تغاضت المملكة العربية السعودية عن الخطاب المتشائم لكل من الأمم المتّحدة والحكومة اليمنية بشأن مصير جهود السلام في اليمن وأعلنت مواصلتها العمل على إيجاد حل سياسي للصراع في البلاد.
وقال وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إنّه بحث مع رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك “الجهود القائمة لدعم سير العملية السياسية بين الأطراف اليمنية ومسار السلام لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن”، موضّحا في تعليق على منصة إكس أن المحادثات شملت “مساعي استكمال تنفيذ خارطة الطريق برعاية الأمم المتحدة”.
وجاء ذلك بعد أنّ كانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا قد أعلنت عن “توقف خارطة الطريق (التي أعلنت الأمم المتحدة عن التوصل إليها) وتراجع أفق الحل السياسي للصراع”.
كما جاء بعد إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عن مواجهة عملية الوساطة بين فرقاء الصراع اليمني لتعقيدات تهدّد بتوقّفها.
الإصرار السعودي على طي ملف الصراع اليمني سلميا يبدو أقوى من تصعيد جماعة الحوثي الخطير في البحر الأحمر
ويظهر الموقف السعودي مدى إصرار المملكة على إيجاد مخرج سلمي للصراع اليمني وذلك في إطار سياسة أشمل شرعت الرياض في تنفيذها وتقوم على تبريد الصراعات من حولها وإقامة علاقات تصالحية مع جميع الأطراف الإقليمية بما في ذلك إيران التي تدعم جماعة الحوثي وتمدّها بالوسائل اللازمة لمواصلة الحرب في اليمن وضدّ المملكة نفسها.
وجاء استدعاء بن مبارك على عجل إلى جدّة، بعد ما بدا من تسرّع حكومته في الإعلان عن سقوط خارطة الطريق التي بذلت السعودية جهودا كبيرة إلى جانب الأمم المتحدة للتوصّل إليها.
ويبدو من إصرار الرياض على مواصلة جهود السلام في اليمن رغم التعقيدات الكبيرة التي طرأت عليها مع انخراط جماعة الحوثي في استهداف حركة الملاحة في البحر الأحمر تحت شعار دعم قطاع غزة في الحرب الإسرائيلية ضدّه، عدم استعداد السعودية للتفريط فيما تمّ تحقيقه من تقدّم ضئيل باتجاه الحلّ السلمي في اليمن، وذلك بفضل ما أبدته المملكة من مرونة إزاء جماعة الحوثي تجلّت في دخولها في محادثات مباشرة معها وإيفاد ممثلين لها إلى صنعاء، واستقبال ممثلين للجماعة في الرياض.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قد قدّم في أحدث إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن صورة قاتمة لجهود حل الأزمة اليمنية، لافتا إلى أن عملية الوساطة باتت أكثر تعقيدا وأن اليمنيين يشاركونه الشعور بنفاد الصبر في سبيل تحقيق تطلعاتهم.
لكن غروندبرغ أعلن رغم ذلك استمرار الجهود لوضع صيغة نهائية لخريطة طريق لحل الأزمة اليمنية.
وقال في إحاطته “كنت آمل أن أحيط مجلس الأمن بشأن تحضيرات لعملية سياسية جامعة”. واستدرك بالقول “هذه الآمال والتوقعات لم تتحقق”، مضيفا “على الرغم من جهودنا في حماية عملية السلام من التأثيرات الإقليمية منذ الحرب في غزة، فإن ما يحدث على المستوى الإقليمي يؤثر على اليمن، وما يحدث في اليمن يمكن أن يؤثر على المنطقة”.
وحث غروندبرغ “جميع الأطراف المعنية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والعمل على خفض التصعيد، لحماية التقدم المحرز فيما يتعلق بعملية السلام في اليمن”.
وفي أواخر ديسمبر الماضي أعلن المبعوث الأممي التزام الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بمجموعة تدابير لوقف شامل لإطلاق النار في عموم البلاد وتحسين ظروف معيشة المواطنين.
توقف خارطة الطريق جاء بسبب التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية
وتجاوزت الحكومة اليمنية التي تتمتع برعاية ودعم سعوديين كبيرين في تشاؤمها بشأن مصير عملية السلام في اليمن، ما ذهب إليه المبعوث الأممي بإعلانه توقّف خارطة الطريق.
وقالت في بيان أصدرته إثر اجتماع عقده رئيس الحكومة عبر تقنية الفيديو كونفرنس مع سفراء اليمن لدى الدول العربية والأجنبية إن بن مبارك تطرق إلى الوضع السياسي وعملية السلام مع الحوثيين، بعد توقف خارطة الطريق المعلن عنها من المبعوث الأممي إلى اليمن.
وأوضح البيان “أن توقف خارطة الطريق جاء بسبب التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية”، وذكر البيان أنه “بتوقف خارطة الطريق تراجع أفق الحل السياسي للصراع”.
لكن بن مبارك لم يأت على ذكر خارطة الطريق خلال لقائه الأمير خالد في جدّة وفقا ما ورد في خبر وكالة الأنباء اليمنية سبأ بشأن اللقاء، حيث قالت إنّ رئيس مجلس الوزراء ناقش مع وزير الدفاع السعودي جهود إحلال السلام في اليمن وآفاق الحل السياسي في ظل التصعيد العسكري لتنظيم جماعة الحوثي في البحر الأحمر، بالإضافة إلى “العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين وقضايا التعاون الثنائي في مختلف المجالات والفرص المتاحة لتنميتها وتطويرها”.