تراوح قيادات حزب التجمّع اليمني الإصلاح الذراع المحلية لجماعة الإخوان المسلمين في خطابها السياسي بين الدعوة للتصالح مع جماعة الحوثي، وتوجيه الانتقادات اللاّذعة لها ونفي أي نية للتقارب معها، وذلك في عملية تقاسم أدوار محكمة بهدف التغطية على اتصالات متقدّمة بين الطرفين.
وعادة ما يكون الخطاب الأخير موجّها لقواعد الحزب التي تعتبر الحوثيين مسؤولين عن اقتلاع الإخوان من أهم مناطق نفوذهم بشمال اليمن بعد إلحاقهم سلسلة من الهزائم المدوّية بالقوات التابعة لهم في تلك المناطق.
لكنّه موجّه أيضا إلى باقي الشركاء في السلطة الشرعية اليمنية الذين من بينهم من يعتبر تواصل أي طرف حزبي بشكل منفرد مع الحوثيين بمثابة خيانة لباقي الأطراف وبحثا عن تحقيق مكاسب ذاتية على حسابهم.
علي الجرادي: الإصلاح جزء من مؤسسات الشرعية ومكوناتها السياسية
وأصبح فتح الطرقات الرابطة بين مناطق سيطرة الحوثيين ومناطق نفوذ حزب الإصلاح محورا رئيسيا للتواصل بين الطرفين، في وقت تتحدّث فيه مصادر سياسية عن قيام أطراف إقليمية برعاية مباحثات بينهما تتعلّق بمسائل أكثر أهمية تتصّل بترتيبات تنفيذ خارطة الطريق التي أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ عن التوصّل إليها ضمن مراحل إطلاق مسار سياسي لإنهاء الصراع اليمني سلميا.
وما أُحرج حزب الإصلاح، هو تسرّب خبر قيام ممثلين له بمباحثات في إيران بشأن التصالح مع الحوثيين قالت المصادر إنها جرت برعاية كلّ من قطر وسلطنة عمان.
وأوكل الحزب لأحد قيادييه نفيَ الخبر وشنَّ هجومٍ عنيف على الحوثيين اتهمهم فيه بعرقلة أي جهود للسلام وبالاستعداد لاستئناف القتال على الجبهات الهادئة منذ قرابة السنتين.
ونفى رئيس الدائرة الإعلامية في حزب الإصلاح علي الجرادي وجود أي لقاءات أو اتصالات من قبل حزب الإصلاح مع الحوثيين بصورة منفردة.
وقال في منشور على منصّة إكس إنّ “الإصلاح جزء من مؤسسات الشرعية اليمنية وضمن مكوناتها السياسية وأحزاب التحالف الوطني وقواها السياسية والميدانية ولديه رؤية سلام معلنة وواضحة تقوم على مخرجات الحوار الوطني والتوافقات السياسية والقرارات الدولية”.
كما جدّد الجرادي اتّهام الحوثيين بتحشيد مقاتليهم على جبهات مأرب وشبوة والساحل الغربي، معتبرا أنّ حديثهم عن السلام مجرّد تكتيك وأنّهم يرون في السلام خطرا عليهم و”لذلك يلجأون إلى الحروب.. وكلما هدأت موجة قتال أشعلوا موجة جديدة”.
وأضاف قوله إنّ “الذي يرفض فتح طريق للمسافر ويرفض صرف راتب موظف منذ تسع سنوات ويحشد الأطفال لجبهات القتال ويُخرج الأكاديميين والباحثين لدورات القتال لهو أبعد ما يكون عن السلام”.
ويبدو نفي المسؤول الحزبي الكبير لوجود اتّصالات لحزبه مع الحوثيين متناقضا مع وقائع موثّقة بالصور والتصريحات جرت بالفعل بين قياديين في حزب الإصلاح وآخرين من جماعة الحوثي.
كما يتناقض أيضا مع دعوات صريحة صدرت عن شخصيات بارزة في الفرع اليمني من جماعة الإخوان المسلمين للمصالحة مع الحوثيين وطي صفحة الخلافات معهم.
وظهر قبل فترة العضوان البارزان في حزب الإصلاح منصور الزنداني وفتحي العزب في صورة إلى جانب عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي علي القحوم في صنعاء، نشرها الأخير في حسابه بمنصة إكس وعلّق عليها بالقول “مع قيادات الإصلاح الوطنية لأجل بناء العلاقات والتنسيق المستمر والحوارات الداخلية”.
وتوالت بعد ذلك دعوات التصالح مع الحوثيين على ألسنة قيادات إخوانية يمنية بارزة من بينها عبدالمجيد الزنداني الذي دعا في شريط مصوّر “جميع القوى السياسية اليمنية للتوحد ورفض الخلاف والسعي للصلح في ما بينها”، قائلا إنّ ذلك سيمكّن جميع القوى من مناصرة فلسطين وشعبها.
رئيس الدائرة الإعلامية في حزب الإصلاح علي الجرادي ينفى وجود أي لقاءات أو اتصالات من قبل حزب الإصلاح مع الحوثيين بصورة منفردة
وانضم إليه نجله محمد الذي قال في منشور إنّ الناس تلومه على موقفه من الحوثيين وعلى نسيان احتلالهم لصنعاء وجامعة الإيمان ولبيوت قيادات حزب الإصلاح وتفجيرها، مضيفا عبر منشور له على منصة إكس “لم ولن ننسى ذلك ولكن من باب الواجب علينا والوفاء لأمّتنا ولأهلنا في غزة وفلسطين أن نعلق ذلك العداء بيننا وأن ننبذ الخلاف ونوحد صفوفنا في وجه كل قرار أميركي يدعم العدوان على غزة ويصنف كل من يدعمها في موقفها كإرهابي سواء كان ذلك الموقف حقيقيا كما هو في نظر البعض أو كان صوريا كما هو في نظر البعض الآخر”.
وبرزت في الآونة الأخيرة قضية فتح الطرق كغطاء إنساني مناسب للتواصل بين الإخوان في اليمن وجماعة الحوثي.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر يمنية قولها إن اجتماعات جرت خلال الأيام الماضية بين وسطاء محليين وقيادات حوثية بغرض التوصل إلى حلول لفتح الطرق بين المحافظات.
وبادرت السلطات المحلية في مأرب بقيادة المحافظ المنتمي لحزب الإصلاح سلطان العرادة قبل أيام بفتح طريق مأرب- صنعاء عبر فرضة نهم.
وشكّكت جهات يمنية في دوافع قيادات حزب الإصلاح لفتح الطرق بين مناطق سيطرة الحزب ومناطق سيطرة الحوثي. وعلق الكاتب الصحفي صالح أبوعوذل على خطوة العرادة بالقول إنها “تثبت لليمنيين أن الإخوان لم يكونوا يوما ما ضد الأذرع الإيرانية، مضيفا عبر منصة إكس “نستطيع أن نقول إن مأرب أعلنت الاستسلام للحوثي ولا عزاء لدعاة وحدة الصف المشروخ”.