رفعت ميليشيا الحوثي من مستوى التصعيد في عملياتها العسكرية؛ إذ وسعت رقعة هجماتها البحرية ضد السفن، عبر الإعلان عن "مرحلة رابعة" تمتد إلى البحر الأبيض المتوسط.
وتشمل المرحلة التصعيدية الجديدة، جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأبيض المتوسط، فيما يرتبط الشقّ الآخر من المرحلة، بانطلاق أي هجوم عسكري إسرائيلي على رفح، إذ يهدد الحوثيون باستهداف شامل لجميع سفن الشركات المرتبطة بالإمداد والدخول إلى الموانئ الإسرائيلية.
وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، مرّت عمليات الحوثيين العسكرية بمراحل عدة، طالت سفنًا تجارية غير مرتبطة بتلّ أبيب، بداية باختطاف سفينة "غالكسي ليدر" ومحاولات أخرى فاشلة للاستيلاء على سفن إسرائيلية أخرى في البحر الأحمر، قبل انتقالها إلى استهداف جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، معتمدة على الطائرات المسيّرة والصواريخ ذات المدى القصير والمتوسط في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، لتتلوها مرحلة ثالثة امتدت إلى السفن المارّة برأس الرجاء الصالح والمحيط الهندي.
تصعيد المحور الإيراني
ويعتقد المحلل السياسي، حسين حنشي، أن مرحلة الحوثي الرابعة، تأتي في إطار تصعيد المحور الإيراني ضد إسرائيل وضد الولايات المتحدة الأمريكية، "لكن وبحسبة فنية من الناحية العسكرية، فإن الحوثيين لا يستطيعون مثلًا استهداف البحر المتوسط، وبالتالي فإن هذا الإعلان قد يكون فقط تدشينًا لمرحلة تبني الحوثي لعمليات قد تقوم بها فصائل إيرانية أخرى في سوريا أو في العراق".
وأشار حنشي لـ"إرم نيوز"، إلى وجود احتمال آخر، يتمثّل في معرفة الإيرانيين بمدى نجاح الصفقة والهدنة طويلة المدى في غزة، وأبلغوا الحوثيين بـ"التسويق لمسألة استهداف البحر المتوسط، في وقت تمت فيه صفقة بين حماس وإسرائيل، وهو ما قد يقدمهم – أي الحوثيين – كطرف منتصر، بعد تهديدهم باستهداف السفن في البحر المتوسط".
وتنسجم خطوة الحوثيين التصعيدية، مع التهديد الذي أطلقه مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني للشؤون التنسيقية، محمد رضا نقدي، أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بأن عليهم "إغلاق البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل طارق وممرات مائية أخرى، قريبًا، حال مواصلة الولايات المتحدة وحلفائها ارتكاب جرائم في غزة"، طبقًا لما نقلته وكالة "أنباء تسنيم" الإيرانية.
توسع الأهداف عبر المتوسط
ويرى الخبير العسكري، العقيد وضاح العوبلي، أن تصعيد الحوثيين الجديد، لا يعني وصول صواريخهم إلى مياه البحر المتوسط، "بل يقصد منه مراقبة السفن التي تُبحر إلى الموانئ الإسرائيلية عبر المتوسط".
وقال العوبلي لـ"إرم نيوز"، إن ميليشيا الحوثي، ستدرج في تصعيدها الذي أعلنت عنه، السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر المتوسط، إلى بنك أهدافها، "حتى وإن أبحرت في أي رحلة أخرى وكانت متجهة آنذاك إلى أي دولة أخرى غير إسرائيل، عبر النطاق البحري الذي تطاله صواريخ ومسيرات الميليشيا".
ومع تعثّر مسار السلام في اليمن، إثر انطلاق عمليات مليشيا الحوثي البحرية، قبل 6 أشهر، تصطدم العملية السياسية في البلاد بتحدٍ جديد، يضاعف من حجم التعقيدات، على عدة مستويات.
وأكد وكيل وزارة الإعلام لدى الحكومة اليمنية، أسامة الشرمي لـ"إرم نيوز"، أن أي تصعيد من ميليشيا الحوثي، "سينعكس على المواطن اليمني، كما حصل في المراحل السابقة التي ارتفعت فيها أسعار السلع والبضائع والنقل والتأمين إلى اليمن، إضافة إلى التهديد بحرب مفتوحة على امتداد اليمن، ولربما لن تكون عواقبها حميدة ما لم يكن هناك تنسيق مع الحكومة الشرعية".
وبيّن الشرمي، أن خطوات الحوثيين التصعيدية، تأتي بناء على رغبات إيران التي قال، إن مفاوضاتها مع الأمريكيين بطريقة غير مباشرة في سلطنة عمان "فشلت"؛ وهو ما دفعها إلى التصعيد عبر مليشياتها في اليمن، التي سبق أن أوقفت تقريبًا كل عملياتها في البحر الأحمر وخليج عدن، خلال الفترة الأخيرة، أثناء سير المفاوضات.
ولفت إلى أنه من هذا المنطلق "فإننا نرى ما تقوم به ميليشيا الحوثي لا يخدم الفلسطينيين ولا رفح ولا اليمنيين ولا استقرارهم، ولن يسمح بالتقدم لخطوات تجاه عملية السلام وخارطة الطريق التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التوقيع، وإنما كل هذه التحركات الحوثية تخدم إيران دون غيرها، وبطريقة فجّة وواضحة وأصبحت مكشوفة للعيان".