التلغراف: إيران في حالة "تأهب قصوى" وسط مخاوف من هجوم على منشآتها النووية

أفادت صحيفة "التلغراف" بأن إيران وضعت أنظمتها الدفاعية حول منشآتها النووية في حالة تأهب قصوى، وسط مخاوف من هجومٍ محتمل من قِبل إسرائيل والولايات المتحدة.
ووفقًا لمصدرين حكوميين رفيعي المستوى، عززت الجمهورية الإسلامية أيضًا دفاعاتها حول المواقع النووية والصاروخية الرئيسية، بما في ذلك نشر منصاتٍ إضافية لأنظمة الدفاع الجوي.
ويقول المسؤولون إن هذه الإجراءات جاءت استجابةً لتزايد المخاوف من احتمال شنّ عملية عسكرية مشتركة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة.
و يأتي ذلك في أعقاب تحذيراتٍ استخباراتية أمريكية لكل من إدارتي بايدن وترامب، تفيد بأن إسرائيل قد تستهدف مواقع نووية إيرانية رئيسية هذا العام.
وقال أحد المصادر لصحيفة "التلغراف": "السلطات الإيرانية تنتظر الهجوم وتتوقعه كل ليلة، وكل شيء في حالة تأهب قصوى، حتى في المواقع التي لا يعرف أحد بوجودها."
وأضاف: "العمل على تحصين المنشآت النووية مستمر منذ سنوات، لكنه تكثّف خلال العام الماضي، لا سيما بعد أن شنت إسرائيل أول هجوم لها. و التطورات الأخيرة، بما في ذلك تصريحات دونالد ترامب والتقارير حول خطط محتملة من إدارته لاستهداف إيران، زادت من حدة الأنشطة العسكرية."
و تخوض إسرائيل وإيران حربًا غير معلنة منذ سنوات، تدور بشكلٍ أساسي بين إسرائيل ووكلاء الجمهورية الإسلامية.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة عام 2023، نفّذ الطرفان هجماتٍ جريئة ضد بعضهما البعض.
ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شنّت إيران هجومًا غير مسبوق على إسرائيل، مستخدمةً 200 صاروخ، وردت إسرائيل بضرباتٍ جوية.
والآن، تخشى إيران من أن دعم ترامب -الذي دعا إسرائيل لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية- قد يجعل الهجوم الإسرائيلي وشيكًا.
وأقرّ مسؤولٌ إيراني بأن أي ضربة كبيرة قد تجعل إيران عرضة للخطر، خاصة أن أنظمتها الدفاعية تضررت بشدة جراء الضربات الإسرائيلية العام الماضي.
و وفقًا لما قاله المصدر: "تم نشر عدة منصاتٍ إضافية لأنظمة الدفاع الجوي، ولكن هناك إدراك بأن فعاليتها قد تكون محدودة في حال وقوع هجوم واسع النطاق".
فقد طورت الجمهورية الإسلامية نظام دفاع جوي محلي، كما تمتلك منظومة S-300 الروسية لحماية منشآتها النووية.
ومع ذلك، لا يُعتقد أن هذه الأنظمة قادرة على التصدي بفعالية للأسلحة الإسرائيلية المتطورة، مما دفع إيران إلى الضغط على روسيا لتسريع تسليم منظومة S-400 الصاروخية.
وأعلن اللواء (أمير علي حاجي زاده)، قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني، هذا الأسبوع أن إيران تعمل أيضًا على تطوير منظومة دفاعية مضادة للصواريخ الباليستية لحماية نفسها من أي هجوم إسرائيلي محتمل.
و قال: "فيما يتعلق بأنظمة الدفاع المضادة للصواريخ الباليستية، فقد تعرضنا لأضرار في هذا المجال خلال الأحداث الأخيرة، مما يكشف عن ضعف في قطاع الدفاع الباليستي للبلاد."
وأضاف: "في كل اجتماع عقدته أنا والقائد (حسين سلامي) وقائد الأركان العامة للقوات المسلحة (محمد باقري) مع القائد الأعلى، كان سؤاله الأول دائمًا: ماذا حدث؟ وأين نقف الآن؟"
وأوضح أن منظومة الدفاع الجديدة ستكون جاهزة في مارس/ آذار، حيث سيتم تجهيز طهران وعدد من المدن الكبرى بنظام دفاع مضاد للصواريخ الباليستية.
وأكد: "حاليًا، نحن قادرون على إنتاج صواريخ بمدى يصل إلى 2000 كيلومتر، وليس لدينا أي قيود تقنية في هذا الصدد. وإذا كان هناك تهديد من الولايات المتحدة، يمكننا استهداف مواقع قريبة بصواريخ منخفضة التكلفة."
• "أقصى الضغوط" من ترامب:
ألحقت انتصارات إسرائيل على الشبكات التابعة لإيران، مثل حماس وحزب الله، وسقوط بشار الأسد —الرئيس السوري والحليف الرئيسي لطهران—بالإضافة إلى الانتكاسات الإقليمية، ضرباتٍ قاسية للنظام الإيراني.
وقد أدت هذه الخسائر إلى تصاعد السخط الداخلي وزيادة الآمال في حدوث تغيير.
وجعل ذلك إيران أكثر عرضة لموقف ترامب المتشدد تجاهها. فمنذ توليه السلطة، استأنف حملة "الضغط الأقصى" على إيران، والتي شملت محاولاتٍ لمنعها من امتلاك أسلحة نووية عبر خفض صادراتها النفطية إلى الصفر.
و يوم الاثنين، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) بأنه، بدعم من ترامب، "سينهي المهمة" مع إيران.
ويرى المحللون أن إسرائيل لن تكون قادرة على تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل دون دعم من الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن ترامب أعرب عن تفضيله للتوصل إلى اتفاق مع طهران، فقد أوضح أيضًا أنه يدرس خيار التدخل العسكري الأمريكي في حال فشلت المفاوضات.
صرّح المسؤول الإيراني الذي تحدث إلى صحيفة "التلغراف" بأن هناك مخاوف متزايدة في طهران من أن "الولايات المتحدة قد تنضم إلى الهجوم، وتشنّ عملية عسكرية واسعة النطاق من شأنها أن تهدد وجود الجمهورية الإسلامية".
و (قال مايكل والتز)، مستشار الأمن القومي الأمريكي، يوم الأحد: "كل الخيارات مطروحة على الطاولة."
وأضاف: "إيران لاعب غير عقلاني، ولا يمكننا السماح لها بوضع إصبعها على الزر."
وأوضح أن ترامب مستعد "للتفاوض مع إيران"، ولكن فقط بشرط التخلي عن "البرنامج النووي بالكامل، وعدم التلاعب كما فعلت طهران في الماضي."
و من جانبه، قال (جيسون برودسكي)، مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، لصحيفة "التلغراف"، إن هناك عدة طرق يمكن للولايات المتحدة من خلالها دعم أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية.
وأضاف: "يمكن للولايات المتحدة تقديم دعم سياسي، ومساعدة استخباراتية من خلال الاستطلاع، بالإضافة إلى توفير قدرات التزود بالوقود جواً. كما يمكنها دعم العملية عبر نقل الذخائر المتطورة ووسائل الإيصال اللازمة لتدمير البرنامج النووي الإيراني."
و أحد التحديات التي تواجه إسرائيل في استهداف إيران هو أن مقاتلاتها تحتاج إلى السفر لأكثر من 1500 كيلومتر للوصول إلى مدى الهجوم. وهذا يتطلب التزود بالوقود جوًا فوق أراضٍ قد تكون معادية، بالإضافة إلى مواجهة أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية المصنّعة في روسيا.
و قال جيسون برودسكي: "هناك دائمًا خيار أن تشارك الولايات المتحدة في الضربات مع إسرائيل فيما يخص الملف النووي."
وأضاف: "النظام الإيراني يراقب هذه الخيارات بقلق شديد، وتزايدت حالة التوتر لديه بشكل واضح، نتيجةً للتقارير في الإعلام الأمريكي والتقييمات الاستخباراتية الأمريكية التي تفيد بأن إسرائيل مستعدة لاستهداف البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية هذا العام."
و تسعى إيران الآن لإيجاد طرق لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحب منه ترامب عام 2018، في حين تضغط واشنطن نحو نزع السلاح النووي بالكامل.
وأشار برودسكي إلى أنه "طالما أن الطرفين يتحدثان بمثل هذه الشروط المتشددة، فمن غير المرجح التوصل إلى تسوية دبلوماسية مستدامة لهذه القضية. وهذا يتطلب من الولايات المتحدة تطوير منظومة ضغط قوية، على غرار ما بدأت إدارة ترامب في تنفيذه."