عودة العطاس إلى عدن تثير التوقعات بتهيئته لدور أكبر في الشرعية اليمنية

أثارت العودة المفاجئة لرئيس الوزراء اليمني الأسبق حيدر أبوبكر العطاس إلى عدن ضمن فريق رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بعد غيابه عنها طيلة ثلاثة عقود الأسئلة عن توقيت تلك العودة وأهدافها في هذه الفترة بالذات وما يميّزها من توتّرات داخل معسكر الشرعية اليمنية غذّتها الصعوبات الاقتصادية والمالية الكبيرة وتبعاتها الاجتماعية والتي جرّت وراءها بوادر “تمرّدات” مناطقية تجسّدت بوضوح في محافظة حضرموت التي رفضت سلطاتها المحلية تحويل مواردها إلى البنك المركزي، قبل أن تهدّد قبائلها بمحاصرة منابع النفط ومنع استغلال الخام المستخرج منها.
وجاء من ضمن الأسئلة التي طرحتها دوائر سياسية بشأن عودة حيدر العطاس، إن كانت الخطوة جزءا من عملية تهيئة له لدور سياسي أكبر داخل الشرعية اليمنية بالنظر إلى خبراته المتراكمة في مجال الحكم وتمرّسه بإدارة الأزمات التي واجه الكثير منها خلال مساره السياسي.
وتصنّف تلك الدوائر العطاس ضمن معسكر الولاء للسعودية وتتوقّع، استنادا إلى ذلك، محاولة المملكة إعادة تعويمه في المشهد السياسي اليمني كي يشرع في تشكيل مركز قوّة جنوبي جديد منافس للمجلس الانتقالي الجنوبي المهيمن بشكل رئيسي على ساحة الجنوب.
ولا يزال العطّاس رغم ابتعاده عن الأضواء وإقامته مطوّلا خارج البلاد يحتفظ بشبكة علاقات واسعة داخل اليمن وخارجه، كما لا يزال محتفظا بكاريزما خاصة وقدرة على التفاوض تجعله مرشحا للاضطلاع بدور المفاوض باسم الشرعية في عدّة ملفات وقضايا شائكة.
وقال مصدر سياسي إنّ العطّاس باعتباره شخصية جنوبية في الأصل وله جذور في محافظة حضرموت يمكن أن يكون مساعدا للشرعية اليمنية ومن ورائها الرياض في كبح جماح القوى “المتمرّدة” على الشرعية وخصوصا في المحافظة المذكورة التي توليها السعودية اهتماما خاصا وشرعت في التخطيط لاستدامة نفوذها داخلها نظرا لموقعها الإستراتيجي المجاور للمملكة من جهة، والمنفتح على خليج عدن فالمحيط الهندي من جهة أخرى.
لكنّ المحافظة بدت عصية على الترويض وظلت تعيش حالة من الغليان الداخلي والغضب من السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة الشرعية اليمنية التي أوجدت أوضاعا صعبة للسكان لا تتناسب مع ثراء حضرموت بالموارد الطبيعية.
شهاب الحامد: عودة العطاس ردة فعل حكومية على مليونية سيئون
كما أنّ المجلس الانتقالي أظهر إصرارا شديدا على إبقاء حضرموت بمختلف مناطقها ضمن نطاق نفوذه معتبرا أنّها جزء أساسي في دولة الجنوب التي يسعى إلى استعادتها. ويخوض المجلس صراعات شديدة ضدّ قوى يصفها بالشمالية يقول إنها متغلغلة في صفوف الشرعية وتعمل على “احتلال” أجزاء من المحافظة لاسيما منطقة الوادي والصحراء.
ويوجّه الانتقالي أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، ويقول إنّ قوات الشرعية المنتشرة في الوادي والصحراء ما هي إلاّ قوات تابعة للحزب وخاضعة لإمرة قياداته وإنّ تدثرت برداء الشرعية.
وفي نطاق الصراع ذاته نظم الانتقالي بمناسبة ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر مظاهرات في سيئون مركز منطقة الوادي أطلق عليها اسم “مليونية الهوية” تعبيرا عن انتماء حضرموت بساحلها وواديها وصحرائها إلى الجنوب.
ولم تتردّد دوائر إعلامية وسياسية في ربط عودة العطّاس بما يجري في حضرموت معتبرة أنّ التطورات الأخيرة في المحافظة، بالإضافة إلى تجدّد الخلافات بين الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية اليمنية، سرّعت من جهود السعودية لاستكمال تشكيل معسكرها في اليمن والذي قد ينضم إليه السياسي المخضرم ليقوم بدور قيادي فيه إلى جانب العليمي وعدد آخر من السياسيين موضع ثقة الرياض.
ونظرت دوائر مقرّبة من الانتقالي الجنوبي إلى عودة العطاس إلى عدن في ضوء هذه المعطيات. وعلق الكاتب السياسي شهاب الحامد بالقول عبر منصة إكس “عودة الرئيس العطاس إلى عدن هي أول ردة فعل حكومية على تظاهرة سيئون المليونية والتي مثلت استفتاء شعبيا على هوى وهوية حضرموت الجنوبية العربية”.
وعاد العطاس الذي سبق له أن شغل منصب آخر رئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الفترة من 1986 إلى 1990 السنة التي أعلنت فيها الوحدة اليمنية إلى عدن بصحبة رئيس مجلس القيادة كونه بحسب وكالة الأنباء سبأ التابعة للسلطة الشرعية مستشارا سياسيا للعليمي.
وكان السياسي الحضرمي المخضرم قد غادر اليمن منذ مايو 1994 تاريخ اندلاع حرب انفصال الجنوب عن الشمال، وقد حكم عليه غيابيا بالإعدام سنة 1998 قبل أن يصدر عفو عنه سنة 2003. ثم عاد العطّاس إلى الساحة السياسية لكن بشكل صوري عندما تمّ تعيينه مستشارا للرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي.