني الإقليمية والدولية، ومتشابكة ومرتبطة بالمشهد العربي والدولي في المنطقة برمتها".
وقال قاسم: "بطبيعة الحال أن هناك حسابات لكل طرف، لكن قبل الخوض في حسابات أطراف الصراع لابد من إدراك مدى تأثير كل طرف على أرض الواقع من جوانب مختلفة، ونحن ندرك حجم وتأثير وثقل كل طرف وحساباته، وبالتأكيد مهما كانت تمتلك من أهداف، لكن ثمة معوقات خارجية تعيقها وغير قادرة على تنفيذ اجنداتها وحساباتها".
ودعا هانس غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، الأربعاء الماضي، جماعة "أنصار الله" اليمنية، إلى خفض التصعيد في عموم البلاد، والإفراج الفوري وغير المشروط عن الموظفين الأمميين المختطفين من قبل الجماعة، بحسب قوله.
جاء ذلك خلال لقاء جمع غروندبرغ، مع رئيس وفد جماعة "أنصار الله"، محمد عبد السلام، في العاصمة العُمانية مسقط، حسب بيان صدر عن مكتب المبعوث الأممي.
وأفاد البيان أن "غروندبرغ، اختتم زيارة إلى مسقط، حيث عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين العُمانيين، وأعرب خلال اجتماعاته، عن تقديره للدور العُماني".
وأكد غروندبرغ، على الحاجة الملحة لخفض التصعيد في جميع أنحاء اليمن، مشددًا على أهمية وضع مصالح اليمنيين في المقدمة، ودعا إلى حوار بناء.
واعتقلت جماعة "أنصار الله" اليمنية، في يونيو/ حزيران الماضي، 11 موظفا في الأمم المتحدة، بينهم 6 يعملون في مكتب المفوضية، إضافة إلى أكثر من 50 موظفا في منظمات غير حكومية وآخر في سفارة، بحسب الأمم المتحدة.
وأكدت "أنصار الله"، حينها، أنها اعتقلت أعضاء في "شبكة تجسس أمريكية إسرائيلية" يعملون تحت ستار المنظمات الإنسانية، وهي اتهامات نفتها الأمم المتحدة بشكل قاطع.
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عن توصل الحكومة اليمنية وجماعة "ًأنصار الله"، إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة استمر 6 أشهر.
وتسيطر "أنصار الله"، منذ أيلول/ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 من مارس/ آذار 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.