أقرّ عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، بوجود خلافات داخل الهيكل القيادي للشرعية اليمنية، داعيا إلى إصلاحه.
ورأى في حديث لصحيفة الغارديان البريطانية، أدلى به في نيويورك حيث يشارك إلى جانب رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي حضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتّحدة، أنّ عملية السلام بصيغتها الحالية في حكم المنتهية بسبب عدم استجابة جماعة الحوثي لأي من متطلباتها، كما قلّل من قدرة الضربات الأميركية – البريطانية على ردع تعرض الجماعة لخطوط الملاحة في البحر الأحمر داعيا إلى مسار سياسي اقتصادي وعسكري متعدّد الأطراف لمواجهة الحوثيين.
◄ احتواء الحوثيين يتطلب إستراتيجية دولية وإقليمية ومحلية منسقة تسلك مسارات عسكرية واقتصادية جديدة
ويمثّل المجلس الذي يرأسه الزبيدي القوة السياسية والأمنية الرئيسية في مناطق جنوب اليمن التي يعتبرها الانتقالي المجال الجغرافي لمشروع الدولة المستقلّة التي يعمل على إنشائها.
ولم يمنع هذا المشروع قيادة الانتقالي الجنوبي من الانضمام إلى معسكر الشرعية المضاد للحوثيين والقيام بدور أساسي فيه وتسنّم مواقع قيادية في هياكله، حيث يمثل كل من عيدروس الزبيدي وفرج البحسني وأبوزرعة المحرمي المجلس الانتقالي ضمن مجلس الق يادة الرئاسي المشكل من ثمانية أعضاء.
وفي المقابل لم يمنع ذلك الانضمام من نشوب الخلافات داخل مجلس القيادة الذي كثيرا ما ينتقد المجلس الانتقالي قيادته والحكومة التابعة له والمعترف بها دوليا في طريقة اتخاذ القرارات وإدارة الشأن العام في مناطق الجنوب.
وتقول قيادات في الانتقالي الجنوبي إن رئاسة مجلس القيادة لم تلتزم بوعود العدالة في تقاسم السلطة وتوزيع المهام وقامت بتعيين الكثير من المسؤولين من مختلف الرتب في العديد من المؤسسات التابعة للشرعية دون التشاور مع شركائها وإيفائهم حقوقهم في تلك المناصب.
◄ الانتقالي الجنوبي يمثّل القوة السياسية والأمنية الرئيسية في مناطق جنوب اليمن التي يعتبرها الانتقالي المجال الجغرافي لمشروع الدولة المستقلّة التي يعمل على إنشائها
وقال الزبيدي إنّ مجلس القيادة الرئاسي الذي دفعت المملكة العربية السعودية نحو تشكيله في أبريل 2022 منقسم سياسيا ويفتقر إلى القواعد الإجرائية السليمة ويحتاج إلى إصلاح.وفي سياق أعم من الشأن اليمني تحدث رئيس الانتقالي الجنوبي عن الضربات الجوية الأميركية – البريطانية في اليمن والتي تهدف إلى إنهاء تعطيل الحوثيين للشحن التجاري، مؤكّدا أنّها لم تؤثر بشكل فعّال على القدرة العسكرية للجماعة.
وقال إنه يخشى أن يستخدم الحوثيون الضربات لحشد الدعم وراء قضيتهم من خلال تصوير الغرب على أنه المعتدي في اليمن.
ودعا إلى التحوّل نحو إستراتيجية منسقة بشكل أفضل بين الغرب وبلدان المنطقة والحكومة اليمنية، معتبرا أنّه حان الوقت للإقرار بأن الحوثيين ليسوا مهتمين باتفاقية تقاسم السلطة في البلاد، وهو العرض الذي قُدّم لهم قبل أكثر من عام، أولا من قبل السعودية ثم من الأمم المتحدة.
ويشن الحوثيون منذ نوفمبر الماضي غارات جوية بطائرات دون طيار وصواريخ على سفن تجارية في البحر الأحمر يقولون إنّ لها علاقة ما بإسرائيل، وذلك فيما يعتبرونه تضامنا مع الفلسطينيين في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وأثّر تعطيل حركة الملاحة التجارية بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في اليمن لاسيما في مناطق الشرعية، الأمر الذي يجعل مناطق نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي متضررة بدورها بشكل مباشر ما يرتب أعباء إضافية على قيادة المجلس التي لا تنفك تطالب بدرجة أكبر من الحزم في ردع الهجمات الحوثية.
وعلى صعيد عالمي اضطرت شركات الشحن التجارية التي تستخدم البحر الأحمر عادة إلى اتخاذ طرق التفافية طويلة ومكلفة حول رأس الرجاء الصالح وتحمّل تكاليف تأمين أعلى. ولذلك تأسست عملية حارس الرخاء في ديسمبر الماضي من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لحماية الشحن والرد على الحوثيين، دون أن يكون للعملية دور حقيقي وفعّال في إنهاء الهجمات الحوثية على حركة الملاحة.
وقال الزبيدي إن الضربات الجوية، بدلا من ردع الحوثيين، لها تأثير معاكس؛ فهي تساعدهم بطريقة ما وتجعلهم أقوى حيث ترسخ في تصور الناس أن الجماعة تدافع عن نفسها وتنتصر للقضية الفلسطينية.
قيادات في الانتقالي الجنوبي: رئاسة مجلس القيادة لم تلتزم بوعود العدالة في تقاسم السلطة وتوزيع المهام.
وعلاوة على ذلك يوضح رئيس الانتقالي الجنوبي أن هذه العمليات ليست فعالة عسكريا بشكل حقيقي؛ فقد هاجم التحالف العربي بطريقة أو بأخرى منصات إطلاق الصواريخ الحوثية على مدى السنوات الثماني الماضية، لكن الحوثيين تمكنوا من التكيف وإيجاد حلول جديدة لكيفية إخفاء قدراتهم. والمشكلة هي أنه لا يوجد نهج مشترك يشمل المنطقة ومجلس القيادة الرئاسي. فالعملية تظل أميركية – بريطانية فقط.
وتطرق الزبيدي إلى عملية السلام التي تحاول الأمم المتحدة وقوى إقليمية، في مقدمتها السعودية، إطلاقها في اليمن، معتبرا أنّ الأحداث التي وقعت على مدار العام الماضي تتطلب تحولا في التفكير. فلم تعد عملية السلام السابقة قابلة للتطبيق، إذ يعتبر الحوثيون أنفسهم الآن هم الدولة ولا يعترفون بالحكومة في عدن، ويقولون إنهم يريدون فقط التحدث إلى الغرب.
ونبّه إلى أنه بعد عقد من الزمان في السلطة قام الحوثيون بتلقين جيل أصغر سنا أيديولوجيتهم الطائفية الضيقة، ومن غير المرجح أن تحدث ثورة مضادة داخلية ضدهم قريبا.
وانتهى إلى التأكيد على وجود حاجة إلى إستراتيجية دولية وإقليمية ومحلية منسقة لاحتواء الحوثيين وإضعافهم، وهو ما يتطلب مسارات سياسية وعسكرية واقتصادية جديدة، من ضمنها البدء بإعادة تصدير النفط وبناء الإيرادات الوطنية بشكل مستقل عن المنح السعودية.