بينما يترنح الهجوم المضاد الأوكراني الذي باشرته قبل أكثر من شهرين لتحرير الأراضي التي تسيطر عليها موسكو، حاولت كييف استعادة الزخم المفقود على جبهتين داخلية كانت أم خارجية.
فعلى الجبهة الداخلية توجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الإثنين، إلى الجبهة الشرقية ليتفقد القوات الأوكرانية التي خاضت معارك شرسة لاستعادة أراض من الروس حول مدينة باخموت التي دمرتها الحرب.
وقال زيلينسكي على تليغرام "زرت (...) كتائب تنفذ مهمات قتالية في منطقة دونيتسك"، و"ناقشنا مع القائد مشاكل يواجهها الجنود واقتراحات لمعالجتها".
وفي محاولة لرفع معنويات جنوده أرفق الرئيس الأوكراني رسالته بمقاطع مصورة يظهر فيها مصافحاً جنوداً ينتمون إلى وحدات مختلفة، ومتحدثاً إليهم في أمكنة لم يتم تحديدها.
وبعد أكثر من شهرين لتحرير مجمل الأراضي التي تسيطر عليها موسكو، أعلنت أوكرانيا الإثنين أنها أحرزت تقدماً محدوداً في إطار هجومها المضاد الذي باشرته.
تصعيد ميداني
وفي الشرق تتواصل المعركة الضارية الجارية منذ عام للسيطرة على مدينة باخموت المدمرة التي باتت رمزاً للحرب في هذا البلد.
وقالت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار الإثنين "في قطاع باخموت تم تحرير ثلاثة كيلومترات مربعة الأسبوع الماضي. وجرى حتى الآن تحرير 40 كلم مربعاً بالإجمال على الخاصرة الجنوبية لمحيط" المدينة.
إلا أن وزارة الدفاع الروسية أحبطت آمال كييف، قائلة في بيانها اليومي الإثنين، إنها "نجحت في صد" هجمات في منطقة كوبيانسك، حيث أعلنت تحقيق مكاسب الأسبوع الماضي، وحيث أمرت أوكرانيا نتيجة لذلك بإخلاء عشرات البلدات الصغيرة.
قادة جيش أوكرانيا في "هجوم مضاد" على عقارات أوروبا والسيارات الفارهة
وفيما يتعلق بالجبهة الجنوبية حيث تحاول القوات الأوكرانية منذ أسابيع رصد نقاط ضعف في خطوط الدفاع الروسية المحصنة بحقول ألغام وخنادق وحواجز مضادة للدبابات، لم تدل ماليار بتفاصيل، مكتفية بالكشف عن تحقيق تقدم.
وفي منطقة خيرسون في الجنوب، أفادت نائبة الوزير عن "عمليات" تقوم بها "بعض الوحدات" الأوكرانية على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو التي انسحب إليها الجيش الروسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ما حول النهر إلى خط الجبهة.
وقالت: "لا يمكننا كشف التفاصيل، لكننا قمنا بهذه العمليات، ولا بد من أجل التحصن هناك من طرد العدو وتحرير الأراضي".
على صعيد آخر، أعلن الجيش الروسي أنه أرسل مقاتلة الإثنين لاعتراض طائرة حربية نرويجية كانت تقترب من حدود روسيا فوق بحر بارنتس في المحيط المتجمد الشمالي.
وانتقد المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك مجددا أولئك الذين يعتبرون الهجوم الأوكراني بطيئاً، قائلاً عبر منصة "إكس"(تويتر سابقا) : "مهمتنا ليست تنسيق معارك واسعة النطاق لكل قرية (..) بل تدمير قدرات جيش العدو بشكل منهجي".
وأضاف: "والجيش الأوكراني ينفّذ هذه المهمة بنسبة 100%. في المقابل يردد المسؤولون الروس وفي طليعتهم الرئيس فلاديمير بوتين أن الهجوم المضاد فشل".
وشنت موسكو هجوما مقابلا في شمال شرق أوكرانيا، وباتت قواتها تهدد مدينة كوبيانسك التي حررتها كييف في سبتمبر/أيلول الماضي.
ومنتصف يوم الإثنين، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن "أنظمة الدفاع الجوي الروسية رصدت ودمّرت مسيّرات" نسبتها إلى كييف "فوق منطقة بيلغورود".
ماذا عن الجبهة الخارجية؟
حاول الغرب شحذ هممه لإنقاذ الهجوم الأوكراني المضاد، فأعلنت الولايات المتحدة، الإثنين، عن مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة 200 مليون دولار تشمل ذخيرة ودفاعات جوية ومعدات لإزالة الألغام.
وكان البنتاغون قد أعلن، في يونيو/حزيران، أن لديه مبلغا إضافيا عمّا كان يعتقد لمساعدة أوكرانيا قدره 6,2 مليار دولار، بعد اكتشاف خطأ في آلية احتساب أسعار بعض الأسلحة.
وفي أول حزمة مساعدات بتمويل من المبلغ الإضافي ستزوّد الولايات المتحدة كييف ذخيرة لمنظومات باتريوت للدفاع الجوي و12 مليون طلقة أسلحة صغيرة وقنابل، وذخيرة للراجمات الصاروخية (هيمارس) التي أثبتت فاعليتها ميدانيا، وفق وزارة الخارجية الأمريكية.
وعبر منصة إكس (تويتر سابقا) شكر زيلينسكي الولايات المتحدة لتقديمها "برنامجا جديدا للمساعدة" العسكرية بقيمة "مئتي مليون دولار".
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في بيان أعلن فيه المساعدات الجديدة، إن "روسيا بدأت هذه الحرب ويمكن أن تنهيها في أي وقت بسحب قواتها من أوكرانيا ووقف هجماتها الوحشية".
وتابع: "إلى أن يحصل ذلك ستقف الولايات المتحدة وحلفاؤنا وشركاؤنا إلى جانب أوكرانيا، طالما اقتضى الأمر ذلك".
وقدّمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مساعدات عسكرية بقيمة 43 مليار دولار لأوكرانيا منذ أن بدأت روسيا عمليتها العسكرية، وطلبت في الأسبوع الماضي من الكونغرس المصادقة على تمويل إضافي بـ13 مليار دولار.
زيارة دعم
في السياق نفسه، أجرى وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، الإثنين، زيارة غير معلنة إلى كييف، كانت الأولى له منذ بدء العملية العسكرية الروسية، لتأكيد وقوف ألمانيا "بجانب" أوكرانيا.
وقال ليندنر إنه سيجري محادثات "واضحة للغاية" مع المسؤولين الأوكرانيين حول طريقة دعم وزارة المالية الألمانية لأوكرانيا الآن ومستقبلا.
ومنذ بداية العملية العسكرية الروسية في فبراير/شباط 2022، قدمت ألمانيا نحو 22 مليار يورو لأوكرانيا على شكل مساعدات إنسانية ومالية وعسكرية، وفقاً للوزير الليبرالي والعضو في تحالف أولاف شولتس، مضيفا "يجب ألا تخسر أوكرانيا هذه الحرب".
وفي وقت لاحق، كتب رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال على تليغرام أنه عقد "اجتماعا مهما" مع ليندنر في كييف، وشكر الحكومة الألمانية على دعمها.
وشدد ليندنر خلال المحادثات على أن "ألمانيا ستدعم أوكرانيا بشكل أكبر، وأن مشاريعنا التعاونية ستكون على المدى الطويل" بحسب شميغال.
وأصدرت وزارتا المالية الألمانية والأوكرانية في وقت لاحق بيانا مشتركا تعهدتا فيه تعزيز التعاون بين البلدين، وجاء فيه أيضا أن برلين ستسعى لدعم أوكرانيا في محاولتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وحصلت أوكرانيا العام الماضي على وضع مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، في خطوة اتخذت لإظهار الدعم لكييف بعد العملية العسكرية الروسية