شكوك تتزايد يوما تلو الآخر حول فعالية الضربات الأمريكية في ردع مليشيات الحوثي التي تواصل استهداف السفن المدنية وتزيد من توترات البحر الأحمر.
وما فاقم ذلك الاتجاه المشكك في جدوى التعامل الحالي مع هجمات المليشيات الموالية لإيران، أنها لم تتوقف عن ممارساتها، ووصل الأمر أمس الأربعاء إلى سقوط قتلى لأول مرة بعد اعتداء بصاروخ باليستي على السفينة "ترو كونفيدانس".
وتشبه حادثة "ترو كونفيدانس" الهجوم الذي طال قاعدة التنف الواقعة أقصى شمال الأردن في يناير/كانون الثاني المنصرم، والذي نفذته مليشيات عراقية موالية لإيران وأدى إلى وقوع 3 قتلى أمريكيين لأول مرة أيضا وإصابة قرابة 30 آخرين.
الرد الأمريكي غير مجد؟
ووفق حازم الغبرا، المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، في حديث لـ"العين الإخبارية"، فإن ما قامت به مليشيات الحوثي يعد نوعا من القتل العمد، مشيرا إلى أن استمرار الضربات العسكرية الأمريكية على مواقع الحوثيين خيار أول مطروح دائما عبر استهداف المواقع والأسلحة والمخازن والذخائر.
إلا أن السياسي الأمريكي يرى أن مثل هذه الضربات لا تفيد كثيرا، مبررا ذلك باستمرار الدعم الإيراني، لافتا إلى وجود خط إمداد كامل بالمسيرات والصواريخ من طهران بمجرد طلب سريع كلما نقص مخزونه، ويصل للحوثيين كل ما يريدون من أسلحة وعتاد، وبالتالي هذا أمر غير مجد على المدى البعيد.
وعقب الهجوم، تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية مساء الأربعاء بمحاسبة مليشيات الحوثي، بحسب تصريحات للمتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، الذي دعا مختلف الدول إلى أن تسير على خطى واشنطن.
ولم تمض ربما ساعة على تصريحات متحدث الخارجية الأمريكية، حتى تواردت الأنباء بأن الطائرات الأمريكية والبريطانية شنت غارتين استهدفتا مطار الحديدة الدولي غرب اليمن والخاضع لسيطرة الحوثيين، على نحو أكدته المليشيات الموالية لإيران لاحقا.
إيلام الحوثي
ويرى الغبرا كذلك أن خيار تسليح السفن الذي طرح من قبل غير مجد لأن هذا أمر صعب إذا أردنا مجاراة الهجمات بالمسيرات والصواريخ، إلا أن الحل الوحيد والمنطقي هو الضغط الكافي على إيران، لأن "الحوثي مؤتمر بإمرة إيران ومجرد جندي وأداة لديها"، بحسب تصريحاته.
وأكد أنه "بمجرد وقف الأمر من جهة إيران سيوقف الحوثيون هجماتهم، وبالتالي هناك حاجة إلى ضغط شديد على طهران، وأن تكون هناك عمليات موجعة للإيرانيين، داعيا إلى أنه إذا كانت هناك فرصة "لإيلام الحوثي" فيجب القيام بذلك.
وعما يقصده بـ"إيلام الحوثي"، يوضح الغبرا، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أنه يجب استهداف قيادات الصف الأول لديهم وليس مجرد قيادات ميدانية، وهذا أمر يساعد جدا في إعادة ترتيب التوجه الحوثي، على الأقل يجعله يفكر مرتين قبل الهجوم على السفن المدنية.
نوع جديد من الإرهاب
وقال المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية إن "مليشيات الحوثي تعتبر نفسها دولة، في وقت تقوم بشكل مستمر في استهداف البواخر المدنية"، معتبرا أن "هذا نوع جديد من الإرهاب"، معربا عن اعتقاده بأن "واشنطن لن تستطيع الوصول إلى حل سحري يوقف المليشيات".
وفي ختام تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، شدد الغبرا على ضرورة أن يكون هناك "بحث عن أفكار جديدة للتعامل مع هجمات الحوثي، وكذلك الدعم الإيراني الموجه له"، معتبرا أن "الضربات الأمريكية التي تنفذ حتى الآن لا تغير توجه هذه المليشيات".
وتنفذ الولايات المتحدة بالتعاون مع بريطانيا ضربات متواصلة ضد مواقع الحوثيين منذ أسابيع، مع استمرار اعتداءات الأخيرة على السفن التجارية المارة في البر الأحمر، على نحو كلف الدول خسائر مليارية، فضلا عن الوقت الطويل لوصول تلك الناقلات بعد أن غيرت مسارها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح.