على خلفية القناعة المستقرة لدى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والأطراف الإقليمية ذات الصلة بالشأن اليمني، بأنّ لدى إيران دورا كبيرا في الصراع الدائر باليمن، وبأنّها تمتلك بعض أهم مفاتيح الحل السلمي المنشود في البلد نظرا لدورها الكبير في صناعة قرار جماعة الحوثي وتوجيهه، توجّه المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى طهران بحثا عن تحريك جهود السلام التي طال جمودها ودورانها في حلقة المقدمة الإنسانية والاقتصادية التي أراد أن يجعل منها مدخلا للبدء بمفاوضات بين الفرقاء اليمنيين تشمل مناقشة الحل السياسي للصراع.
وبحث غروندبرغ مع مسؤولين إيرانيين التصعيد الأخير في الشرق الأوسط وشدد على أهمية الجهود المشتركة لتجاوز تحديات النزاع ولضمان تحقيق تسوية سلمية تلبي تطلعات الشعب اليمني.
وجاء في بيان صدر عن مكتب المبعوث الأممي، الأربعاء في ختام زيارة قام بها إلى إيران أن غروندبرغ أجرى محادثات مع وزير الخارجية عباس عراقجي ومسؤولين إيرانيين وعدد من الدبلوماسيين.
وأعرب عن “تطلعاته لتعزيز التعاون الإقليمي لدعم الجهود الرامية إلى تحقيق حل سلمي للنزاع في اليمن” الذي يشهد صراعا بين الحكومة وجماعة الحوثي منذ عشر سنوات.
ولم يتضمّن البيان الإشارة إلى أي نتائج عملية للزيارة، إذ يبدو أن الظروف لم تتهيأ بعد لإيران للانخراط في تهدئة للصراع في اليمن وفتح الباب للسلام، حيث ما يزال التصعيد مطلبا لطهران التي دأبت على خوض صراعاتها ضدّ خصومها الإقليميين والدوليين بالوكالة وعن طريق أذرعها المسلحة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
وتمثّل الحرب في قطاع غزّة موضع تركيز إيران وذراعها اليمنية في الوقت الحالي حيث يشن الحوثيون هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر تحت عنوان دعم القطاع في الحرب الإسرائيلية ضدّه.
ويتمسّك الحوثيون ومن ورائهم إيران بمواصلة التصعيد ضدّ خطوط الملاحة، وهو الموقف الذي جدّد التعبير عنه وزير الخارجية الإيراني في لقائه بالمبعوث الأممي.
وحمّل عراقجي إسرائيل مسؤولية التصعيد في المنطقة وقال خلال اللقاء إنّ بلاده “تدعم بشكل حازم إرساء السلام والأمن المستديمين في اليمن”، لكنه استدرك بأن الحرب في غزّة لها “تأثير مباشر على احتدام الأزمات والتوترات في أنحاء المنطقة”، مضيفا أن وقف إطلاق النار في القطاع “سيؤثر على تراجع الفوضى وإرساء الهدوء والاستقرار في بقاع متفرقة من المنطقة”.
وقال بيان مكتب غروندبرغ إنّ الأخير سلط الضوء على عدد من القضايا الملّحة، بما في ذلك التطورات الإقليمية في الشرق الأوسط.
وأوضح أن محادثات غرودنبرغ في طهران تطرقت للتصعيد الأخير في البحر الأحمر، مشيرا إلى “المخاوف الأمنية الأوسع وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات تزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة”.
عباس عراقجي: الحرب في غزّة لها تأثير مباشر على احتدام التوترات في أنحاء المنطقة
ويستهدف الحوثيون منذ أشهر بصواريخ ومسيّرات سفنَ شحن يقولون إنّها إسرائيلية أو مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، فيما بدأ تحالف تقوده واشنطن منذ مطلع العام بشن غارات تستهدف مواقع للحوثيين في اليمن.وشدد غروندبرغ على “الحاجة الملحة لاستئناف مسار المفاوضات البناءة”، مؤكداً أن “الحوار هو السبيل الوحيد المستدام لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن”.
كما بين “أهمية الجهود الإقليمية والدولية المنسقة لدفع اليمن نحو حل شامل ودائم للنزاع”، وفق البيان ذاته.
ونقل البيان عن غروندبرغ قوله “أجريت مناقشات صريحة وبناءة مع المسؤولين في طهران”. وتابع “الجهود المشتركة ضرورية لتجاوز التحديات التي يفرضها النزاع ولضمان تحقيق تسوية سلمية تلبي تطلعات الشعب اليمني”.
وبالتوازي مع جهود السلام التي يحاول المبعوث الأممي تحريكها يحاول غروندنبرغ الاستعانة بإيران لإطلاق سراح الموظفين الأمميين المحتجزين على جماعة الحوثي بتهمة التجسّس.
وقال مكتبه في البيان “خلال جميع اللقاءات حرصت على أن يكون دعم النداء العاجل للأمين العام أنطونيو غوتيريش للإفراج عن جميع الزملاء المحتجزين من أولوياتي الأساسية”. وأردف قائلا “يجب أن يتم الإفراج عنهم دون تأخير لتعزيز الأمل والثقة اللازمين للمضي قدما”.
وفي يونيو الماضي طالب الأمين العام للأمم المتحدة “بالإفراج الفوري وغير المشروط عن 17 موظفا أمميا محتجزين في صنعاء منهم 13 تم احتجازهم مطلع الشهر ذاته و4 آخرين بين عامي 2021-2023، فيما تقول الجماعة إنه ليس لديها أي موقف من موظفي المنظمات الأممية، وإن المحتجزين متهمون بالتجسس لصالح الولايات المتحدة.
وفي 23 يوليو الماضي أعلن المبعوث الأممي في بيان اتفاق الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية.
وتشهد جبهات اليمن الداخلية منذ أكثر من عامين تهدئة من حرب بدأت قبل عشر سنوات بين القوات الموالية للحكومة وقوات الحوثي المسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء منذ 21 سبتمبر 2014