ظاهرة قمع واستهداف الصحفيين ليست جديدة باليمن، لكن الحيثيات تكشف مجددا عن تسابق الحوثيين والإخوان لممارستها بشكل مخيف.
ويواجه الصحفيون في مناطق الحوثي والإخوان لاسيما في مأرب وصنعاء "كمائن" تستهدف حياتهم، ابتداء من الرقابة اللصيقة على نشاطهم وصولا لاستهدافهم المباشر، الذي يبدأ عادة بالتهديدات وينتهي بعمليات تصفية ممنهجة.
وتجسد ذلك بالهجوم الحوثي المروع الذي استهدف أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين محمد شبيطة في صنعاء، ما عرضه لإصابات خطيرة، فيما تعرض مراسل إحدى القنوات العربية في مأرب لتهديدات إخوانية بالقتل مؤخرا.
"كمين" بصنعاء
واعترفت مليشيات الحوثي ضمنيا بالوقوف خلف محاولة الاغتيال التي استهدفت محمد شبيطة في صنعاء الثلاثاء الماضي، وزعمت أن الجريمة حدثت لدى نصبها كمينا مسلحا لمهرب خمور.
وقال القيادي الحوثي أسامة ساري عبر حسابه بمنصة إكس (تويتر سابقا)، إن مليشيات الحوثي نصبت كمينا في دوار الإعلام بصنعاء لتاجر خمور وصودف وجود الصحفي محمد شبيطة وابنه وابن عمه الذي سقط قتيلا خلال الكمين.
ونفت مصادر يمنية لـ"العين الإخبارية" صحة الراوية الحوثية، مؤكدة أن الصحفي شبيطة تعرض لوابل من الرصاص من قبل عناصر حوثية في حاجز أمني للمليشيات عندما كان داخل سيارته وسط صنعاء، ما أدى لإصابته بـ3 رصاصات وإصابة نجله ومقتل ابن عمه.
وحسب المصدر، فإن الهجوم الحوثي المسلح الذي استهدف شبيطة جاء عقب فشل محاولات عدة للمليشيات للاستيلاء على نقابة الصحفيين اليمنيين ومحاولة تفريخها بكيانات إعلامية، قبل أن تلجأ لمحاولة اغتيال الرجل وتسعى لدفن القضية بروايات وصفها بـ"المخزية".
ونددت الحكومة اليمنية بالهجوم واعتبرت أن "الجريمة النكراء" تأتي في "ظل تزايد غير مسبوق لأعمال القمع والتنكيل الذي تمارسه مليشيا الحوثي ويطال السياسيين والصحفيين والإعلاميين والحقوقيين والنقابيين والناشطين، لتكميم افواههم وثنيهم عن التعبير عن آرائهم".
وسبق أن وصف الاتحاد الدولي للصحفيين استهداف شبيطة بأنه "هجوم شنيع"، مؤكدا أن "الصحفيين اليمنيين يعملون في بيئة خطرة، وسلامتهم معرضة للخطر"، داعيا لـ"التحقيق بجريمة شبيطة كصحفي وزعيم نقابي".
تهديدات وتحريض في مأرب
لا تختلف البيئة الإعلامية في مأرب الخاضعة للإخوان عن صنعاء المختطفة من قبل الحوثيين.
ففي المحافظة النفطية تعرض المراسل محمود الحميدي لتهديدات بالقتل على خلفية تقارير بثتها القناة التي يعمل لحسابها حول الداعية الإخواني عبدالمجيد الزنداني المثير للجدل حيا وميتا.
وكتب الصحفي الحميدي في بيان عبر حسابه بموقع فيسبوك، طالعته "العين الإخبارية"، يقول إن "حملة التهديد والتحريض ضده وطاقم العمل في مأرب وصلت حد التحريض بالقتل، ووقف خلفها أشخاص مقربون من رئيس فرع حزب الإصلاح الإخواني في مأرب مبخوت عبود الشريف".
وعلمت "العين الإخبارية" من نشطاء في مأرب أن حملة التحريض الممنهجة والتهديدات ضد الصحفي الحميدي يقف خلفها نجل رئيس حزب الإصلاح الإخواني في مأرب عبدالله مبخوت عبود الشريف وآخرين، وتصاعدت بعد تقرير إعلامي عن حياة الداعية الزنداني.
حدث ذلك رغم أن التقرير اعتمد المهنية في حديثه عن الزنداني، وسرد جانبا من مسيرته المعروفة أصلا أبرزها احترافه المراوغة في حياته وبيعه الوهم للمرضى بعد زعمه اكتشاف علاج لأمراض عدة بما في ذلك الإيدز.
ولاحقا، قاد إخوان اليمن حملة تحريض ضد القناتين اللتين بثتا التقرير امتدت من مواقع التواصل الاجتماعي إلى منابر عديد المساجد في تعز ومأرب قبل أن تصل للتحريض والتهديد بقتل الحميدي.
إرهاب إخواني
في السياق نفسه، أبدى صحفيون يمنيون تضمانهم الواسع مع المراسل في مأرب، واتهموا الإخوان بممارسة الإرهاب "ضد كل صوت مختلف".
وكتب الصحفي اليمني نشوان العثماني يقول إن مأرب أصبحت "بؤرة للإرهاب وعليكم أن تعرفوا هذا جيدًا"، معتبرا أن ما يحدث ضد الصحفي الحميدي "حملة إرهابية بامتياز لا يوجد لها أي معنى آخر".
ودعا العثماني نائب رئيس المجلس الرئاسي محافظ مأرب سلطان العرادة لتحمل المسؤولية المباشرة والكاملة ضد ما قد يحدث للصحفي الحميدي وكل طاقم القناة هناك.
ومؤخرا، وثقت منظمات معنية بالصحفيين أكثر من 1700 حالة انتهاك واعتداء منذ بدء حرب مليشيات الحوثي، ووقفت الجماعة خلف إغلاق 165 وسيلة إعلام، وحجب قرابة 200 موقع إلكتروني محلي وعربي ودولي، ومقتل 45 صحفيا.