حقيقة الحوثيين في اليمن وتصنيفهم الجديد كإرهابيين

صنّف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الحوثيين في اليمن، وهم جماعة مسلحة ترعاها إيران، بأنها "منظمة إرهابية أجنبية".
يأتي ذلك ردا على قبضتهم القمعية على اليمن منذ عقد من الزمن، والهجمات على الدول المجاورة. ومع ذلك، تشير منشورات الجماعة المتمردة إلى أن دعمها للفلسطينيين هو السبب في ذلك، مما يديم الدعاية الضارة المؤيدة للحوثيين
ويقول الحوثيون، وهم جماعة إرهابية ترعاها إيران وتعمل في اليمن، إن دعم الفلسطينيين دفع الولايات المتحدة إلى تصنيفهم كإرهابيين.
ففي 22 يناير 2025، باشر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإعادة إدراج هؤلاء المتمردين كمنظمة إرهابية أجنبية.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، قد علقت سابقا إدراجهم في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في يناير 2021، واختارت معاقبة الحوثيين بتصنيفهم "إرهابيين عالميين محددين بشكل خاص"، في عام 2024؛ نتيجة لعدوانهم عبر البحر الأحمر
ونشرت وسائل الإعلام على الفور تقريرا عن إدانة الحوثيين والإيرانيين لإدراجهم في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية كذريعة لمعاقبة الشعب اليمني على دعمه للفلسطينيين ضد إسرائيل.
إذ لا تؤدي هذه التقارير قصيرة النظر إلا إلى تضخيم الدعاية المؤيدة للحوثيين بشأن الجرائم اليومية المرتكبة ضد اليمنيين
- الدعاية المناصرة للحوثيين
طغت الدعاية على الجمهور العالمي مرة أخرى؛ بسبب التحيز للمتمردين الحوثيين، وتضخيم الدعاية المؤيدة لهم.
إذ يجري الاشادة بهؤلاء المقاتلين مرة أخرى كممثلين لجميع اليمنيين، الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 30 مليون نسمة. ومع ذلك، فإن ثلثي هؤلاء السكان محتجزون تحت تهديد السلاح من قِبل الجماعة المتمردة
فمنذ شهر سبتمبر 2014، احتجزت الجماعة المتمردة أكثر من ثمانية ملايين يمني كرهائن، في ظل قيامها بضربات بالطائرات المسيَّرة أو الصواريخ.
وتستند إعادة إدراج المتمردين الحوثيين مؤخرا في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية إلى عقد من الجرائم المرتكبة ضد اليمنيين العاديين، والاستهداف العشوائي للمدنيين في جميع أنحاء البلدان المجاورة.
كما استهدفت هجماتهم الأخيرة السفن التجارية المدنية، بما يؤثر على الاقتصاد العالمي، ويهدد بكارثة بيئية، حيث استهدفت ناقلات النفط على طول البحر الأحمر، وبحر العرب.
إن تضخيم الدعاية المؤيدة للحوثيين لا تفيد الفلسطينيين ولا اليمنيين. بل على العكس من ذلك، يتسبب الحوثيون بمعاناة أكبر وهم ينتقمون من خصومهم اليمنيين. كما تضطر الحكومات في الدول الإقليمية إلى الدفاع عن نفسها من الضربات العشوائية للجماعة المتمردة.
وقد لعبت الرِّعاية الإيرانية دورا حيويا في تمكين الحوثيين بالأسلحة والدّعم المالي والدّعاية، مما عزز من قبضة القمع العنيفة للمتمردين في جميع أنحاء اليمن. ولولا هذا الدَّعم، لكان الحوثيون قد أذعنوا لمحادثات السلام مع الفصائل المتنافسة من أجل البقاء.
- جريمة الحوثيين في اليمن
عززت الطائرات المسيَّرة والصواريخ والخبرات الإيرانية قوة الحوثيين منذ سنوات، ويمكن أن يُنسب إلى إيران الفضل في نجاحات الجماعة الكبيرة.
استهدفت الجماعة المتمردة اليمنيين في جميع أنحاء المحافظات المحررة، وهو ما كانت تسعى إليه من خلال زحفها عام 2015 إلى عدن، وهي مدينة ساحلية في اليمن.
كما شنت ضربات صاروخية على مطار عدن في ديسمبر 2020، مستهدفة وزراء الحكومة المعترف بها دوليا
لقد قصفت البنية التحتية النفطية في محافظتي حضرموت وشبوة منذ شهر أكتوبر 2022، مما أدى إلى تفاقم أزمة اقتصادية كبيرة في جميع أنحاء جنوب اليمن.
ويحتجز الحوثيون آلاف السجناء السياسيين المعتقلين تعسفًا والمحكوم عليهم من قِبل محاكم هزلية في صنعاء، عاصمة اليمن.
ومنذ شهر يونيو 2024، شنت الجماعة المتمردة حملة إجرامية ضد جميع اليمنيين العاملين في وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وأولئك التابعين للسفارات الغربية. لقد اتهمت الجميع بشكل صارخ، بمن فيهم أزواج، بالعمل كجواسيس.
فكثيرا ما تأتي الاتهامات من قِبل نظام الأمن والمخابرات الحوثي الذي تم إنشاؤه للتجسس على أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء الأراضي الخاضعة لسيطرة الجماعة المتمردة.
إذ يقوم الموالون لها، من الموظفين وأفراد الأمن، بدور مماثل للشرطة السرية لألمانيا الشرقية الشيوعية سابقا، ويقومون بالإبلاغ عن أنشطة وسياسات واتصالات الموظفين اليمنيين والأجانب.
إن تكتيك الحوثيين الأخير -وهو خطوة يائسة لفرض شروط مواتية وسط حملة فاشلة لدعم غزة وجولة جديدة من العقوبات الأمريكية- خلَّف أكثر من 20 مليون يمني رهائن لدعايتهم.
وقالت الرئيسة المؤقتة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، جويس مسويا: "يحتاج ما لا يقل عن 19.5 مليون شخص في اليمن إلى المساعدة الإنسانية والحماية هذا العام، بزيادة 1.3 مليون شخص عمّا كان عليه في عام 2024".
وهناك قرابة 17 مليون شخص، أي ما يقرب من نصف سكان اليمن، غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية
إن هذه نتيجة مباشرة لجرائم الحوثيين، التي أعاقت إيصال المساعدات الإنسانية واحتجزت عمَّال الإغاثة تعسفًا
وقد انخفض حجم الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بأكثر من 75٪ منذ عام 2022. وهناك مانحون دوليون يحتجون على استيلاء الحوثيين على المساعدات المالية والغذائية التي أرسلتها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون.
لقد أثبت الحوثيون مرارا وتكرارا أن السلام ليس من مصلحتهم. وكجزء من دعاية الحوثيين، العدو موجود في كل مكان، وهناك حاجة إلى جهاز الأمن القمعي للقيام بالردع، أو سجن الناس بالجملة.
ووفقا لخطاب الحوثيين، فإن العدو هو المسؤول عن غياب الحكم الرشيد. إن الحملات الداعمة للفلسطينيين ليست سوى ستار من الدّخان لصرف الانتباه عن جرائمهم ضد شعبهم.