قال السياسي والدبلوماسي ، ياسين سعيد نعمان، إن الصمت الذي بات يحيط بقضية اليمن ويلف مأساته يجب أن يكسر بصوت الدولة، الذي أخذ يتخلص تدريجيا وبجهود ملموسة من غبار الأنقاض.
وأضاف نعمان وهو سفير اليمن لدى لندن -في مقال نشره بصفحته على فيسبوك- إنه “مهما كانت المآخذ التي يتحدث عنها البعض، والتي تجد صداها لدى الناس فيما يعيشونه من ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد، إلا أن الأكثر أهمية، في صلته بمستقبل هذا البلد ، هو عدم السماح بتغييب الدولة وقيمها في معركة استعادتها ممن صادروها”.
وأكد أن الدولة والدولة وحدها هي من يستطيع الصمود في وجه كل من عملوا ويعملون على تخريبها واستبدالها بنظام ثيوقراطي استبدادي سلالي متخلف.
وتابع “لا يمكن للسلاح أن يصمد وينتصر إلا حينما يتحرك من أرضية الدولة وعمقها الذي يجسد معنى لا لبس فيه للوطن والمواطنة ومعهما الحياة التي تجعل للتضحية عند اللزوم معنىً لا يضاهيه أي شيء على الإطلاق”.
وأردف الدبلوماسي اليمني “حينما تغيب الدولة يتعملق الطارئون بمختلف هوياتهم ومشاربهم ومراميهم وأدواتهم ويصغر الوطن ويتضخم تجار الحروب يتلاشى المواطن ويترنح في صورة رعوي بائس يبحث عن الأمان في حضن الطاغية ويفتش عن لقمة العيش في بقايا موائد المترفين واللصوص، يغيب الجندي المقاتل الشجاع، ويعتمر السلاح كل من تضعه الأقدار في طريق تجار الحروب بحثاً عن لقمة عيش أو الطاعة إكراهاً ، تختفي المؤسسة وتحل محلها المضاربة والبلطجة والفهلوة يتراجع الخطاب المسئول ويصدح الخطاب الشعبوي المتهافت”.
وقال “شاهدنا ذلك مراراً في تاريخ اليمن المعاصر تكبد اليمن بسبب ذلك خسارة أن يصبح وطناً، وكانت تلك أعظم الخسارات وأشدها هولاً”.
واستدرك “أن يخسر البلد فرصة أن يصير وطناً هي من الخسارات التي لا يكتفي التاريخ بتسجيلها كحدث ، بل تحمل في مضمونها تاريخاً بأكمله”.
واستطرد “ليس لنا الآن أن نغرق في هذا التاريخ إلى النهاية، لنقل أننا سبحنا فيه بعوامات جمهورية كان لها الفضل في أننا اجتزنا دواماته الكثيرة، وبنفس العوامة ومعها قيم الدولة وريحتها وشذاها سنجتاز الدوامة الأكثر إعصاراً اليوم”.
وعن إحياء الدولة في ذاكرة الناس قال ياسين سعيد نعمان “بجعلها حاضرة في وعيهم : بالفعل ، بالكلمة ، بالدفاع عن قيمها ، بحضورها اليومي بين عامة الناس ، بإعلاء مكانتها بالمشروع الاقتصادي والخدماتي مهما كان صغيراً أو كبيراً، وفرض هيبتها باحترام المواطنة ، بكل ما يعيد الاعتبار لمؤسساتها ، سنتجاوز هذا الإعصار”.
وجدد نعمان قوله “بكل ثقة، بالدولة فقط سيتم استعادة الدولة.. لاحظوا أنه بمجرد أن تحركت روح الدولة في شرايين المؤسسات المنهكة كيف تغيرت المعادلة، وستتغير إذا ما تواصلت الجهود”.
وقال “لن يردع الحوثيين الانقلابيين شيء أكثر من تمسك خصومهم بقيم الدولة والعمل من خلال مؤسساتها على دحر وهزيمة مشروعهم الارهابي الثيوقراطي المتخلف”.
وزاد “رأينا أنه حينما تضافرت الجهود مؤخراً لاستدعاء قيم الدولة من بين ركام الانكسارات، كيف أخذ يتخبط ويهرب إلى معارك طواحين الهواء يستنجد بها لحماية مشروعه المفرغ من الوطن”.
وقال إن “التمسك بقيم الدولة هو بداية السير على الطريق الذي سينهي هذا الطارئ في صيغة الطفرة التي عرفت بها مجتمعاتنا حينما تستهين بقيم الدولة وتعمل من خارجها”.
وختم نعمان مقاله بالقول “التمسك بقيم الدولة يتداخل بمسئولية مع التمسك بتوافقات سياسية وطنية ذات قيمة كبيرة في السير نحو هزيمة الانقلاب الذي أورث بلدنا كل هذا الخراب، المهم هو كيف يستطيع من وضعتهم الحياة في صدارة المشهد أن يتحرروا من أبواق التطرف والحسابات الغلط، التي ستحاول أن تشد حركتهم خارج المجرى الذي يجعل التوافق السياسي الوطني الوجه الآخر للدولة التي وحدها من سيهزم الانقلاب ويستعيد الدولة”.