في الوقت الذي يواجه فيه اليمن تحديات زراعية وغذائية واسعة وتدهور الإنتاج الزراعي، تحظى كثير من الأصناف والمنتجات والمحاصيل مثل الخضروات برواج كبير خصوصاً في بعض المواسم مثل شهر رمضان.
يأتي ذلك وسط زيادة ملحوظة في مستوى استهلاكها وارتفاع الطلب عليها في ظل صعوبات عديدة تواجها القطاعات الزراعية لتغطية احتياجات الأسواق من أصنافها الرئيسية وهو ما يؤدي إلى اختناق تجاري في عملية تداولها في جميع المدن والمحافظات اليمنية.
وتستقطب مختلف أنواع وأصناف الخضروات الجزء الأكبر من المتسوقين في معظم المدن اليمنية التي تشهد ازدحاماً يومياً يبدأ من وقت الظهيرة خلال شهر رمضان إلى حلول المساء، فيما دفع التردي المعيشي الذي يجتاح غالبية السكان في اليمن إلى الاكتفاء بشراء متطلبات الاستهلاك اليومي خصوصاً من الأصناف الرئيسية كالطماطم والبطاطس والبصل.
وتبرز مجموعة من العوامل التي تتسبب في تدهور إنتاجية المحاصيل والمنتجات الزراعية وتؤثر على العرض والطلب وعدم ثبات مستوى الإنتاج، إذ تأتي أزمة المياه في طليعة هذه التحديات المؤثرة.
إضافة إلى مشكلة توفير الأسمدة والمبيدات ومستلزمات الإنتاج الزراعي، وأزمات الوقود والنقل وارتفاعه تكاليف النقل والشحن التجاري المحلي والخارجي، الأمر الذي دفع العديد من الجهات والقطاعات الزراعية العامة والخاصة للبحث عن طرق ووسائل مختلفة لمواجهة هذه الأزمات والمشاكل والتحديات مثل "البيوت المحمية" كما يلاحظ ذلك في صعدة شمال اليمن التي تعد من أهم المحافظات الزراعية في البلاد، إلى جانب محافظات يمنية أخرى.
مصادر محلية في محافظة صعدة شمال اليمن، تؤكد لـ"العربي الجديد" نجاح نظام الزراعة المائية لإنتاج محاصيل الخضار تحت البيوت المحمية في المشتل الزراعي بمحافظة صعدة والتي ستوفر 70 في المائة من المبيدات الزراعية المؤثرة على التربة وجودة المحاصيل.
كما تعتبر هذه التجربة مؤشرا كبيرا لانطلاقها واستفادة شريحة كبيرة من المزارعين وخصوصا مزارعي الخضار تحت البيوت المحمية التي هي أكثر انتشاراً في هذه المحافظة حيث تعتمد أكثر الأسر في صعدة على هذا النظام.
حمزة طاهر، مهندس زراعي في صعدة، يبين لـ"العربي الجديد"، أن محافظة صعدة تعتبر من أهم المحافظات الزراعية في اليمن حيث تساهم بتوفير احتياجات الأسواق المحلية من عديد الأصناف والمحاصيل والمنتجات الزراعية خصوصاً الخضروات والفواكه، إضافة إلى تصدير كثير من أصناف هذه المنتجات الزراعية، لذا تقتضي الضرورة أن تحظى باهتمام من قبل الجهات المختصة والعمل على مساعدة ودعم المزارعين الذين يواجهون تحديات وأزمات تفوق قدراتهم على التعامل معها.
يعتمد أغلب مزارعي الخضروات والفواكه والحبوب في اليمن على المياه الجوفية، حيث تقدر نسبة المساحة المزروعة التي تعتمد على مياه الآبار بحوالي 36 في المائة، في حين يتسبب توقف الكثير من المضخات في تلف الكثير من المحاصيل الزراعية، وبذلك فإن التأثير على المستهلكين والمزارعين وفقًا للدورة الزراعية.
بالمقابل، يقدر فلاحون ومختصون في الزراعة كمية استهلاك البيت "المحمي" الواحد حوالي 2000 لتر في اليوم، بينما في الزراعة المائية يستهلك ما بين 300 إلى 400 لتر فقط في اليوم الواحد.
في السياق، يعتبر المزارع راشد الأنسي، من محافظة ذمار، لـ"العربي الجديد"، إن المياه من أكثر المشاكل التي تؤرقهم كمزارعين يبذلون جهوداً كبيرة للمحافظة على مستوى الإنتاج من بعض الأصناف مثل الخضروات التي تحظى بإقبال كبير على شرائها من قبل المستهلكين خلال شهر رمضان.
في حين يشير المزارع جابر مسعد، من محافظة عمران شمال العاصمة صنعاء، إلى مشكلة الآفات الزراعية التي تؤثر على الإنتاج، بينما لا يستطيعون التعامل معها سوى بالمبيدات والأسمدة.
كما يعجز مزارعون عن توفير مبيدات الآفات نظراً لكلفتها العالية وارتفاع أسعارها وهو ما يدفع البعض إلى بيع بعض المحاصيل من موسم الحصاد السابق لتوفير المال من أجل شراء المبيدات وإنقاذ المحصول الحالي.
الباحث الزراعي بسام قاسم، يرى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن اليمن بحاجة لتنويع طرق الإنتاج الزراعي وإتباع الوسائل الحديثة التي تساهم في تقليل الاعتماد على مياه الري الجوفية، إضافة إلى خفض تكاليف الإنتاج الزراعي كالأسمدة والمبيدات والتي تؤثر بعض أصنافها أو الاستخدام المفرط لها على جودة المنتجات خصوصاً أن اليمن يعاني من مشكلة كبيرة مزمنة بالاعتماد الكلي على استيراد الغذاء، إضافة إلى ما تمثله الزراعة من أهمية بالغة في تشغيل الأيادي العاملة.
يوضح قاسم أن اليمن لايزال يعاني من تبعات الحرب الروسية في أوكرانيا التي تسببت بارتفاع مضاعف لمستلزمات الإنتاج الزراعي وبالتالي ارتفاع أسعارها محلياً، متوقعاً أن يكون هناك تبعات للأحداث الساخنة في البحر الأحمر والممرات المائية في زيادة تكاليف معظم الواردات إلى اليمن مثل مستلزمات الإنتاج الزراعي بالنظر إلى الارتفاع المتوقع في تكاليف الشحن التجاري البحري.