كالقافزين من السفينة قبل غرقها يجمع قادة الحوثي أكبر قدر من المكاسب قبيل انهيار معبد الانقلاب على رؤوسهم.
قادة الحوثي ممن تأكد مغادرتهم المشهد واستبدالهم بقيادات هشة كسابقيهم، باتوا ينهبون مؤسسات الدولة وممتلكات الشعب اليمني التي كانوا يديرونها بالانقلاب، ونقلها إلى شركاتهم ومشاريعهم الخاصة.
فآخر ما كشفت عنه مصادر طبية في صنعاء لـ"العين الإخبارية" قيام وزير الصحة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، طه المتوكل بنهب ومصادرة المعدات والأجهزة الطبية من المستشفيات الحكومية ونقلها لمستشفى خاص يملكه هو وأقاربه.
المصادر اتهمت الوزير الحوثي طه المتوكل بمصادرة أجهزة ومعدات طبية حديثة مملوكة لمستشفى 48 الحكومي والعسكري ونقلها إلى مستشفى "اليمن السعيد" الخاص الذي يملكه المتوكل ويديره أحد أتباع المليشيات.
تحت جنح الظلام
وأكدت المصادر الطبية أن الأجهزة والمعدات تم نقلها بشكل سري وغير قانوني، وتحت جنح الظلام، رغم محدودية إمكانيات مستشفى 48، الذي يعاني من نقص حاد في الموارد الطبية منذ الانقلاب الحوثي.
ولفتت المصادر إلى أن "مستشفى اليمن السعيد يملكه القيادي الحوثي خالد معصار، المعين أمين عام المجلس الطبي الأعلى ورئيس ما يسمى بـ”جامعة 21 سبتمبر”؛ وتربطه علاقة مصاهرة بالوزير الحوثي طه المتوكل.
المصادر كشفت عن شراكة بين معصار والمتوكل في مستشفى 48، وسبق أن قام الوزير الحوثي بدعم "مستشفى اليمن السعيد" بالمعدات الطبية التي تقدمها المنظمات المانحة للشعب اليمني.
وأفادت المصادر أن "نهب المتوكل لمستشفى 48 جاء استباقاً لإقالته من منصبه عقب أيام من إقالة حكومة المليشيات، والمتوقع تشكيل حكومة جديدة وإزاحة المتوكل من وزارة الصحة بعد شبهات فساد تحوم حوله".
وكان الحوثيون دفعوا برجل الدين المتطرف طه المتوكل من منبر أحد مساجد صنعاء إلى رأس قطاع الصحة وذلك للاستحواذ على أموال المانحين عبر المنظمات الدولية والإغاثية العاملة في المجال الطبي.
ولم يقتصر دور القيادي الذي عينته المليشيات "وزيرا للصحة في حكومة الانقلاب" على نهب الدعم المخصص للمرافق الصحية وتعطيله للمشافي الحكومية وذهب للاسثمار في القطاع الطبي الخاص للربح السريع.
ويدير المتوكل مجموعة "يوني ماكس" الصحية والتجارية وتتألف من مستشفى وشركة استيراد دوائية وشركة تجارية مختلطة إلى جانب إدارته "مستشفى اليمن السعيد"، ليصبح أحد أكبر النافذين في السوق السوداء في القطاع الصحي، وفقا للمصادر.
نهج السطو
سياسيون يمنيون اعتبروا ما تقوم به المليشيات الحوثية استمرارا لنهجها في السطو على كل ممتلكات وحقوق الشعب اليمني، وضمها إلى خزينتها السلالية، كاشفين عددا من الوقائع المماثلة.
وقال وكيل وزارة الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، عبداللطيف الفجير، إن المليشيات التي نهبت كل مؤسسات الدولة وسطت عليها وحولتها لصالح جماعتها وقيادتها بكل جرأة، لن تخجل من أن تحول مستشفى حكومي إلى مستشفى خاص.
وتابع الفجير في تصريح لـ”العين الإخبارية” أن ما تقوم به المليشيات ما هو إلا نهج تتخذه قيادة المليشيات الحوثية في استراتيجيتها، تماما كما فعل متحدث الحوثيين عبدالسلام فليته عندما حول كثير أمول الدولة لبنوك وشركات خاصة في عُمان وغيرها.
عصابات تستغل غياب الدولة
المسؤول الحكومي أكد أن مليشيات الحوثي تدرك جيدا أنها إلى زوال، وتحاول تخصيص كثير من مؤسسات الدولة، وقد سبقت هذه الخطوة خطوات عديدة كتحويل بيت الشباب التابع لوزارة الشباب والرياضة إلى ملك خاص.
وواصل الفحير: وهذا هو الفرق بين المليشيات (العصابات) وبين الدولة، وأننا عندما نقول لابد علينا أن نسترد دولتنا ومؤسساتنا من هذه العصابة؛ فذلك بهدف وقف كل هذه التصرفات والإجراءات التي تمارسها المليشيات الانقلابية، وتسعى لتحقيق مكاسب خاصة بها دون مراعاة لأي مصلحة للبلد والشعب.
يشار إلى أن مستشفى 48 أحد أبرز المستشفيات الحكومية الحديثة، وتم إنشاؤه في مدينة 48 الطبية التابعة لشعبة التأمين الطبي بالحرس الجمهوري.
وكان المستشفى يمتلك أحدث المعدات والأجهزة الطبية، ويقدم خدمات إنسانية راقية بما فيها استقبال حوادث الطرق المرورية، وإجراء العديد من العمليات الجراحية وإقامة مخيمات طبية مجانية، وتخفيف العبء على المستشفيات العامة.
غير أنه منذ دخول الميليشيات الحوثية صنعاء بقوة السلاح تعرض للنهب والمضايقات، وتوقف عن العمل أكثر من مرة بسبب الحرب الحوثية وشح الإمكانيات.