صحيفة: إصرار قبائل حضرموت على الحكم الذاتي يحد من تأثير مبادرة الرئاسي اليمني

حوّلت مواقف أعلنها حلف قبائل حضرموت مبادرة مجلس القيادة الرئاسي اليمني لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في محافظة حضرموت بشرق البلاد إلى مجرّد وسيلة للتهدئة الظرفية في المحافظة التي شهدت تحرّكات احتجاجية قَبلية تدرجت بسرعة إلى ما يشبه التمرّد.
وأصدر المجلس الذي يقوده الرئيس رشاد العليمي قبل أيام مصفوفة من القرارات تضمّنت استجابة لعدد من مطالب حلف قبائل حضرموت المتعلقة بالتنمية وتحسين الوضع الاجتماعي والخدمي لأبناء المحافظة ومنحهم الأولوية في التمتّع بالموارد الطبيعية لمحافظتهم، لكن الحلف المذكور سرعان ما أعاد طرح مطلبه غير المقبول من قبل السلطة الشرعية اليمنية بتحقيق الحكم الذاتي في حضرموت بالإضافة إلى إصراره على استبعاد القيادة الحالية للسلطة المحلية في المحافظة.
وعقد حلف قبائل حضرموت اجتماعا دعا إليه مشائخ القبائل وعددا من الوجهاء وممثلي القوى السياسية المحلية خُصص لتدارس الموقف من المبادرة الرئاسية وصدر إثره بيان تم التجديد من خلاله التمسّك بـ”حقوق حضرموت واستحقاقاتها،” معتبرا أنّ “مسار تحقيق الحكم الذاتي يمثل الخيار الذي يحقق تطلعات أبناء المحافظة في إدارة شؤونهم بأنفسهم بعيدا عن أي شكل من أشكال التبعية أو الإقصاء.
صبري بن مخاشن: الإصرار على الحكم الذاتي يبقي الضغط على السلطة
وكانت المبادرة التي وضعت تحت عنوان خطة “تطبيع الأوضاع في حضرموت” قد استثنت مطلب الحكم الذاتي وأغفلت ذكره بشكل كامل، بينما تضمنت رفضا صريحا لأي عمليات تجنيد وتشكيل للقوات خارج إطار السلطة المعترف بها دوليا، في ردّ على إعلان سابق من قبل حلف قبائل حضرموت عن نيته تشكيل قوات خاصة به وشروعه في تجنيد المنتسبين لتلك القوات.
وقال الحلف في بيانه إنّ “الأيادي ممدودة للتفاهم حول ترتيب آلية لتنفيذ وتطبيق المعالجات المشمولة في البيان الرئاسي لضمان تحقيق ذلك والاستفادة منه وبانتظار تحديد مضامين الخطوة التالية.”
وطالب الحلف أيضا بكشف الجهة التي نفذت ما قال إنّه هجوم تعرض له في وقت سابق موقع تابع له غربي مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت.
وكان الحلف، وقبل الإعلان عن نيته تشكيل قواته الخاصّة، قد بادر إلى حمل السلاح لتنفيذ مطالبه واستخدم عناصر قبلية مسلّحة في تطويق مواقع إنتاج النفط وقطع طرق نقله وتوزيعه تحت عنوان حماية الثروة الطبيعية لحضرموت والحفاظ عليها
وطالب البيان أيضا بإقالة المحافظ مبخوت بن مبارك وتفكيك السلطة المحلية التي يقودها متهما تلك السلطة بأنّ لها “دورا واضحا ضد الاستحقاقات والمطالب وعملت بكل ما تملك على إفشالها وإلحاق الضرر بها والقائمين عليها،” مؤكّدا رفض مشاركتها في تنفيذ مباردة مجلس الرئاسة “حفاظا على المنجزات وتنفيذها بالشكل الذي يخدم المجتمع ويخلق علاقة صحية مع الدولة المركزية.”
وفي أوضح مظهر للتعامل مع المبادرة المذكورة بشكل مؤقّت وظرفي أعلن الحلف في بيانه السماح بمرور النفط المخصص لتوليد الكهرباء في عدن مؤقتا لمدة لا تتجاوز أسبوعين وذلك كبادرة حسن نية إزاء قرارات مجلس القيادة.
وعلّق الإعلامي الحضرمي المقرّب من حلف قبائل حضرموت صبري بن مخاشن على البيان بالقول إنّه “رمى الحجر في مرمى الرئاسة لطرح آلية التنفيذ مع استبعاد السلطة المحلية المعادية للحلف”، مضيفا في منشور على منصة إكس أن الإصرار على مطلب الحكم الذاتي هدفه إيجاد “عامل ضغط” لتنفيذ باقي المطالب.
المبادرة التي وضعت تحت عنوان خطة "تطبيع الأوضاع في حضرموت" كانت قد استثنت مطلب الحكم الذاتي وأغفلت ذكره بشكل كامل
وتضمنت خطّة تطبيع الأوضاع في حضرموت اعتماد عائدات بيع النفط الخام الموجود في خزانات الضبة والمسيلة لإنشاء محطتين كهربائيتين جديدتين في ساحل ووادي حضرموت واستيعاب أبناء المحافظة في القوات المسلّحة والأمن وفقا للقانون.
كما تضمنت إنشاء مستشفى عام في منطقة الهضبة من عائدات قيمة الديزل المخزون في شركة بترومسيلة، بالإضافة إلى إدارة كافة العوائد المحلية والمركزية لصالح تنمية وإعمار المحافظة وفقا لخطة تنموية مشتركة مع الحكومة.
ولما كان الهدف هو وقف الحراك الاحتجاجي المتدرّج والنأي عن محاذير العنف، فقد ورد في آخر نص المبادرة أنّ هذه الإجراءات تقتضي “إنهاء المظاهر الاحتجاجية تمهيدا لإجراء اصلاحات شاملة تعيد لمحافظة حضرموت وضعها الطبيعي كقاطرة للتنمية والاستقرار.”
لكن المبادرة لم تسلم من نقد وتشكيك في واقعيتها وإمكانية تنفيذها في ظلّ الصعوبات المالية الكبيرة التي تواجهها الحكومة اليمنية والتي وصلت حدّ عجزها عن دوفع رواتب الموظفين بشكل منتظم وعدم القدرة على تأمين الخدمات الأساسية بما في ذلك خدمة الكهرباء.
وقال عبدالعزيز قاسم القيادي في الحراك الجنوبي إنّ تلبية مطالب منطقة وترك أخرى لن يحقق السلام المجتمعي الذي يسعى إليه الجميع. وأضاف في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية أنّ الحديث عن خطط المجلس الرئاسي في حضرموت عبارة عن ضجيج للاستهلاك الإعلامي سيتلاشى سريعا، معتبرا أنّ المجلس “يحاول فتح ثغرة جديدة يمكن أن تسهم في خفض التوتر وعودة تصدير النفط ولكن خطواته مهددة بالفشل.”