في زوايا مظلمة خلف قضبان الحوثي، يغيب صوت سحر الخولاني، الصوت الذي كان يهتف بهموم اليمن وآماله بعد أن أودعت في معتقلات صنعاء السرية.
وسحر خُطفت من بين أحلامها وحقوقها، ليس لأنها أخطأت، بل لأنها وقفت أمام المليشيات في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي، على خلفية فيديوهات بثتها عن فساد الحوثي في المناطق الواقعة تحت سيطرتها شمال اليمن.
واعتبرت الحكومة اليمنية أن ما تعرضت له سحر الخولاني من اختطاف من منزلها، وإخفائها قسراً، نموذجا لمأساة النساء اليمنيات في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية.
وأدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، اليوم الأحد، في تغريدة له رصدتها "العين الإخبارية"، استمرار مليشيات الحوثي، في احتجاز الإعلامية سحر الخولاني وإخفائها قسراً منذ أكثر من شهر.
وقال الإرياني إن اختطاف الناشطة في المجال الإنساني، منذ 10 سبتمبر/أيلول الماضي، على خلفية تناولها للأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين، يكشف حجم جرائم المليشيات وما تتعرض له النساء في مناطق سيطرتها من ممارسات قمعية وجرائم وانتهاكات ممنهجة.
وأضاف المسؤول اليمني أن مليشيات الحوثي "قامت مطلع يونيو/حزيران الماضي باختطاف عدد من الموظفات في المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني، وإخفائهن قسراً، بينهن سميرة بلح، المنسقة الميدانية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في محافظة الحديدة".
ليست وحدها
كما قامت المليشيات -وفقًا للإرياني- باختطاف رباب المضواحي، رئيسة قسم المعلومات في المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI)، وسارة الفائق، المدير التنفيذي للائتلاف المدني للسلام، وإحدى موظفات برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP).
وأشار الإرياني إلى أن المليشيات اختطفت منذ انقلابها في 2015، آلاف النساء من منازلهن ومقار أعمالهن والشوارع العامة ونقاط التفتيش، واقتادتهن إلى المعتقلات والسجون السرية.
وأكد أن المليشيات "لفقت لهن التهم الكيدية، ومارست بحقهن صنوف الابتزاز والتعذيب النفسي والجسدي، والتحرش والاعتداء الجنسي، على خلفية نشاطهن السياسي والإعلامي والحقوقي".
ووفقًا للمسؤول اليمني، فإن المليشيات تمارس هذا النهج من الجرائم بحق النساء والناشطات "بهدف الحد من حريتهن ومشاركتهن في الحياة العامة، وتقييد قدرتهن على الحركة في الشوارع والأماكن العامة وأماكن عملهن".
ودعا الإرياني منظمات حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة ومناهضة العنف ضد النساء إلى الاضطلاع بدورهم في التنديد بالانتهاكات الحوثية المستمرة بحق النساء اليمنيات.
وبحسب الإرياني، فإن تلك الانتهاكات تشكل جرائم حرب وجرائم مرتكبة ضد الإنسانية، وانتهاكًا صارخًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة.
أوضاع مأساوية
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين لإجبارهم على إطلاق سراح الإعلامية سحر الخولاني، وكافة المحتجزات والمخفيات قسراً في معتقلاتهم، واللاتي يعشن أوضاعًا مأساوية جراء ظروف الاعتقال والمعاملة المهينة والقاسية، والحرمان من الرعاية الصحية وأبسط مقومات الحياة.
كما طالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالشروع في تصنيف مليشيات الحوثي "منظمة إرهابية عالمية"، وملاحقة قياداتها وعناصرها المتورطين في تلك الجرائم والانتهاكات، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وقائع الاختطاف
وقبل اختطاف الناشطة الخولاني في 10 سبتمبر/أيلول 2024، تداول نشطاء مقطع فيديو للخولاني، ذكرت من خلاله أن هذا الفيديو بحوزة شخص ما، وحملته أمانة نشره حال تعرضها للاختطاف أو أي مكروه. وقالت الخولاني خلال الفيديو إن قيادات الحوثي مارست بحقها التهديدات قبل اختطافها، بجانب الضغوطات الكبيرة على أهلها، للتوقف عن الحديث عن فساد قيادات الحوثي.
وأثارت حادثة اختطاف الناشطة "سحر الخولاني" من قبل المليشيات واقتيادها إلى مكان مجهول استياء شعبيًا واسعًا لدى النشطاء اليمنيين، ليعيد التذكير بالسجل الأسود للمليشيات في قمع حرية التعبير منذ انقلابها على الدولة اليمنية قبل 9 سنوات.
وتزامن اختطاف الخولاني مع موجة اختطافات سابقة للحوثيين طالت موظفي الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات دولية وأخرى محلية، ونشطاء مدنيين.
وتسلط قصة الخولاني -التي اختطفتها مليشيات الحوثي- من بين أطفالها الصغار، بعد تهديدات وضغوط على أسرتها، الضوء على وجوه اليمن الناعمة، التي زُجَّ بها الانقلابيون خلف القضبان، من بينهم سميرة بلح، ورباب المضواحي، وسارة الفائق.
وسبق الخولاني أصوات أخرى كثيرة تعكس حجم المأساة التي تعيشها نساء اليمن تحت سطوة مليشيات الحوثي، وأبرزهن عارضة الأزياء انتصار الحمادي، والناشطة الحقوقية العربية فاطمة العرولي، وابنة تهامة حنان المنتصر، وخالدة الأصبحي.