قال الصحافي والباحث حسام ردمان على صفحته بفيسبوك، إن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، والتي بلغت ذروتها في نهاية يناير باحتراق سفينة نفط بريطانية، تكشف عن منحنى تصاعدي في السلوك الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة.
وأوضح "ردمان" في تحليله للاحداث على صفحته بفيس بوك تابعه محرر سكوب24 الإخباري:أن الهجمات الحوثية بدأت في نوفمبر الماضي باختطاف سفينة "غالاكسي ليدر" الإسرائيلية، ثم تطورت إلى قصف السفن الدولية دون تمييز، ثم استهداف الأصول العسكرية الغربية، وأخيراً اغراق سفينة نفط بريطانية.
وأضاف "ردمان" أن هذه الهجمات تشير إلى أن إيران أصبحت أكثر متهورة في استخدام الحوثيين كأداة لتوسيع رقعة الصراع في المنطقة، وذلك على الرغم من أنها تظل خائفة من الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
وأوضح أن إيران حرصت على إشعال اليمن كساحة نشطة للمواجهة البحرية، بينما اكتفت بمشاهدة غزة كملعب رئيسي للصراع الميداني مع تقديم الدعم الكلامي والرمزي. كما حرصت قدر الإمكان على تخفيف أحمال الصراع عن جغرافيا هلالها الشيعي في العراق وسوريا ولبنان، لتجنب استهداف أصولها الاستراتيجية الثمينة هناك.
أما على الجانب الآخر، فقد بادر الحوثيون بحماسة شديدة إلى إثبات فاعليتهم كأداة إيرانية لنشر الفوضى في المنطقة. واستفادت الجماعة من هذه الاندفاعة لتعزيز دورها الإقليمي، حتى داخل محور "الممانعة" نفسه.
وأوضح "ردمان" أن طفرة الحوثيين لا تعود إلى حنكتهم الاستراتجية أو تفوق قدراتهم العسكرية، بل هي طفرة خلقها توازن العرض والطلب الجيوسياسي: أي تدني قيمة الحوثيين السياسية لدى صانع القرار الإيراني، بالتوازي مع تنامي أهمية الجغرافيا اليمنية التي يسطرون عليها.
ولذلك، لا تتردد طهران عن الدفع بهم ضمن مقامرات جيوسياسية عالية الخطورة، وتشجيعهم للذهاب بالصراع إلى حافة الهاوية. بخلاف نصائحها المقدمة إلى حزب الله، والذي ما انفك يحاور المبعوث الأمريكي إلى لبنان للتفكير في كيفية تطويق الصراع وخفض التصعيد وتطبيق القرار الأممي 1701.
وفي المحصلة، لم تسهم الأنشطة الحوثية - حتى الآن على الأقل - في التأثير الاستراتيجي على مجريات الأحداث في غزة، ولم تعدوا عن كونها عمل تضامني رمزي (وهو ما يمكن اعتباره عملا انتهازيا أكثر من كونه جهدا بطوليا).
بيد أن تحركات الحوثي أثبتت ناجعة غير مسبوقة في تحقيق عقيدة الردع الإيرانية، والتي تتوخى دوما دفع جبهات الصراع خارج حدوها المباشرة والى داخل الدول العربية المجاورة، وهو ما يحصل حرفيا اليوم بانتقال المواجهة من الخليج العربي الى البحر الأحمر.