أحيت أزمة الخدمات العامة المستفحلة في مناطق الشرعية اليمنية، والتي مثّل الانقطاع الكلي للكهرباء الذي شهدته مدينة عدن أبرز مظاهرها، الخلافات بين أطراف السلطة التي يقودها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ويشارك فيها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي بدأ يرفع الصوت مجدّدا بالاحتجاج على تلك الأزمة كونها تمسّ مناطق نفوذه وتؤثّر على مزاج سكّانها.
واتّهم وزير من وزراء الانتقالي في حكومة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك أطرافا لم يسمّها بتعمّد قطع الكهرباء عن عدن، بينما حذّر قيادي في المجلس من تفجّر “بركان” الثورة الشعبية بسبب أزمة الخدمات.
وشهدت عدن مطلع الأسبوع الجاري انقطاعا كاملا للتيار الكهربائي وذلك للمرة الأولى خلال فصل الشتاء مما تسبب في موجة استياء شعبي في المدينة التي تتخذها الحكومة المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة.
ونجم الانقطاع عن عدم توفّر الوقود اللازم لتشغيل محطة التوليد، وأعيدت خدمة التزويد بالكهرباء تدريجيا وبشكل جزئي لكنّ المدينة الساحلية ظلت تعاني ضعف التيار وانقطاعه من حين إلى آخر في بعض أنحائها.
وباتت أزمة الكهرباء مرشحة للامتداد نحو معقل رئيسي ثان للمجلس الانتقالي هو ساحل محافظة حضرموت حيث أعلنت مؤسسة الكهرباء المحلية عن نيتها الزيادة في ساعات قطع التيار، مرجعة ذلك إلى شح مادتي الديزل والمازوت المستخدمتين في التوليد.
وحذّر فضل الجعدي القيادي في المجلس الانتقالي من أنّ “صبر الشعب نفد والصيف القادم سيكون بركانا ثائرا إن لم تكن هناك معالجات ملموسة لكل القضايا العالقة والكهرباء أولها.”
وخاطب المسؤولين في السلطة الشرعية بالقول “فلتكونوا عند مستوى المسؤولية قبل أن يقع الفأس في الرأس.
فضل الجعدي: صبر الشعب نفد والصيف القادم سيكون بركانا ثائرا
وأضاف معلقا على ما آلت إليه الأوضاع في تلك المناطق بالقول “راهن مخيف أن تقبع العاصمة عدن في الظلام بسبب نفاد الوقود وهي المدينة التي عرفت الكهرباء قبل كل المدن التي حولها، ولا شيء بإمكانه أن يعبّر عن إحساس أبنائها العميق بالغبن من الحال الذي وصلت إليه الأوضاع والذي بلغ حد معاقبة عدن وأهلها ليس بالكهرباء فقط ولكن بمجمل الخدمات.”
ومن جهته ربط عبدالناصر الوالي وزير الخدمة المدنية والتأمينات أزمة الكهرباء غير المسبوقة في عدن بالزيارة التي قام بها وفد حكومي بقيادة رئيس الوزراء بن مبارك إلى الولايات المتحدة.
ورأى أن قطع التيار عن المدينة جاء كرد فعل من قبل جهات لم يذكرها على التمثيل الواسع للجنوبيين في الوفد الذي رافق رئيس الحكومة إلى واشنطن.
وقال الوزير في بيان صحفي “كانت هناك حملة تشويه ممنهجة لزيارتنا الرسمية إلى أميركا، بلغت ذروتها بقطع الكهرباء عن عدن بالكامل في محاولة لحرف الأنظار وتهييج الشعب.”
وأضاف أن السبب وراء هذا التصعيد هو أن الوفد الرسمي الذي شارك في الزيارة كان مكونا بالكامل من الجنوبيين في “سابقة لم تحدث منذ عام 1994″، معتبرا أن “وجود وفد جنوبي موحد أثار حفيظة البعض ممن اعتادوا احتكار السلطة والقرار السياسي.”
وتحدث عن نجاحات حققتها الزيارة من بينها أن “القضية الجنوبية كانت حاضرة بشكل واضح في كل اللقاءات السياسية وتحدث عنها الفريق بصوت موحد.”
وتتفاقم أزمة الكهرباء فيما يواجه اليمنيون أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية في تاريخ البلاد تسببت في تآكل مدخراتهم في ظل تراجع قيمة العملة المحلية وضعف الأجور وعدم انتظام دفع الرواتب للموظفين.
ويشعر سكان محافظات جنوب اليمن بالغضب الشديد جراء تردي الخدمات على نحو لم يسبق له مثيل، إذ شهدت مناطق عدة في مدن عدن ولحج وأبين احتجاجات شعبية غاضبة خلال الأيام القليلة الماضية أضرم خلالها المحتجون النار في إطارات سيارات وأغلقوا شوارع.
وتقول الحكومة المعترف بها دوليا إنها تنفق ما يعادل 1.2 مليار دولار سنويا بواقع 100 مليون دولار شهريا من أجل توفير الوقود واستئجار محطات توليد الكهرباء لكن الإيرادات لا تغطي التكلفة.