تُغلف العلاقة بين ميليشيا الحوثي الانقلابية وتنظيم القاعدة في اليمن، مؤشرات حول تحالفهما معا، وذلك بالرغم من الاختلاف المذهبي والأيديولوجي بينهما.
ومن بين تلك المؤشرات، ما أُعلن عنه من قبل الطرفين، شهر فبراير من العام الماضي، عن إطلاق سراح سجناء ينتمون لكل طرف تحت مُسمى عملية لـ”تبادل الأسرى”.
وكان تقرير صحفي نشرته صحيفة “تليغراف” البريطانية، الأسبوع الجاري، كشف عن تطور لافت في العلاقة بين الحوثيين المدعومين من إيران، مع ما يُعرف بتنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية”، وتمثّل ذلك في إجراء عملية تبادل للمعتقلين بينهما، فضلاً عن منح ذراع إيران طائرات مسيّرة من دون طيار للتنظيم.
وأكدت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أنها “كانت تحذر منذ زمن طويل، من التنسيق والتعاون بين هذين الطرفين تحت رعاية إيران”.
التعليق الرسمي اليمني جاء على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الشرعية معمر الإرياني، الذي نوّه إلى أن التعاون الوثيق بين ميلشيا الحوثي وهذه التنظيمات، “لن يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المناطق والمحافظات المحررة فقط، بل تمتد آثارها إلى تهديد الأمن الإقليمي والدولي”.
وأفاد الإرياني عبر حسابه على منصة “إكس”، بأن “الدعم المُقدّم من الحوثيين إلى الجماعات الإرهابية، يشمل صواريخ حرارية وطائرات من دون طيار، فضلاً عن معدات استطلاعية، يُمكنها من تنفيذ هجمات معقدة، تهدف لزعزعة استقرار المنطقة”.
من جهته، رأى الصحفي اليمني والباحث المتخصص في شؤون الجماعات الراديكالية محمد بن فيصل، أن “التعاون بين ميليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة، كان ثمرة إقامة سيف العدل القائد العام الفعلي لتنظيم القاعدة في طهران، ومع مقتل الظواهري، تمكن سيف العدل أكثر من توجيه أفرع التنظيم بحسب مصالح إيران”.
وقال بن فيصل لـ”إرم نيوز”، “استراتيجية سيف العدل أثمرت بتحالفٍ بين فكرتين مُتناقضتين، وتمثّل ذلك واقعيًا وميدانيًا، فقد أطلقت ميليشيا الحوثي سراح عدد من قيادات التنظيم، ومن بينهم جمال البدوي المتورط في تفجير المدمرة الأمريكية (يو إس إس كول)، والذي قُتل في محافظة مأرب، شهر يناير من العام 2019، بغارة جوية أمريكية لطائرة دون طيار”.
وتابع: “حينما سيطرت ميليشيا الحوثي، على مدينة بيحان في محافظة شبوة عام 2021، وقتها كانت عناصر تنظيم القاعدة تنتشر في المديرية، إلا أن الأوامر التي جاءتهم حينها، تأمرهم بالانسحاب تماماً وعدم المواجهة، حتى إذا ما حررت القوات العسكرية الحكومية المحافظة، عاد تنظيم القاعدة باستهداف القوات العسكرية”.
و”على الرغم من تقارب المسافة بين معسكرات تنظيم القاعدة، ومعسكرات ميليشيا الحوثي، وذلك على حدود محافظتي شبوة وأبين من جهة، ومحافظة البيضاء من جهة أخرى، إلا أن العمليات العسكرية ضد بعضهما متوقفة تماماً، منذ نحو أكثر من 4 سنوات”، بحسب الصحفي اليمني.
بدوره، قال الصحفي المصري والمتخصص في القضايا السياسية العربية والحركات المتطرفة حامد فتحي، إنه “على الرغم من الاختلافات المذهبية بين تنظيم القاعدة الذي يُمثّل السلفيّة الجهادية السُنّية، وإيران بنظامها الإسلامي السياسي الشيعي، إلا أنّ الطرفين وجدا طريقة للتعاون لتحقيق مصالح مشتركة”.
وأضاف فتحي لـ”إرم نيوز”، أن “هذه العلاقة المتشابكة والمبنيّة على مصالح مشتركة، وجدت تطبيقها الأوضح والأقوى في اليمن، خاصة بعد انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على صنعاء في 2015”.
ولفت إلى أن “موضوع التعاون بين القاعدة في اليمن والحوثيين، يتردد كثيراً في تصريحات القادة الأمنيين والعسكريين اليمنيين، ونشرت عنه وسائل إعلام دولية، وما يدعمه أن القاعدة تنشط في المناطق المحررة من الحوثيين بشكل رئيس، وإن كان لها وُجود في مناطق يسيطر عليها الحوثيون”.
واعتبر حامد، أن “العداء الأيديولوجي تجاه الحوثيين كجماعة زيدية، أقل من العداء مع إيران كأغلبية شيعية إمامية اثني عشرية، وطالما اعتبر أهل السنة والجماعة، الزيدية كأقرب فرق الشيعة إليهم”.