تراجع كبير في هجمات الحوثي ضد سفن الشحن في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب أرجعه محللون إلى الضربات المكثفة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأمس الخميس، أقر زعيم مليشيات الحوثي عبدالملك الحوثي بتراجع هجمات مليشياته البحرية لكنه أرجع ذلك إلى تحركات ما وصفه بـ«العدو» التي أصبحت نادرة، وأن «حركة السفن أصبحت أشبه ما تكون بعملية تهريب».
ووفق خبراء ومحللين سياسيين يمنيين فإن الضربات الأمريكية البريطانية استطاعت بالفعل تحييد جزء من قدرات الحوثيين على مواصلة الهجمات ضد الشحن الدولي والقوات الأمريكية والبريطانية الموجودة في البحر الأحمر.
الخطر باقٍ
ورغم تراجع هجمات مليشيات الحوثي، أكد الخبراء أن الخطر ما زال باقيًا ويستهدف سفن الشحن، مشيرين إلى أن المليشيات الحوثية تعمدت التقليل من فاعلية الضربات الأمريكية والبريطانية لإظهار أنها لم تتعرض لخسائر فادحة في قواعدها ومعسكراتها.
وقال المحلل السياسي اليمني أدونيس الدخيني، إن تراجع الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية، يقف خلفه “تمكن الغارات الجوية التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من تقليص حدة الخطر الذي باتت تشكله المليشيات وتجاوز اليمن إلى مصالح العالم أجمع”.
وبحسب الدخيني لـ”العين الإخبارية”، فإن معظم الضربات الجوية كانت فاعلة في استهداف أولاً منصات إطلاق الصواريخ الحوثية، وثانياً، مخازن الصواريخ والطائرات المسيرة.
وأضاف أن هناك أكثر من خمس جولات من الضربات الجوية البريطانية والأمريكية المشتركة التي ركزت على مخازن الأسلحة، وأنظمة الرادارات، بالتالي، شلت جزءًا من قدرة مليشيات الحوثي.
وأشار إلى أنه خلال الأيام الماضية لوحظ استخدام الطائرات المسيرة من قبل المليشيات لتنفيذ الهجمات ضد بعض السفن، وتراجع استخدام الصواريخ.
ولفت إلى أنه “مع ذلك، لا يمكن اعتبار تراجع حدة الهجمات أن الخطر قد زال، قد يهدأ لكنه سيعود بالطبع حال اقتصرت الاستراتيجية الأمريكية على تنفيذ الضربات الجوية، وفرض العقوبات، وملاحقة شحنات الأسلحة المهربة”.
وأكد أن هناك حاجة إلى استراتيجية جديدة تأخذ في الاعتبار دعماً عسكرياً واقتصادياً للحكومة المعترف بها يسندها في استعادة كافة المناطق اليمنية وفي المقدمة محافظة الحديدة وبالتالي إنهاء هذا الخطر، باعتبار أن الحوثي لم يعد في الأثناء مشكلة يمنية فحسب بل دولية، وإرهابه سيطول الجميع.
كما أن تعاظم الخطر الحوثي مستقبلاً هو الإشكالية التي يجب التركيز عليها، باستمرار الاستراتيجية الأمريكية الحالية، يصبح تعاظم الخطر شيئاً مؤكداً، وفقا للمحلل السياسي.
الضربات غير كافية
من جهته، يقول مدير مركز “سوث 24” للدراسات في عدن، يعقوب السفياني، إن الضربات الأمريكية البريطانية على الحوثيين كانت فاعلة إلى حد ما، واستطاعت تحييد جزء من قدرات الحوثيين على مواصلة الهجمات ضد الشحن الدولي والقوات الأمريكية والبريطانية المتواجدة في البحر الأحمر.
ويضيف لـ”العين الإخبارية”، أن هذه الضربات وباعتراف قادة وخبراء أمريكيين، لم تكن كافية لردع الحوثيين خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أنه عندما يعترف زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، بأن الهجمات البحرية انخفضت، فالأسئلة التي يجب أن تطرح، هل حقق الحوثيون النسبة الأكبر من أهدافهم المعلنة في الهجمات البحرية-بمعنى هل فعلا توقفت الرحلات البحرية من وإلى إسرائيل؟، بما في ذلك السفن المرتبطة والمملوكة لإسرائيل، أو السفن الأمريكية والبريطانية التجارية- والإجابة أنها لم تتحقق بشكل كلي، حتى وإن كان الحوثي يدعي ذلك.
وبحسب السفياني فإنه ربما السبب الحقيقي وراء انخفاض منسوب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وعلى الرغم من أن الأرقام تشير عكس ذلك، أو إذا كان ذلك -الانخفاض في الهجمات- سيحدث خلال الأيام المقبلة أو ما قاله زعيم المليشيات هو تمهيد لانخفاضها، يعود سبب ذلك إلى أنه مرتبط بمحادثات بين الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة، ومليشيات الحوثي من جهة أخرى عبر إيران.
وكان قائد الأسطول الأمريكي لعملية البحر الأحمر الأدميرال مارك ميجيز، قال إن هجمات مليشيات الحوثي على السفن التجارية تباطأت وتحولت من استخدام صواريخ كروز إلى مسيرات أقل خطورة.
وأكد أن الضربات الصاروخية استطاعت خفض قدرات المليشيات وما زال أمامها عمل الكثير، مشيرا إلى أن إيران تدعم مليشيات الحوثي استخباراتياً وعسكرياً.
وتسعى مليشيات الحوثي وبدعم إيراني للحصول على مكاسب متعلقة بحربها في اليمن ومطامعها الداخلية عبر هذه الحملة البحرية وعبر استثمار القضية الفلسطينية، ومما يحدث في غزة، حتى وإن كان ذلك على حساب اليمنيين وارتفاع أسعار الشحن البحري والتأمينات التجارية.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استهدفت مليشيات الحوثي أكثر من 83 سفينة تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، بزعم أنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها.