يترقب اليمنيون آثار القرارات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن، اقتصاديًا وسياسيًا، إذ يؤكد مراقبون أن من شأنها تضييق الخناق على ميليشيا الحوثي وإنعاش فرص السلام.
وكيل وزارة الإعلام اليمنية أسامة الشرمة يقول: إن "قرارات البنك المركزي اليمني تحمل تأثيرات كبيرة ومتعددة الأوجه على الوضع في اليمن، سواء على الصعيد السياسي أم الاقتصادي أم الأمني".
ويضيف الشرمي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "تأثيرات هذه القرارات على فرص السلام قد تكون إيجابية خلافًا لما يتوقعه البعض؛ لذا أتوقع أن تدفع هذه القرارات نحو إعادة إنعاش خريطة السلام، التي تعتبر ميتة سريريًّا منذ بداية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية في البحر الأحمر".
*أهداف القرارات*
ويوضح الشرمي: "تهدف قرارات البنك المركزي إلى مراقبة الأنشطة المصرفية وتجفيف منابع تمويل إرهاب الحوثي؛ لهذا جاءت ردود الفعل المرتبكة من الحوثيين، وهذا سبب آخر للاعتقاد أن القرارات ستدفع بعملية السلام قدمًا".
وقال إن نقل مقرات بنوك رئيسة إلى عدن "سيمنح الحكومة الشرعية فرصة أكبر لمراقبة الأنشطة المصرفية، ما يعزز الشفافية ويسهل تطبيق الإجراءات القانونية والالتزام بالمعاهدات الدولية المتعلقة بغسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب".
ويضيف المسؤول اليمني: "يتوقع البعض أن يؤدي هذا القرار إلى تعميق الفجوة بين الحكومة اليمنية والحوثيين، ولكننا على يقين أن عدم إصدار هذه القرارات سيخلق أزمة ثقة بين اليمن والنظام المصرفي الدولي، مما ستكون له تداعيات كارثية على المواطنين والدولة ولن يستفيد منها الحوثيون أنفسهم".
ونوه إلى أن "هذه الخطوة قد تؤدي إلى إضعاف فرص الحوار والتفاهم مع الحوثيين مرحليًا، ولكنها في نهاية المطاف ستحرم الحوثي من موارد المجهود الحربي باستثناء الدعم الإيراني".
وقال إنه "في ظل التعاون بين الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي، قد تكون قرارات البنك المركزي اليمني هي وسيلة الضغط الوحيدة على الميليشيا للمُضي نحو السلام والحل السياسي".
*معركة ضد الانقلاب*
من جانبه، يرى رئيس مركز البلاد للدراسات والإعلام حسين الصوفي أن "قرارات البنك في حال نجاحها، وحتى اللحظة أعتقد أنها في طريقها للنجاح، كونها تمثل أعمق معركة ضد الانقلاب والمعركة الأقرب إلى السلام، وستدفع الميليشيا إلى السلام القسري بما يعرف بالتفاوض تحت النار".
وأضاف أن "البنك يخنق الميليشيا ويدفعها للتفاوض كخيار جبري أو الاستسلام، وهي اللحظة الأقرب التي تعتمد على الإمكانيات الوطنية دون استجداء المواقف الدولية".
وقال الصوفي لـ"إرم نيوز" إن تأثيرات هذه القرارات "ظهرت منذ اللحظة الاولى، إذ تعتبرها ميليشيا الحوثي معركة وجود، وتراها أشبه بالملاحقة القضائية والمحاكمات المالية ومعركة استعادة الأموال المنهوبة".
وتابع الصوفي: "سيتم تحويل كل حسابات الميليشيا إلى البنك المركزي، وهنا يضع البنك يده في عنق الميليشيا ويخنقها لينتزع منها حقوق اليمنيين".
وأشار إلى أنه "إذا نجحت القرارات، فإنه سيتم توحيد الأوعية المالية للدولة، ومعها سيتم صرف المرتبات وإعادة الخدمات كالكهرباء والاتصالات والمستشفيات الحكومية".
بدوره، ذكر نائب رئيس الشؤون الخارجية في المجلس الانتقالي الجنوبي أنيس الشرفي أن "قرارات البنك المركزي الأخيرة في عدن أتاحت فرصة لقوى مجلس القيادة (الشرعية) لاستعادة روح المبادرة، فهي الآن باتت في سعة من أمرها، في حين ضيقت الخناق حول عنق الحوثيين".
وقال الشرفي لـ"إرم نيوز" إن تنفيذ القرارات "سيفاقم أزمات الحوثيين في جانب السيولة النقدية، ويضاعف تحدياتهم، وفي الأحوال كلها فالحوثي بات مُلزمًا بتقديم تنازلات ملموسة، لصالح قوى مجلس القيادة الرئاسي، أو مواجهة مزيد من التضييق".
ولفت الشرفي إلى أنه "رغم أهمية تلك القرارات لكبح تغول الحوثيين، فإن لها تأثيرًا بكل تأكيد على أسعار الصرف وعلى السوق المصرفي بشكل عام، وهي ما لم تعقبها قرارات أخرى ستفقد أهميتها تدريجيًا، فنحن أمام جماعة اعتادت عمليات التهريب والتستر والتخفي بطرق متعددة منذ الثمانينيات، وتاليًا فقد يواجهون صعوبات للتغلب على تلك القرارات، ولكنها لن تؤدي إلى التسبب بعجزهم عن التكيف معها".
وأكد الشرفي أن "أي تبعات أو أعباء ستخلفها تلك القرارات على كاهل المواطن ستكون مقبولة مهما بلغت حدتها، أمام ما يشكله الحوثيون من خطر داهم يتجاوز حدود اليمن الإقليمي والدولي".
*النقود ذات الطبعة القديمة*
وكانت إدارة البنك المركزي اليمني في عدن، قد أقرت أواخر الأسبوع الماضي، تسليم الأفراد والجهات المالية النقود ذات الطبعة القديمة، التي طُبعت قبل العام 2016، والمعتمدة إجباريًا من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية، ويجري تداولها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مانعة أي استخدام لأي طبعات جرت بعد ذلك التاريخ، خلال 60 يومًا.
كذلك أقرت وقف التعامل المصرفي والمالي مع عدد من البنوك الأهلية والخاصة، التي لم تقم بنقل مراكزها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، بعد انقضاء المهلة التي منحها إياها البنك المركزي، في وقت سابق، قبل شهرين.