لم يتبقى إلا ساعات قليلة ويحل علينا عيد الأضحى المبارك ، يجد الكثيرون من سكان المناطق المحررة في جنوب اليمن سيّما في العاصمة المؤقتة عدن وجارتها لحج أنفسهم أمام واقع مؤلم، حيث يلقي الغلاء بظلاله الثقيلة على الاحتفالات، محولاً الفرحة إلى هموم وأعباء مالية لا يستهان بها.
*أسر تكافح*
في عدن مثلاً ، حيث تتفاقم الأزمات الاقتصادية، يشعر الكثيرون بالقلق إزاء قدرتهم على توفير مستلزمات العيد. الأسر التي كانت تتطلع لشراء الملابس الجديدة وما يحتاجه العيد من التزامات مالية ، تجد نفسها الآن تكافح للحفاظ على مستوى معيشي أساسي.
*تجار أستاسدوا*
لا يختلف الحال كذلك في لحج ، يأتي العيد هذا العام في ظل ظروف معيشية صعبة وغلاء فاحش وتجار "أستاسدوا" على الفقراء ، حيث يكافح السكان للعثور على بصيص من الفرحة لأطفالهم ، الذين ينتظرون العيد بفارغ الصبر لارتداء ملابس جديدة واللعب مع أقرانهم، يجدون أنفسهم محرومين من هذه البهجة البسيطة، إلا من رحم الله. تروي بعض العائلات كيف أن الغلاء قد حرمها من شراء أضحية العيد، وهو تقليد يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاحتفال بالعيد. الأسواق، التي كانت تعج بالمتسوقين والباعة، تشهد الآن هدوءًا غير معتاد بسبب الأسعار المرتفعة التي تجعل الكثيرين يعزفون عن الشراء.
*خالد ومنى : الاختيار بين الدين والديون*
في مدينة دار سعد بعدن يقف خالد يوسف مع زوجته وابنه أمام خيار صعب يتجولون في بين الأغنام، يبحثون عن "كبش" يتناسب مع ميزانيتهم المحدودة، لكن دون جدوى يقول خالد إن الأسعار مرتفعة بشكل قياسي هذا العام ، وراتبه لا يكفي لشراء "كبش" العيد، وعلى الرغم من معارضة زوجها، تفكر منى في الاقتراض لتوفير فرحة العيد لأسرتها.
*قرار التخلي*
صلاح علي، مواطن آخر، قرر التخلي عن شراء الأضحية هذا العام، يشير إلى أن الضغوط الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الأساسية قد أجبرته على إلغاء فكرة الاحتفال بالعيد، يخطط لشراء كمية من اللحم الجاهز بدلاً من الأضحية، محاولاً الحفاظ على بعض تقاليد العيد.
*يظل الأمل حاضراً*
على الرغم من الظروف الصعبة، يظل الأمل حاضرًا في قلوب الكثيرين، حيث يتشاركون الفرحة بطرق متواضعة، مؤكدين على قيم العيد الحقيقية: التكافل والتعاطف والتضامن. ويبقى الدعاء أن يأتي العيد القادم بظروف أفضل وفرحة أكبر للجميع ، وتبقى الفرحة بالعيد رمزًا للأمل والتجدد، حتى في أصعب الظروف. فالعيد ليس مجرد مناسبة للزينة والملابس الجديدة، بل هو وقت للتأمل والشكر على النعم التي لا تُعد ولا تُحصى. ومع أن الغلاء قد يحجب بعض تلك الفرحة، إلا أنه لا يستطيع أن يمحو الابتسامات الصادقة والقلوب المتحابة التي تجتمع حول معاني العيد الحقيقية. فلنتذكر دائمًا أن العيد هو فرصة للعطاء والمشاركة والتراحم، وأن السعادة الحقيقية تكمن في البساطة والمحبة والتواصل مع الآخرين.