صحيفة لندنية: استنفار في حضرموت تحسبا ليوم "مصيري"

محافظة حضرموت على موعد مع حدث وصفه منظموه بالكبير والمفصلي متمثّـل في أكبر تجمّع قبلي دعـا إليه حلف قبـائل حضرموت الـذي برز بشكل لافت في واجهـة المشهد الحضرمي كحامل لمشروع الحكم الذاتي بالمحـافظة والمغـري للعـديد من الجهات المحلية، والمتناغم، ربّما، مع أهداف جهات خارجية، لكنّـه أيضا مثير للتوتر والانقسام لتنـاقضه الجـوهري من مشروع دولة الجنوب المستقلّة التي يحمل لواءها المجلس الانتقالي الجنوبي.
سيئون (اليمن)- عاشت محافظة حضرموت على مدى الأيام الماضية على وقع الاستعداد لأكبر تحرّك للقبائل المحلية منذ إنشاء الحلف الذي يجمعها والمقرّر لليوم السبت، وهو تحرّك وصفته منابر إعلامية تابعة للحلف ودوائر مقرّبة منه بـ”المصيري” في إشارة إلى أنّ التجمع القبلي الكبير الذي ستشهده منطقة الهضبة سيكون حاسما في مسألة إعلان الحكم الذاتي في المحافظة وتشكيل قوّة عسكرية خاصة بحلف القبائل تحت مسمّى قوات حماية حضرموت.
وانطوت الدعاية الكبيرة والتعبئة الاستثنائية التي استبقت التجمّع القبلي على استعراض للقوة الجماهيرية لحلف قبائل حضرموت أمام خصومه ومنافسيه وفي مقدمتهم المجلس الانتقالي الجنوبي الممتعض بشدّة من تحركات الحلف وتمدّد نفوذه في المحافظة التي يعتبرها المجلس الجزء الرئيسي والأهم من دولة الجنوب المستقلّة التي يسعى لتأسيسها.
كما تضمنت تحدّيا للسلطات المحلية ومن ورائها السلطة الشرعية اليمنية التي يتّسم موقفها من تحركات الحلف القبلي بالغموض، وأيضا بالتردّد كون الحلف بدا على وفاق مع المملكة العربية السعودية الداعم الرئيسي للشرعية.
عمرو البيض: ما نشهده في حضرموت هو بروز لمشروع اللاّمشروع
وجاءت دعوة القبائل إلى التجمع في الهضبة في أعقاب زيارة قام بها رئيس حلف القبائل عمرو بن حبريش إلى الرياض حيث التقى بوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان.
وترافقت الزيارة مع تصعيد إعلامي ملحوظ من قبل الحلف إزاء المجلس الانتقالي الجنوبي وعودة مشهودة للترويج لفكرة الحكم الذاتي التي يرفضها المجلس بشدّة.
وقال الصحافي المقرب من حلف قبائل حضرموت صبري بن مخاشن عبر حسابه في منصة إكس إنّ التجمّع القبلي في الهضبة سيحظى بتغطية إعلامية كبيرة معلنا أن فضائيات عربية كبرى أعلنت عزمها حضور المناسبة وتغطيتها.
واستبقت اللجنة الأمنية العليا بحضرموت تجمّع يوم السبت وبادرت إلى عقد اجتماع لها في مدينة المكلا مركز منطقة ساحل حضرموت ومعقل نفوذ الانتقالي الجنوبي برئاسة المحافظ مبخوت بن ماضي وبحضور أبرز القادة العسكريين والأمنيين.
وقالت اللجنة في بيان إنّها ناقشت مستجدات الأوضاع الأمنية في حضرموت وجهود تنسيق العمل بين الجهات المعنية لتعزيز الأمن ومنع أيّ اختلالات.
وذكرت أنّه جرى التركيز في الاجتماع على تدابير تعزيز الأمن والاستعدادات لمواجهة أيّ محاولات لزعزعة الاستقرار داعية “المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية وعدم الانجرار وراء أيّ شائعات أو دعوات تُهدّد الأمن وتشق وحدة الصف.”
وفي إشارة إلى رفض مساعي حلف قبائل حضرموت إلى تشكيل قوّته العسكرية الخاصّة حذّرت اللّجنة مختلف الجهات من التعاطي مع أيّ تشكيلات عسكرية أو أمنية خارجة عن إطار الدولة، متوعّدة بالتعامل “بحزم مع كل من تسوّل له نفسه المساس بسكينة المواطنين أو استغلال الأزمات لتنفيذ أجندات ضيقة تضر بمصالح حضرموت وأهلها.”
وأكدت أن القوات العسكرية والأمنية في المحافظة في أتمّ اليقظة والجاهزية وتتمسك بالحياد السياسي والعقيدة الوطنية،” مذكّرة بحظر الدخول أو التجول بالأسلحة في كافة المنافذ والنقاط العسكرية داخل المحافظة.
وعلى الطرف المقابل شكل حلف قبائل حضرموت لجنة تحضيرية لما وصفه بأكبر حراك شعبي له عملت على مدى الأيام الماضية على استكمال كافة الترتيبات التنظيمية والأمنية لاستقبال الوفود القادمة من مختلف مديريات ومناطق حضرموت كون اللقاء بحسب إعلام الحلف “سيجمع أطيافا واسعة من أبناء المحافظة من قبائل ومجتمع مدني.”
يبدو أنّ قبول المملكة بحلف قبائل حضرموت طرفا محاورا بشأن وضع المحافظة ومصيرها شجّع قيادة الحلف على المضي في تصعيدها السياسي ضدّ السلطة الشرعية اليمنية والانتقالي الجنوبي على حدّ سواء.
ولم يخف الانتقالي الجنوبي امتعاضه من تصعيد حلف القبائل لحراكه، وانتقد على لسان عمرو البيض الممثل الخاص لرئيسه عيدروس الزبيدي ما سمّاه “مشروع اللاّمشروع في حضرموت،” قائلا في تعليق عبر منصّة إكس إنّ “هناك مطالبة بعدم هيمنة أطراف من خارج حضرموت تترافق في نفس الوقت مع ممارسة هيمنة سياسية داخلية عبر فرض متحدثين باسم حضرموت.”
وأضاف البيض قوله “محاولة الهيمنة الداخلية تتجلى في القول بأن حضرموت ليست تابعة لأيّ مشروع وهذا يتناقض مع الاعتراف بتعدد المشاريع داخلها كما يدعي رافعو هذا الشعار”.
من جهتها شدّدت الهيئة التنفيذية المساعدة للمجلس الانتقالي الجنوبي لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت في اجتماع لها على ضرورة “الحفاظ على حضرموت وحمايتها من محاولات الاستهداف الممنهج لهويتها الجنوبية،” معتبرة في بيان أن “معركة حضرموت لم تعد تقتصر على المطالب الخدمية والحقوقية بل أصبحت معركة وجود وسيادة وهوية في مواجهة المشاريع والأدوات التي تسعى لطمس انتماء المحافظة لجنوبها وتمزيق نسيجها الاجتماعي.”
ودار خلال الفترة القريبة الماضية سجال حاد بين الانتقالي الجنوبي وحلف قبائل حضرموت انطلق إثر انتقادات وجهها الزبيدي رئيس الانتقالي لقيادة حلف القبائل لرفضها الحوار وجنوحها للتصعيد، وردّ عليها بن حبريش بالتعبير عن رفضه لما وصفه بخطاب التهديد وتجديد إصراره المضي في مشروع الحكم الذاتي، وتأسيس قوة عسكرية للحلف، معلنا في الوقت نفسه قطع الحوار مع مجلس القيادة الرئاسي ممثل الشرعية اليمنية والتواصل مباشرة مع السعودية.
ويبدو أنّ قبول المملكة بحلف قبائل حضرموت طرفا محاورا بشأن وضع المحافظة ومصيرها شجّع قيادة الحلف على المضي في تصعيدها السياسي ضدّ السلطة الشرعية اليمنية والانتقالي الجنوبي على حدّ سواء، ما جعل متابعين للتطورات الجارية في منطقة الهضبة يعتبرون التجمع القبلي الكبير أحد تداعيات زيارة بن حبريش الأخيرة إلى الرياض.