خلال الأيام الماضية كثفت جماعة الحوثي، هجماتها على السفن المبحرة في البحر الأحمر.
إلا أن أوسع هجوم حوثي شهده هذا الممر المائي المهم دولياً أتى أمس السبت مع إعلان الجيش الأميركي إسقاط 32 مسيّرة أطلقها الحوثيون المدعومون من إيران، في البحر الأحمر وخليج عدن.
ما أعاد تسليط الضوء على الدور الإيراني غير المباشر في تلك الهجمات.
ففيما أكد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، مساء أمس أن الحرس الثوري الإيراني أنشأ جسرا لتزويد جماعة الحوثي بالأسلحة الدقيقة التي تستخدمها في هجماتها بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، عبر شبكات تهريب متخصصة، أشار عدد من المتخصصين والمراقبين البحريين إلى دور إيراني عبر السفن.
إذ رأى ضابط سابق بالجيش الأميركي أن دقة الاستهداف لدى الحوثيين تشير إلى دور إيراني محتمل. وألمح ديفيد دي روش، الكولونيل السابق في الجيش الأميركي، والمحاضر أيضا في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن، إلى دور محتمل للسفينة (بهشاد) الإيرانية في الضربة التي استهدفت قبل أيام سفينة (ترو كونفيدنس) التجارية في خليج عدن، حسب ما نقلت وكالة أنباء العالم العربي.
كما أردف "في تقييمي وتقييم الجميع، تُستخدم بهشاد لتوفير بيانات الاستهداف لصواريخ الحوثيين وهذا ما يجعلها دقيقة، وقاتلة".
أما حول إمكانية التحرك ضد بهشاد، فقال دي روش "كانت هناك مطالبات بإجراءات ضدها، لذلك وردت أنباء عن هجوم سيبراني طالها، ولكنه لم يكن فعالاً".
كذلك أضاف: "منذ انتقال بهشاد إلى البحر شهدنا ضربات صاروخية مؤلمة، كالضربة ضد السفينة روبيمار التي غرقت وألحقت أضرارا بثلاثة كابلات بيانات تحت الماء". وتابع قائلا: "هناك دعوات للتحرك ضد بهشاد، وأعتقد أن أفضل طريقة للقيام بذلك هي على الأرجح إغراقها بطوربيد. وأعتقد أن ذلك سيكون ردا متناسبًا وغير مباشر على هذا الهجوم".
إلى ذلك، كرر دي روش الحديث عن رابط بين وجود السفن الإيرانية وبين ما يحصل من ضربات في البحر الأحمر، موضحا "عندما ننظر إلى دقة ضربات الحوثيين على السفن في البحر، فهذا يعني أنهم قريبون جدًا من المياه الإقليمية للحوثيين حيث يمكن رؤيتها بصريًا، عندها يصوب رادار الحوثيين ويضربون السفينة. لذا ما نجده هو أن الدقة تتصادف عادةً مع وجود بهشاد وسافيز، خاصة في خليج عدن". وتابع قائلا "لا أعرف ما هي الإجراءات التي ستتخذ، ولكني متأكد من أنه تم الاطلاع على الرابط بين إبحار بهشاد ودقة هجمات الحوثيين على السفن. لذلك أعتقد أن هناك رابطا مباشرا، وإذا أرادت الإدارة الأميركية إضعاف تلك القدرة، فعليها ملاحقة جهاز الاستهداف".
بدوره، اعتبر جون جاهاجان، رئيس شركة سيدنا جلوبال المتخصصة في المخاطر البحرية، أن سلوك بهشاد، "غير عادي".
كما أشار إلى أن تحركاتها "تطرح أسئلة كبيرة حول دورها في الأزمة الحالية". وأردف متسائلا "إذا لم تزود الحوثيين بمعلومات استخباراتية عن تحركات السفن، فماذا تفعل إذا؟"، وفق ما نقلت صحيفة "فايننشال تايمز".
وانتقلت سفينة "بهشاد"، التي تبدو ظاهريًا وكأنها ناقلة بضائع عادية، إلى خليج عدن في يناير الماضي بعد سنوات في البحر الأحمر، مع تصاعد الهجمات على السفن في الممر المائي الحيوي قبالة اليمن.
لكنها اتبعت منذ ذلك الحين مسارًا غير تقليدي وبطيء ومتعرج حول المياه القريبة من مدخل البحر الأحمر.
يشار إلى أن بهشاد وسافيز سفينتان إيرانيتان مسجلتان كسفن شحن عامة، لكن من المعتقد أنهما ترصدان تحركات السفن وتجمعان بياناتها في المياه الإقليمية.
وكان ثلاثة مسؤولين أميركيين كشفوا الشهر الماضي (فبراير 2024) أن الولايات المتحدة شنت هجوما سيبرانيا على بهشاد التي تتهمها واشنطن بجمع معلومات استخباراتية عن سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، وفق ما نقلت حينها شبكة "إن.بي.سي نيوز".
كما أوضحوا أن الهجوم الإلكتروني وقع في أوائل فبراير وكان جزءا من رد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على هجوم بطائرات مسيرة شنته فصائل عراقية مدعومة من إيران، وأسفر عن مقتل ثلاثة من العسكريين الأميركيين وإصابة العشرات على الحدود الأردنية السورية في أواخر يناير.
فيما لاحظ عدد من الخبراء انخفاضًا في هجمات الحوثي خلال فبراير الماضي، عندما كانت بهشاد على ما يبدو خارج الخدمة.