يرى خبراء يمنيون أن ارتفاع حدة ودقة هجمات ميليشيا الحوثي ضد السفن التجارية في ممرات الملاحة الدولية مؤخرًا، بات يرتبط بالصراع الروسي مع الولايات المتحدة والدول الغربية، أكثر من ارتباطه بما يشهده قطاع غزة الفلسطيني.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، نجحت ميليشيا الحوثي في إغراق سفينة تجارية، في حين توشك الأخرى على الغرق، إضافة إلى سفينتين أخريين أصيبتا بإصابتين متوسطتين.
يأتي ذلك، في تحول جديد لنوعية الهجمات ودقتها، وبعد أشهر من الهجمات المتواصلة التي تمكن الحوثيون على إثرها من إغراق سفينة واحدة، واختطاف أخرى، وإصابات متوسطة في 3 سفن أخرى، منذ انطلاق الهجمات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وبثّت ميليشيا الحوثي، تسجيلًا مرئيًا لعملية شنتها الأربعاء قبل الماضي واستهدفت فيها سفينة "TUTOR" في البحر الأحمر، بزورقين مفخخين مسيّرين، للمرة الأولى ضد سفينة تجارية مدنية، بعد عدة محاولات فاشلة لاستخدامها ضد السفن العسكرية خلال الفترة الماضية.
مكاسب أبعد
ويقول خبير الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، علي الذهب، إن ما يحدث من تحوّل واستهداف دقيق للسفن وتوثيق ذلك، "ليس عملًا حوثيًا منفردًا، بل هناك أطراف إقليمية ودولية وراءه، علاوة على الدور الصيني".
ويضيف الذهب في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "الهجمات الحوثية الأخيرة، تهدف إلى تحقيق مكاسب أبعد مما يثيرونه أو يعلنون عنه، بشأن وقوفهم إلى جانب قطاع غزة، وما يتعرض له من عدوان".
وأشار إلى سعي الحوثيين لتحقيق مكاسب قد تجبر الولايات المتحدة وبريطانيا ودولاً أخرى، على إعطائهم امتيازات وتدفع بهم إلى إجراء مفاوضات مع الداعمين لهم.
ورجح خبير الشؤون الاستراتيجية والعسكرية، أن يكون للروس دور بشكل غير مباشر، إلى جانب الدور الإيراني في المقام الأول، "وكلا الدولتين تمثلان محورًا واحدًا".
وقال إن السفينة "TUTOR" التي استهدفت مؤخرًا في البحر الأحمر بقوارب مسيّرة مفخخة، كانت قد أطلقت نداء استغاثة في الوقت الذي كانت فيه سفينة حربية إيرانية، على بعد 80 ميلًا بحريًا، منها لكنها لم تستجب، "وهذا يعني أن هناك إخلالًا بالاتفاقيات الدولية المعنية بسلامة الأرواح في البحار".
ولا يستبعد الذهب أن تكون السفينة الحربية الإيرانية، قد شاركت في الهجوم، من خلال عملية الرصد والتصوير والدعم اللوجستي لتسهيل هذه الهجمات ضد الأهداف المدنية، في الوقت الذي تعجّ فيه البحار المحيطة، كالبحر الأحمر وخليج عدن، بالسفن الحربية.
ارتباط مباشر
في المقابل، يرى الخبير العسكري، العقيد وضاح العوبلي، أن الصواريخ والمقذوفات التي يستخدمها الحوثيون في الفترة الأخيرة، هي ذاتها المستخدمة في مراحل سابقة، وبذات الدقة، إلا أن نسبة وحجم الرؤوس المتفجرة قد زادت في الآونة الأخيرة.
وأشار إلى أن ذلك يعود إلى قرار التدمير والإغراق من عدمه، "وهذا القرار مرتبط ارتباطًا مباشرًا بأحداث ومواقف ذات بعد دولي وإقليمي ذي علاقة مباشرة بالصراع بين روسيا والغرب، وانعكاساته على الأمن الإقليمي".
وقال العوبلي لـ"إرم نيوز"، إنه من المهم الإشارة إلى أن استهداف السفينتين الأخيرتين في البحر الأحمر وخليج عدن مؤخرًا، "جاء متزامنًا مع مواقف غربية تصعيدية، من خلال منح أوكرانيا الضوء الأخضر لاستهداف الأراضي الروسية بصواريخ طويلة المدى، الممنوحة لها من الدول الغربية".
وبين بأن "هذا الأمر استدعى ردًا من الرئيس الروسي أكد فيه جاهزيته لدعم كل الدول والأطراف المعادية لأمريكا والغرب، حيث هدد صراحة بأنه سيقدم لها الصواريخ المتطورة وبعيدة المدى والفرط صوتية، لاستهداف مصالحها".
وأضاف أنه من خلال الربط بين هذه المواقف والأحداث والعمليات وتزامنها "يمكننا أن نجد ما يشير بوضوح إلى وجود ارتباطات فعلية بين تلك المواقف والعمليات التي تأتي على شكل ترجمة عملية لها".
تعقيد وتداخل
ويرى المحلل السياسي خالد سلمان، أن هناك رابطًا بين ضربات الحوثيين للسفن المدنية وتحقيق إصابات خلال الأيام القليلة الماضية، وبين ارتفاع حدة الاشتباك السياسي بين واشنطن وطهران، "على خلفية رفع إيران لمعدلات التخصيب، وتعقيدات جديدة تتصل بإدارة الملف النووي، ما يجعل الحوثي أداة ضغط إيرانية مفيدة لطهران في معركة المصالح".
وأشار إلى تعقّد خيوط الصراع اليمني بالتداخل مع القضايا الدولية، وتحوّل البحر الأحمر إلى ساحة تجاذبات ومقايضات وضغوطات متبادلة.
وقال إن حجم التداخل سيزداد في حال نفذ الرئيس الروسي تهديده بالدعم العسكري للأطراف المناهضة للقوات الأمريكية، حتى وإن لم تكن تلك الأطراف تحمل صفة دولة.
وأكد أن ميليشيا الحوثي "خطر راهن، لكنه آخذ بالتعاظم لجهة اللعب في المساحات الشاغرة للصراعات والتناقضات الدولية، كالصراع في أوكرانيا، وغيرها من نقاط التماس الملتهبة".