قبضة الحوثيين تشتد على الحياة الجامعية لوأد أي حراك احتجاجي محتمل

يتعرّض الوسط الجامعي والأكاديمي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي الموالية لإيران إلى ضغوط متصاعدة من قبل الجماعة التي اتجّهت خلال الفترة الأخيرة نحو المزيد من إحكام قبضتها على الجامعات والكليات والمعاهد في مناطق سيطرتها مخافة تحوّلها إلى مراكز لمعارضتها والاحتجاج ضدّها على خلفية تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانحسار مساحة الحرية والعمل السياسي والنقابي في تلك المناطق.
وسرّعت الجماعة من عملية عسكرة الجامعة وأدلجتها بمضاعفة الدورات العسكرية والتجمّعات “التثقيفية” للطلبة، بينما سلكت طريق الضغط المادي والوظيفي على الهيئة التدريسية والإدارية داخل المؤسسات الجامعية عبر التوظيف على أساس الولاء للحوثي ووصولا إلى الاستبعاد من الوظائف وقطع الرواتب عن المشكوك في ولائهم.
وتحدثت مصادر محلية عن إجبار جماعة الحوثي في ظرف ثلاثة أشهر لحوالي ثلاثة آلاف طالب على مشاركة في دورات عسكرية تحت طائلة التهديد بالفصل من الدراسة والمحاسبة القضائية لمن يرفضون المشاركة في تلك الدورات التي تتضمن تدريبا على حمل السلاح والانضباط للأوامر العسكرية المختلطة بالتعاليم الدينية والإيديولوجية وتعظيم الرموز القيادية للحوثيين.
رياض الدبعي: الحوثيون بصدد عسكرة الجامعات وزج طلبتها في الصراع
ولا تتردّد وسائل إعلام رسمية تابعة للحوثيين في الإعلان عن تنظيم تلك الدورات التي تقول إنّ هدفها “رفع مستوى الجاهزية القتالية لدى الطلاب وتأهيلهم لمواجهة التحديات”، بينما تقول أوساط حقوقية أن هدفها الأصلي جعل الطلاب جزءا من الجسم العسكري للجماعة ليكونوا بمثابة جيش احتياط لها ويصبحوا بالنتيجة خاضعين للأوامر والتعليمات العسكرية الصارمة التي تحرّم على المنتسبين العمل السياسي ناهيك عن المشاركة في أي حراك احتجاجي أو نشاط يتعلّق بحرّية الرأي والتعبير.
ولا تخلو إقامة الطلبة في المعسكرات إلى جوار الأسلحة والمتفجرات من مخاطر على حياتهم، حيث كثيرا ما تسجل خلال الدورات العسكرية حوادث مميتة أو مسببة لعاهات مستديمة لبعض المشاركين فيها.
وأعلن مؤخّرا عن مقتل طالبين وإصابة ثلاثة آخرين أثناء مناورة بالذخيرة الحيّة ضمن دورة عسكرية تحت مسمى “مخادع طوفان الأقصى” أجرتها جماعة الحوثي في منطقة الحوبان شرقي محافظة تعز بجنوب غرب اليمن وأجبرت طلابا جامعيين على المشاركة فيها.
ولا تقتصر سياسة القبضة الحديدية على الحياة الجامعية على الطلبة بل تشمل المدرسين والإداريين. وكشف مركز الأحقاف الحقوقي مؤخّرا عن إطلاق الحوثيين لحملة فصل جماعي ضد أعضاء هيئة التدريس والموظفين الإداريين في جامعة إب جنوبي العاصمة صنعاء وذلك تنفيذا لتوجيهات من رئيس الجامعة المعين من قبل الجماعة نصر الحجيلي لعمداء الكليات بتقديم قوائم بأسماء جميع الأكاديميين والموظفين الذين سبق لهم أن غادروا وظائفهم ونزحوا عن المحافظة فرارا من الحرب.
وأورد المركز في منشور له عبر صفحته في فيسبوك نقلا عن مصادر مطلّعة أن العديد من أعضاء هيئة التدريس والموظفين نزحوا من المحافظة بعد سيطرة الحوثيين عليها وذلك بسبب تعرضهم للملاحقة والمطاردة وحالات الاختطاف من قبل الجماعة. ورغم انقطاع رواتب هؤلاء لفترات طويلة فإن الأسماء التي تم رفعها ستُسقط من كشوف الرواتب بشكل نهائي وفقا لتعميم صادر من وزارة الخدمة المدنية التابعة للحوثيين.
وجاء في التعميم أن الهدف من هذه الإجراءات هو “تنظيف كشوف الرواتب من المنقطعين والمزدوجين وغيرها من الاختلالات الوظيفية.”
وانتقد الناشط الحقوقي رياض الدبعي في تصريحات صحافية عسكرة الحوثيين للجامعات وتجنيدهم للطلاب واصفا ذلك بأنه يمثل تهديدا خطيرا للتعليم في البلاد وانتهاكا واضحا للقانون الدولي.
واعتبر أن الجماعة تسعى من خلال تلك الممارسات إلى تحويل الجامعات إلى ثكنات عسكرية واستغلال الطلاب في الصراع الدائر في البلاد، متوقعا أن يؤدي هذا السلوك إلى تدمير العملية التعليمية وتقويض مستقبل الأجيال الشابة في اليمن.
وطالب الدبعي المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات صارمة لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها. ودعا إلى تحييد المؤسسات التعليمية عن الصراعات السياسية والعسكرية وتمكين الطلاب من الحصول على تعليم آمن وعدم السماح لأي طرف بزج الطلاب في أتون الحرب.