في ظل استمرار التصعيد العسكري بالبحر الأحمر، تشهد السواحل الجنوبية لمحافظة الحديدة، غربي اليمن، نفوق كميات من الأسماك والأحياء البحرية، وسط مخاوف من بدء تأثيرات تلوث بحري، جراء تسرب مواد كيميائية من سفينة "روبيمار" التي غرقت قبل أشهر، إثر هجوم حوثي.
ونشر ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرًا، مقاطع فيديو ملتقطة من سواحل مدينة الخوخة، جنوبي محافظة الحديدة، تظهر نفوق أسماك وأحياء بحرية، تزامنًا مع تغير لون الشاطئ وانتشار روائح كريهة، ما أثار ذعرًا في أوساط المجتمع اليمني، الذي يعتمد جزء كبير منه على البحر كمصدر رزق وغذاء.
تضارب حكومي
وكان وزير الإعلام والسياحة والثقافة لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، معمر الإرياني، قد أرجأ ذلك إلى تلوث مياه البحر بحمولة السفينة "روبيمار"، التي استهدفتها ميليشيا الحوثي، في فبراير/ شباط الماضي، بهجمات صاروخية، أدت إلى غرقها في مياه البحر الأحمر، قبالة سواحل البلاد، وعلى متنها آلاف الأطنان من "الأسمدة شديدة السميّة".
ونفى وكيل الهيئة العامة لحماية البيئة، بوزارة المياه والبيئة، عبد السلام الجعبي، وجود أي علاقة مباشرة لما يحدث في سواحل الخوخة، بـ"السفينة الغارقة روبيمار، التي لم نتلقَ أي بلاغات حتى الآن، عن تسرّب لحمولتها".
وقال الجعبي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن هذه الظواهر تحدث في مختلف السواحل، وهي ناتجة عن أنشطة الإنسان المختلفة، "منها ما هو ناتج عن الصيد غير المنظم، وممارسات الصيادين، وبعضها ناتج عن ظواهر طبيعية".
وأكد أنه في حال حدوث أي تسرّب من "روبيمار" أو نفوق للأسماك والأحياء البحرية نتيجة للتلوث، "سنكون أول من يعلن عن ذلك لتنبيه المواطنين، والتحرك لمحاصرة التلوث والقضاء عليه، بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة".
ومن جهتها، قالت رئيس هيئة أبحاث علوم البحار في وزارة الزراعة والريّ والثروة السمكية، عضو خلية إدارة أزمة "روبيمار"، الدكتورة هناء رشيد، إنه حتى الآن "لم يقم فريق علمي مهني بمشاركة هيئة علوم البحار، بدراسة الآثار البيئية الناتجة عن غرق السفينة".
وذكرت رشيد، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن ما حدث من وقت سابق "هو نزول غير مهني، تم خلاله أخذ عينات من الساحل، ولم تؤخذ العينات من المياه القريبة من موقع غرق السفينة روبيمار".
وحول ما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي عن نفوق أسماك جنوبي الحديدة، أكدت رشيد أنه لم يصلهم بلاغ رسمي من هيئة مصائد البحر الأحمر، أو من خلية إدارة الأزمة، يؤكد حدوث ذلك.
*ظاهرة طبيعية*
بدوره، أكد مدير عام التخطيط والمعلومات البيئية في الهيئة العامة لحماية البيئة، أمين الحمادي، أن ما يحدث في سواحل الخوخة "ظاهرة سنوية وطبيعية، تأتي نتيجة لهبوب الرياح الباردة والتيارات الهوائية الآتية من الشمال، فيما يعرف محليًا بحيض البحر، الذي يدفع الأسماك للجوء إلى السواحل الدافئة".
وأشار الحمادي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إلى احتمالية وجود علاقة غير مباشرة مع السفينة "روبيمار" الغارقة قبالة سواحل المخا.
وقال إن جزءًا من حمولة السفينة المكونة من 22 ألف طن من سماد "اليوريا" غير العضوي، قد ذاب في مياه البحر على مدى أكثر من 3 أشهر، "لذلك قد تكون تيارات الهواء الباردة السنوية قد أسهمت في انتشار اليوريا الذائب إلى مناطق أوسع في البحر الأحمر، وأدت إلى نفوق الأسماك في وقت مبكر".
ولفت إلى أن التواصل جارٍ الآن مع الهيئة العامة للشؤون البحرية، لمعرفة السبب الحقيقي الذي لا يمكن التثبت منه إلا بواسطة عينات مخبرية.
وعلى وقع حالة التوجس لدى الشارع المحلي، من التداعيات البيئية لغرق سفينة "روبيمار" قبالة السواحل الغربية للبلاد، منذ فبراير/ شباط الماضي؛ أغرقت ميليشيا الحوثي أخيرًا سفينة "توتور" في البحر الأحمر، والتي تقل على متنها 82 ألف طن من الفحم بحمولة سائبة، في حين توشك سفينة "فيربينا" على الغرق بعد إصابتها في مياه خليج عدن، ما يضاعف من حجم التحديات البيئية التي لم يعهدها اليمن.