جدّدت جماعة الحوثي المسيطرة على أجزاء واسعة من اليمن من بينها العاصمة صنعاء استهدافها لمناطق في العمق الإسرائيلي، ما يمثّل استفزازا شديدا للدولة العبرية المستنفرة بشدّة خلال الفترة الحالية والمستعدة للردّ بقوة على مطلقي الصواريخ والمسيّرات على مجالها، على غرار ما تقوم به في الوقت الراهن في لبنان من قصف عنيف لمناطق لبنانية تقول إنّها مواقع لحزب الله وبناه العسكرية.
وقالت الجماعة المتحالفة مع إيران، الجمعة، إنها استهدفت مدينتي تل أبيب وعسقلان في إسرائيل وثلاث مدمرات أميركية في البحر الأحمر بصواريخ وطائرات مسيرة، وذلك دعما لقطاع غزة ولبنان وفقا لروايتها. وقال الجيش الإسرائيلي من جهته إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن.
ويرى محلّلو الشؤون العسكرية أنّ تصرّف الحوثيين لا يخلو من مقامرة كبرى تتمثّل في إمكانية تعرّض مناطقهم وبناهم التحتية العسكرية والمدنية على حدّ سواء لردّ قاس من قبل إسرائيل التي أظهرت قيادتها حزما وإصرارا على مواجهة أعدائها في المنطقة، ما جعلها تتجاهل جميع الوساطات والدعوات للتهدئة من قبل أكبر حلفاء تل أبيب الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتّحدة.
وذكّر هؤلاء بأنّ القوة الضاربة لسلاح الجو تمنح إسرائيل ميزة حربية فريدة في المنطقة تصل حدّ قدرتها على تسيّد الأجواء والهيمنة عليها بشكل كامل. وحذّروا من القدرة الإسرائيلية على الضرب في أي مكان باليمن دون أن يكون بحوزة الحوثيين الوسائل الفعّالة والدفاعات اللازمة لحماية منشآتهم الحيوية ومقرات قيادتهم في الحديدة وصنعاء وصولا إلى صعدة بشمال البلاد.
وكانت إسرائيل قد ردّت في وقت سابق على قصف الحوثيين لأراضيها بقصف عنيف على ميناء الحديدة على البحر الأحمر غربي اليمن محدثة قدرا كبيرا من الدمار فيه. ومثل ذلك، بحسب المحللين السياسيين والأمنيين، إنذارا من تل أبيب بشأن قدرتها على إلحاق أكبر ضرر بالمنشآت الحيوية التي يستخدمها الحوثيون، بما في ذلك ميناء الحديدة الذي يمثّل شريانا حيويا لهم ومنفذا رئيسيا لمناطقهم على الخارج يتلقون من خلاله الغالبية العظمى من المواد الأساسية الضرورية لحياة السكان في مناطق سيطرتهم.
ومن شأن عودة إسرائيل لاستكمال تدمير ميناء الحديدة وغيره من البنى التحية في مناطق سيطرة جماعة الحوثي أن توجّه ضربة قاصمة للجماعة من شأنها أن تضعف موقفها الاقتصادي والعسكري أمام خصومها المحليين المتحفزين للانقضاض عليها إذا حانت الفرصة لذلك. ورجّح مصدر سياسي يمني أن يكون الحوثيون على دراية بالتبعات المحتملة لدخولهم في صراع أوسع نطاقا ضد إسرائيل.
◙ تصرّف الحوثيين لا يخلو من مقامرة كبرى تتمثّل في إمكانية تعرّض مناطقهم وبناهم التحتية العسكرية والمدنية على حدّ سواء لردّ قاس من قبل إسرائيل
وقال إنّه لا يتوقّع أن يكون قرار استهداف تل أبيب قرارا سهلا بالنسبة لقيادة الجماعة، معتبرا أنّ إيران المحرجة من عدم دعمها المباشر لحزب الله اللبناني في مواجهته مع الدولة العبرية، هي من تقف وراء القرار الحوثي الصعب. وقال يحيى سريع المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي إن العمليات لن تتوقف إلا بعد توقف الهجمات الإسرائيلية على غزة ولبنان.
وأضاف أن الجماعة هاجمت تل أبيب بصاروخ باليستي وأطلقت طائرة مسيرة باتجاه عسقلان بجنوب إسرائيل. وتابع قائلا “سننفذ المزيد من العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي انتصارا لدماء إخواننا في فلسطين ولدماء إخواننا في لبنان، ولن نتوقف عن عمليات الإسناد العسكري خلال الأيام المقبلة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وكذلك على لبنان”.
وفي كلمة منفصلة نقلها تلفزيون المسيرة التابع للحوثيين، قال سريع إن الجماعة استهدفت في آن واحد ثلاث مدمرات أميركية في البحر الأحمر باستخدام 23 صاروخا باليستيا ومجنحا وطائرة مسيرة. وذكر أن السفن الحربية كانت في طريقها لدعم إسرائيل.
وقال مسؤول أميركي إن سفنا حربية أميركية اعترضت أثناء مرورها عبر مضيق باب المندب عددا من المقذوفات التي أطلقتها جماعة الحوثي. وأضاف المسؤول الذي تحدث لوكالة رويترز شريطة عدم ذكره بالاسم أن المقذوفات شملت صواريخ وطائرات مسيرة ولم تتسبب في أضرار لأي من السفن الحربية الثلاث في المنطقة.
وقتلت الضربات الإسرائيلية على لبنان أكثر من 600 منذ يوم الاثنين في ظل تفاقم العنف بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران إلى أسوأ مستوياته منذ أكثر من 18 عاما.
ويطلق حزب الله صواريخ باتجاه إسرائيل منذ ما يقرب من عام “إسنادا” للفلسطينيين وحركة حماس الفلسطينية التي تقاتل إسرائيل في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 41 ألف فلسطيني في الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، بحسب مسؤولي الصحة في القطاع الفلسطيني.
ولا تزال خسائر الحوثيين في المواجهة مع إسرائيل محدودة إلى حدّ الآن، حيث سقط في القصف الإسرائيلي لميناء الحديدة أواخر يوليو الماضي حوالي مئة شخص بين قتيل وجريح، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة بالميناء ومحتوياته قالت مصادر محلية إن الحوثيين تكتموا عليها للتقليل من حجم الضربة وتأثيرها.